أظهر استطلاع جديد للرأي العام في المملكة المتحدة أن الغالبية الساحقة من الناس تعتقد أن نظام الاختبار والتتبع لعدوى كورونا الذي تديره الحكومة من خلال القطاع الخاص، أثبت فشله.
وتبين من خلال بحث أجرته مؤسسة "سورفايشن" Survation (وكالة تُعنى باستطلاعات الرأي وأبحاث السوق) اطلعت عليه صحيفة "اندبندنت"، أن نحو 29 في المئة فقط من الناس يرون أن النظام كان ناجحاً في حين أن 60 في المئة اعتبروا أنه أخفق في تحقيق النتائج المرجوة.
هذه الخلاصات تأتي في وقت أظهرت نسخة مصغرة عن الموازنة التي أعدها وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك، أن نظام التتبع والاختبار سيحصل على إمداد مالي آخر بقيمة 15 مليار جنيه إسترليني (20.7 مليار دولار أميركي)، بحيث تصل كلفته الإجمالية إلى 37 مليار جنيه إسترليني (51 مليار دولار).
إلا أن ناشطين أشاروا إلى أن نتائج البحث أظهرت أن تجيير الحكومة "أجزاء كبرى" من خطة الاستجابة لتفشي فيروس "كوفيد" إلى القطاع الخاص، كان "خطأ فادحاً".
نظرة الرأي العام البريطاني السلبية للغاية إلى نظام تتبع المخالطين في البلاد، تقف على طرف نقيض مع الانطباع الإيجابي واسع النطاق الذي لقيه طرح هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS للقاح المضاد للفيروس، الذي تمت إدارته إلى حد كبير بالقدرات العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتبين من نتائج استطلاع وكالة "سورفايشن" Survation الذي قامت به بتكليف من منظمة "ابقوا الخدمات الصحية الوطنية مفتوحة للعموم"Keep Our NHS Public (حركة غير سياسية تقوم بحملات مناهضة لخصخصة الخدمات الصحية)، ومنظمة "نحن نملكها" We Own It (مؤسسة مستقلة تناهض خصخصة خدمات القطاع العام)، أن نحو 80 في المئة من الناس، اعتبروا أن حملة التطعيم التي تقوم بها مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" تسير بشكل جيد، مقارنة مع نحو 13 في المئة فقط من الذين قالوا إنها تتم بشكل سيىء.
وأظهر الاستطلاع أيضاً عدم رضى البريطانيين عن مسألة توريد معدات الحماية الشخصية التي دار حولها جدل في ما يتعلق بالعقود المتصلة بها. ورأى نحو 57 في المئة من الذين استُطلعت آراؤهم أنها جرت بشكل سيئ، في مقابل 33 في المئة فقط اعتبروها جيدة.
وقال الدكتور جون بونتيس الرئيس المشارك لمنظمة Keep Our NHS Public، إن "هذه النتيجة تبين أن عمل "الخدمات الصحية الوطنية" هو وحده الذي يحظى بتفضيل الرأي العام البريطاني، وفي الواقع، إن الجمهور رأى في هذا القطاع أكبر فائدة له حتى الآن".
وأضاف بونتيس، "إن عمليتي الحصول على معدات الوقاية الشخصية وتتبع المخالطين قد أظهرتا فشلاً بشكل مثير للذهول، وكانت نتائجهما مأسَوية للغاية. فقد لقي أشخاص حتفهم دونما داعٍ، نتيجة سعي الذين هم في الحكومة إلى تنفيع معارفهم الشخصية، أو بسبب الاعتماد على القطاع الخاص بدلاً من "الخدمات الصحية الوطنية" في تقديم مبادرات الصحة العامة".
و للإشارة فإن نظام الاختبار والتتبع واجه انتقادات متكررة منذ إطلاقه في أبريل (نيسان) العام 2020، بعدما تركز الاهتمام الحكومي على الاستعانة بمصادر خارجية، من خلال اعتماد شركات مثل "سيركو" Serco، واستخدام مستشارين خاصين بكلفة ألف جنيه إسترليني (1380 دولاراً) في اليوم.
وكان النظام الوطني في المملكة المتحدة قد أخفق في كل موجة تفش جديدة لفيروس "كوفيد - 19"، في تحقيق المستوى المطلوب من تتبع اتصال الأشخاص المصابين، لوقف انتشار العدوى. ورأى خبراء أن فرق الصحة العامة المحلية التي تعمل مع المجالس البلدية، حققت نتائج أفضل بكثير من نظام مراكز الاتصالات.
وأشارت "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" التابعة للحكومة Sage، إلى أن النظام كان له "تأثير هامشي" على الوباء، فيما رأى "مكتب التدقيق الوطني" National Audit Office في نوفمبر (تشرين الثاني) أنه "يتعين استخلاص العبر" مما حصل.
لكن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك أعلن يوم الجمعة الفائت أن نظام الاختبار والتتبع قد تمكن أخيراً، بعد عملية بحث دامت أسبوعاً، من العثور على شخص مصاب بالمتحور البرازيلي للفيروس.
في غضون ذلك، كشفت نسخة مصغرة عن الموازنة الحكومية هذا الأسبوع، أن خدمة الاختبار والتتبع التي تتولى إدارتها البارونة ديدو هاردينغ، ستحصل على 15 مليار جنيه إسترليني (20.7 مليار دولار) إضافية، للسنة المالية 2021 - 2022.
ومن شأن إضافة هذا المبلغ إلى آخر بقيمة 22 مليار جنيه إسترليني (30.36 مليار دولار) خُصص للإنفاق هذه السنة، أن ترفع إجمالي الإنفاق إلى 37 مليار جنيه إسترليني (51 مليار دولار) في خلال سنتين.
أما باسكال روبنسون المسؤولة عن حملات منظمة We Own It، فوصفت نتائج هذا الاستطلاع بأنه "يمثل إدانةً دامغة لطرق استجابة الحكومة البريطانية للوباء. فمنذ البداية، قررت الحكومة تسليم أجزاء ضخمة من خططها إلى القطاع الخاص ما أفضى في غالبها إلى نتائج كارثية.
وأضافت روبنسون، "بتنا نعرف الآن أن التعاقد مع مصادر خارجية والخصخصة، لم يؤديا فقط إلى خسارة عدد لا يحصى من الأرواح بلا داع، بل جعلا أيضاً الرأي العام يدرك أن كل جانب تعاطى به القطاع الخاص كان أقل نجاحاً بكثير من برنامج التطعيم الذي تديره مرافق "الخدمات الصحية الوطنية". لقد نجحت هذه المؤسسات العامة حيث فشل القطاع الخاص".
ورأت في المقابل أنه "بات واضحاً تماماً ضرورة استخلاص الحكومة دروساً مفيدة من برنامج التطعيم الخاص بها، فمستشفيات "الخدمات الصحية الوطنية" وخدمات الرعاية الأولية التي لا تتوخى الربح، تظل الأفضل لناحية تقديم استجابة فعالة في مجال الصحة العامة".
وفي تعليق رسمي على الموضوع، أوضح متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن "نظام "الخدمات الصحية للتتبع والاتصال" NHS Test and Trace، يعتمد على خبرة السلطات المحلية ودعم الشركات وقطاع التعليم للنجاح في احتواء فيروس كورونا، لمساعدتنا في إعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي".
وختم قائلاً، "أنشأنا أكبر شبكة تشخيص في تاريخ المملكة المتحدة. وقد اضطلع "نظام الخدمات الصحية للتتبع والاتصال"، منذ انطلاقته، بدور حيوي في منع انتقال عدوى "كوفيد – 19"، من خلال إجراء أكثر من 89 مليون اختبار، وإقامة أكثر من ألف مركز لاختبار الأعراض، والاتصال بنحو 9.2 مليون شخص للقيام بعزل أنفسهم".
© The Independent