يتوقع أغلب المحللين أن تبدأ الأسواق الرئيسة في العالم تعاملات الأسبوع المقبل بارتفاع مؤشرات الأسهم، متتبعة خطى إغلاق الأسواق الأميركية ليل الجمعة على ارتفاع طفيف بعد أسبوع مضطرب شهد تذبذبات كبيرة. وكانت أسواق السندات قد عادت للاستقرار بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، بعد موجة ارتفاع في العائد على سندات الدين، أي انخفاض أسعارها، وسط مخاوف من التضخم ورفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية.
وغالباً ما تفتح الأسواق الآسيوية صباح الاثنين متأثرة بآخر وضع لمؤشرات سوق "وول ستريت"، التي أنهت تعاملات الأسبوع الماضي، الجمعة، على ارتفاع، على الرغم من التذبذب الشديد على مدى الأسبوع. وأنهى مؤشر "داو جونز" الأسبوع على ارتفاع بنسبة 1.8 في المئة للمتوسط الأسبوعي، بينما ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز" بنسبة 0.8 في المئة الأسبوع الماضي. حتى مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا الذي يواصل التراجع على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، أنهى الأسبوع منخفضاً بنسبة اثنين في المئة، وهو تراجع بسيط مقارنة بالأسابيع الماضية.
وحصلت السوق على دفعة للأعلى بعد إعلان أرقام التوظيف في الاقتصاد الأميركي لشهر فبراير (شباط)، والتي جاءت أعلى من توقعات السوق. فقد أضافت الأعمال والشركات الأميركية 379 ألف فرصة عمل في فبراير، وهو رقم أعلى بنحو 160 ألف وظيفة عن المتوقع سابقاً.
هذا التحسن في أحد مؤشرات الاقتصاد الكلي أعطى دفعة إيجابية للسوق، سيضاف إليها هذا الأسبوع موافقة مجلس الشيوخ على حزمة التحفيز لمواجهة أزمة وباء كورونا بنحو 1.9 مليار دولار. ويتوقع أن يقر مجلس النواب الصفقة يوم الثلاثاء التاسع من مارس (آذار) ليوقعها الرئيس جو بايدن قبل نهاية الأسبوع.
سلاح ذو حدين
ومع أن الأسواق تقريباً أخذت في الحسبان الموافقة على الصفقة من قبل، بما يعني أن رد الفعل على إقرارها قد لا يكون كبيراً وقوياً، فإن الجزء المتعلق بشيكات نقدية للأسر الأميركية بقيمة 1400 دولار، سيعطي دفعة للسوق.
وبينما يرى بعض الاقتصاديين والمحللين في السوق أن حزمة التحفيز الاقتصادي عامل إيجابي يشجع السوق على التحسن، يرى آخرون أنها سلاح ذو حدين إذ إن ضخ المزيد من الأموال قد يؤدي إلى نشاط قوي يرفع معدلات التضخم ويضطر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) لرفع سعر الفائدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك مؤشراً هاماً من صفقة التحفيز غير الدعم النقدي المباشر للأميركيين، وهو ما تقوله إدارة الرئيس بايدن، إن الخطة ستوفر ستة ملايين فرصة عمل للأميركيين. ومع التوسع في التطعيم بلقاحات فيروس كورونا واحتمالات فتح الاقتصاد نهائياً في الصيف، ستقود الزيادة في أرقام العمالة وتحسن الدخول إلى زيادة كبيرة في الطلب ترفع معدلات التضخم أيضاً.
لذا يرى البعض أن ما قد يكون تحسناً في الاقتصاد الكلي ربما لا يكون مفيداً للسوق مع زيادة المخاوف من معدلات التضخم واحتمالات رفع الفائدة وارتفاع تكلفة الاقتراض، لكن هناك جانباً آخر، وهو أن خطة التحفيز واستعادة النشاط الاقتصادي ستجعلان المستثمرين يقبلون من الآن على أسهم الشركات التي تضررت من أزمة وباء كورونا، وينتظر أن تستفيد من انتهائها وفتح الاقتصاد.
بيانات التضخم
لذا يترقب المستثمرون بقلق الإعلان الأسبوع المقبل عن أرقام مؤشر أسعار المستهليكن، وهو مقياس أساسي لمعدل التضخم في الاقتصاد. وتعلن قراءة المؤشر لشهر فبراير يوم الأربعاء المقبل، وفي اليوم التالي تعلن أرقام طلبات الإعانة للعاطلين عن العمل، وهي مؤشر أسبوعي أولي على معدلات البطالة.
وكان مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يناير (كانون الثاني) عند 1.4 في المئة، وهو معدل أقل من المستهدف للاحتياطي الفيدرالي من تضخم بنسبة اثنين في المئة. ولا يتوقع أن يرتفع المؤشر كثيراً لشهر فبراير، لكن المشكلة أن مخاوف المستثمرين، والعوامل النفسية بالأساس، تدفع سوق السندات للاضطراب. فقد ارتفع العائد على سندات الخزينة الأميركية متوسطة الأجل لمدة عشر سنوات إلى ما فوق 1.5 في المئة. وغالباً ما يبدأ قلق السوق عندما يرتفع العائد بأكثر من معدل التضخم.
فاحتمالات رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم تأكل من قيمة العائد على السندات، ما يجعله يرتفع، بالتالي يهبط سعر السندات الذي يتناسب عكسياً مع العائد عليها.
وتترقب الأسواق أيضاً مزادين على سندات الخزينة الأميركية الأسبوع المقبل، أهمها يوم الأربعاء حين تطرح سندات خزينة لمدة عشر سنوات بقيمة 38 مليار دولار، ثم الخميس حين تطرح سندات خزينة طويلة الأجل لمدة 30 عاماً بقيمة 28 مليار دولار. وهذان المزادان ستعتبرهما السوق مؤشراً على مستقبل أسعار الفائدة، إذ إن سعر العائد في المزاد سيكون مؤشراً على توجه الاحتياطي الفيدرالي. وعلى الرغم من أن هناك مزاداً آخر يوم الثلاثاء المقبل على سندات خزينة قصيرة الأجل لمدة ثلاث سنوات بقيمة 58 مليار دولار، فإن سعر الفائدة على السندات متوسطة وطويلة الأجل هو الأهم.
وربما يخفف من أي تأثير كبير لحزمة التحفيز على الأسواق، إلى جانب أنه تم احتسابها بالفعل، أن المتعاملين يتطلعون لاجتماعات لجنة السياسات النقدية في الاحتياطي الفيدرالي يوم 17 مارس، أي الأسبوع التالي.
وينتظر أن يتضمن بيان اللجنة في ختام اجتماعاتها إشارة إلى مستقبل السياسة النقدية وإلى متى سيستمر الاحتياطي في سياسة التيسير النقدي وإبقاء الفائدة قرب الصفر.