استقال رئيس "جمعية المحررين" Society of Editors- الهيئة النقابية الممثّلة للجسم الصحافي في المملكة المتحدة - من منصبه، بعد تعرّض المنظمة لانتقادات بسبب ردّ فعلها على الاتهامات التي وجّهها دوق ودوقة ساسيكس إليها بـ"العنصرية".
ورأى إيان موراي، رئيس التحرير التنفيذي أنه يجب أن "يتحمّل اللوم" بنفسه وأن يتنحى بعد الانتقادات الشديدة لهيئة هذا القطاع.
تأتي هذه الخطوة بعد إعلان تشارلين وايت مقدمة برنامج "أخبار آي تي في" ITV News، أنها لن تستضيف حفل "جوائز الصحافة" الذي تقيمه الجمعية، في وقت أكدت وسائل إعلامية بما فيها "هافينغتون بوست" Huffington Post و"يوركشير بوست" Yorkshire Post و"مكتب الصحافة الاستقصائية" Bureau of Investigative Journalism، انسحابها من الحدث بعد ترشيحها لنيل جوائز، مكأفاة لها على عملها.
وكانت "جمعية المحررين" قد ردّت في البداية على الاتهامات التي وجّهها هاري وميغان إلى وسائل الإعلام بالعنصرية، في بيان ينفي تلك المزاعم، قائلةً "إن وسائل الإعلام البريطانية ليست متعصبة ولن تتراجع عن ممارسة دورها الحيوي في محاسبة الأغنياء والأقوياء".
وأوضحت الهيئة على أثر صدور احتجاجات من أعضاء في الجسم الصحافي في المملكة المتحدة، أن بيانها "جاء بهذه الروحية" دفاعاً عن حرية التعبير، "لكنه لم يعكس ما نعرفه جميعاً بأن هناك الكثير من العمل الذي يتوجّب القيام به، لتحسين التنوع والشمولية في وسائل الإعلام".
وأضاف موراي على هذا التوضيح بالإشارة إلى أن هذا التعليق "لم يكن يُقصد به التعمية على حقيقة أنه يتطلّب من صناعة الإعلام في المملكة المتحدة العمل على تعزيز التنوع والشمولية".
لكنه قال: "على الرغم من أنني غير موافق على أن بيان الجمعية كان يُقصد منه بأيّ شكل من الأشكال الدفاع عن العنصرية، إلا أنني أقرّ بأنه كان يمكن أن يكون أكثر وضوحاً في إدانته للتعصب الأعمى، وأنه قد تسبّب بشكل واضح في إثارة الغضب. من هنا، وبصفتي مديراً تنفيذياً أتولّى قيادة الجمعية، يتعيّن عليّ تحمّل اللوم، لذا قررت أنه من الأفضل لمجلس الإدارة والعضوية، أن أتنحّى عن المسؤولية، كي تتمكّن المنظمة من العمل على إعادة بناء سمعتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما أكد إيان موراي أنه يستقيل "بقلب مثقل بالمرارة"، أشار إلى أنه "فخور" بنهج الجمعية في مجال "الدفاع عن حرية وسائل الإعلام على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة التي كنتُ فيها على قمة هرم القيادة، إضافةً إلى المبادرات التي قمنا بها وما زلنا لتعزيز التنوع في غرف التحرير".
وقبل استقالة رئيس "جمعية المحررين"، أعلنت المقدمة التلفزيونية وايت قرارها عدم استضافة حفل توزيع جوائز الصحافة، في رسالة وصفت فيها نفسها بأنها "امرأة سوداء لطالما التزمت النضال من أجل ما تؤمن به، بغضّ النظر عن تأثير ذلك في مهنتي".
وأضافت: "بعد تعليقاتكم الأخيرة في ما يرتبط بالعرق والصحافة في المملكة المتحدة، قررت ألا أقدّم حفل ’جوائز جمعية المحررين للصحافة البريطانية‘ هذا الشهر".
ومضت تشارلين وايت تقول في رسالتها: "قبل بضعة أعوام، اتصلت بي مؤسستكم كي أكون ضمن حكام جوائزها وكي أعمل معكم، لأنه في ذلك الوقت كانت الجمعية تعاني إلى حدّ كبير من نقص في أن تشكّل انعكاساً عادلاً لسكان المملكة المتحدة. وبعبارة أخرى، فإن قائمة الترشيحات والفائزين، اشتملت على عدد قليل جدّاً من الصحافيين غير البيض".
ووصفت ما يحصل بأنه "للأسف ليس بالسيناريو غير العادي. فقد تم على مر الأعوام تحميل عدد من المنظمات المسؤولية عن استهداف وتجاهل عمل المهنيين من الأقليات العرقية والنساء. لذا، أخبرتموني أنكم تريدون تغيير ذلك الوضع. وقد تحدثنا في الواقع مطوّلاً عن ذلك".
وقالت: "إن السبب يتمثّل في أنني أعمل فقط مع منظمات تترجم أقوالها إلى أفعال. إن وقتي ثمين، وأفضّل ألا أضيعه. فمنذ أن رسخت حركة ’حياة السود مهمة‘ Black Lives Matter وجودها فعلاً في المملكة المتحدة العام الماضي، كان على كل مؤسسة في هذه البلاد أن تراجع في النهاية إخفاقاتها وموقعها لجهة تعاملها مع الأقليات العرقية داخل جدرانها وخارجها. لكن لسبب غير معروف، يسود شعور بأن الصحافة البريطانية تبدو مستثناة من هذا النقاش".
وتوجّهت مذيعة "آي تي في" إلى "جمعية المحررين" بالقول: "قد يكون من الأفضل بالنسبة إليكم أن تبحثوا في مكان آخر عن شخص يستضيف حفل جوائزكم هذه السنة. هذا الشخص ربما تلتقون معه في الرأي القائل إن الصحافة البريطانية هي المؤسسة الوحيدة في البلاد بأكملها التي لديها سجل مثالي في مسألة العنصرية".
في غضون ذلك، حرصت منشورات إعلامية كان اسمها قد طُرح للتكريم من خلال الجوائز، على النأي بنفسها عن الجمعية.
وكتب جيمس ميتشينسون، رئيس تحرير يومية "يوركشاير بوست" في رسالة توجّه بها إلى القراء، أنه لن يشارك "للأسف إنما انطلاقاً من اقتناع شخصيٍ مطلق"، في جوائز الجمعية الممنوحة للصحافة الإقليمية. وأضاف: "بصفتي رجلاً أبيض البشرة في الأربعين من العمر، أشعر أنني غير مهيّأ ومؤهل لخوض مثل هذه المعركة، لكنني لن أسمح للون بشرتي أو لمكانتي الاجتماعية أن يحولا دون تحقيق رغبتي في الإصغاء والتعلّم والعمل على تحسين نفسي والمكان الذي أعمل فيه".
أما "مكتب الصحافة الاستقصائية"، فرأى أخيراً أن "بيان جمعية المحررين الذي ينفي وجود روح التعصب والعنصرية في وسائل الإعلام البريطانية، يظهر نقصاً في الوعي وفي فهم المشكلات الراسخة والمستمرة التي نراها".
© The Independent