مجدداً، أثار وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، اليميني المتطرف، الجدل في الأوساط الإيطالية، عقب قراره الجديد فرض مراقبة على مراكز تجمّع الجالية المسلمة في البلاد، وذلك إثر شجار بين رجلين أجنبيين مُشرّدين، أحدهما عربي مسلم، تطور إلى حالة طعن، وترديد عبارات "معادية للمسيحية"، بحسب الشرطة، التي اعتبرته يحمل دلالات "كراهية للمسيحيين".
وأمر سالفيني، وهو زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف، الشرطة "بمراقبة مراكز تجمّع أبناء الجالية الإسلامية من كثب، واتّخاذ مزيد من إجراءات (السيطرة والرقابة) على مناطق تجمع المواطنين المسلمين لمنع أي نوع من أنواع العنف ضد المواطنين الأبرياء"، على حد تعبيره، من دون تقديم المزيد حول إجراءات المراقبة التي ينوي فرضها على المسلمين.
شجار يتطور إلى طعن
وقالت الشرطة، أمس الثلاثاء، إنه كان هناك شجار في نهاية الأسبوع بين رجلين مُشرّدين بالقرب من محطة قطار تيرميني، بالعاصمة الإيطالية روما، هاجم خلالها رجل مغربيّ آخر جورجيّاً. ووفقا للشرطة، قال الضحية للمحققين إن الشخص الذي هاجمه طعنه في الرقبة بعدما شاهده يرتدي قلادة يتدلى منها صليب ووصفه بأنه "كاثوليكي إيطالي لعين".
سالفيني وتاريخ من معادة المهاجرين والمسلمين
لم يكن قرار سالفيني، الوزير الإيطالي، الأول من نوعه الذي يعتبره منتقدون لسياساته متشدداً تجاه المسلمين، فخلال الشهور الأخيرة انتهج سالفيني سياسات مناهضة للمسلمين وكذلك المهاجرين، وفي أواخر العام الماضي أعلن عدم بناء مساجد جديدة في البلاد، مشيراً إلى أن تخصيص أراضٍ لهذا الغرض يثير "غضب" المواطنين الإيطاليين.
وكتب سالفيني، المولود عام 1972، في هذا الصدد على صفحته بموقع (تويتر) "لن تكون في البلاد مساجد جديدة"، مضيفاً "سيكون منح أراضٍ من البلديات لبناء مساجد جديدة ضرباً من الجنون". وأشار سالفيني، الذي يتزعم حركة "رابطة الشمال" اليمينية، إلى أن المواطنين الإيطاليين "يشعرون بالغضب" عند تخصيص مساحات تابعة للبلديات لتشييد مساجد، "وهم محقون في شعورهم هذا"، وأردف "لذا لا لمساجد جديدة".
كما أن لسالفيني مواقف أخرى، تجاوزت فكرة معارضته بناء مساجد جديدة، إلى حدّ الدعوة إلى هدم بعض المساجد الموجودة في إيطاليا، معتبراً أنه "لا مجال للتوفيق بين التشريعات المدنية الإيطالية وأحكام الشريعة الإسلامية"، كما يدعو أيضا إلى "إعادة النظر في صيغة التعايش مع المعتقدات الدينية الأخرى في المجتمع الإيطالي".
In diretta dal @Viminale dopo la riunione su sicurezza, terrorismo, estremismo islamico e immigrazione. https://t.co/xeqssziYfZ
— Matteo Salvini (@matteosalvinimi) ٢٤ أبريل ٢٠١٩
يذكر أن برنامج الائتلاف الحاكم، الذي يجمع بين "رابطة الشمال" وحركة "خمس نجوم" الشعوبية، ينص على "تتبع تمويل بناء المساجد، وأماكن العبادة، حتى لو تمّت تسميتها بشكل مختلف، وتوفير الأدوات الكافية للسماح بالسيطرة الفورية على جميع الجمعيات الإسلامية، وكذلك المساجد والمصليات الراديكالية وإغلاقها، ولو كانت مقننة".
وإثر تلك المخاوف بين الجالية المسلمة في إيطاليا، طالب الرئيس الوطني لاتّحاد الهيئات الإسلامية في إيطاليا (أوكوي) وإمام بولونيا، ياسين لفرم، في رسالة مفتوحة وجهها لوزير الداخلية بـ"التدخل لحماية المؤمنين الذين يتجمعون كل يوم في المراكز الإسلامية لممارسة أنشطتهم الدينية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر لفرم، وفق ما نقلت عنه وكالة "أكي" الإيطالية، أن "المساجد والجمعيات والمراكز الإسلامية كانت دائماً ملتزمة في جميع أنحاء الأراضي الوطنية، من أجل دمج المواطنين المسلمين الذين يتعرضون لمزالق الدعاية المعادية للإسلام، والتي ينجم عنها نتائج تزداد خطورة على كل المواطنين عامة، وعلى المواطنين المسلمين بشكل خاص".
الإسلام في إيطاليا
ورغم وجود أكثر من 700 مكان عبادة للمسلمين في إيطاليا، إلا أن عدد المساجد الرسمية لا يتعدى 6 فقط؛ حيث يؤدي العديد من المسلمين صلاة الجماعة في أماكن مؤقتة في ظاهرة متزايدة.
ووفق معطيات رسمية، يبلغ عدد المسلمين، وهم ثاني أكبر جماعة دينية في إيطاليا، مليوناً و613 ألفا، يحمل 150 ألفا منهم الجنسية الإيطالية، فيما يتمتع الباقون بإقامات قانونية. ويبلغ إجمالي عدد سكان البلاد نحو 60 مليون نسمة.
وفي الوقت الذي لم يكن فيه الإسلام والمسلمون قضية ذات أولوية بالنسبة لصانعي السياسة في البلاد منذ عقود، فإن سياق ما بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، في الولايات المتحدة، أدى بالسياسيين إلى التدخل أكثر فأكثر في الحياة اليومية للمسلمين وفي عباداتهم.
وفي الفترة بين عامي 2005 و2017، وضع الساسة الإيطاليون مجموعة من القواعد التي تهدف إلى تنظيم ومراقبة المسلمين في البلاد، منطلقين في ذلك من أولويات ما يعتبرونه الأمن ومكافحة الإرهاب، وتدهورت هذه الحالة أكثر خلال الأشهر الأخيرة مع أزمة اللاجئين وتشكيل حكومة ائتلافية شعوبية يمينية متطرفة في ربيع العام 2018.