قناة السويس أو كما يطلق عليها المصريون "شريان الحياة" هي ممر مائي اصطناعي ازدواجي، يبلغ طولها 193 كيلومتراً، وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وتنقسم طولياً إلى قسمين شمال البحيرات المرة وجنوبها، وعرضياً إلى ممرين في أغلب أجزائها لتسمح بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا.
تاريخ القناة
وتعتبر القناة أسرع ممر بحري بين القارتين، وتوفر نحو 15 يوماً في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح. وبدأت فكرة إنشائها عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، حيث فكر نابليون بونابرت في شق القناة، إلا أن تلك الخطوة لم تُكلل بالنجاح.
وفي 1854 استطاع السياسي الفرنسي فرديناند دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع، وحصل على موافقة الباب العالي، فمنح بموجبه الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة 99 سنة.
استغرق بناء القناة 10 سنوات من 1859 إلى 1869، وأسهم في عملية الحفر نحو مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألفاً في أثناء الحفر، نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة. وافتتحت القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة.
وفي 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية، إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي يوليو (تموز) 1956 أمّم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قناة السويس، ما تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي، الذي انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.
وتسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس أكثر من ثماني سنوات، حتى أعاد الرئيس السادات افتتاحها في يونيو (حزيران) 1975، بعد فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، ووقف إطلاق النار ضمن أحداث حرب أكتوبر (تشرين الأول).
وشهدت القناة بعد ذلك مشاريع عدة، لتوسيع مجراها وتقليل وقت عبورها، بدأت عام 1980، وكان آخرها في السادس من أغسطس (آب) 2015 مع افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.
ما دور القناة الجديدة؟
في تصريحات خاصة لـ "اندبندنت عربية"، قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، "السياسات التي انتهجتها الهيئة خلال الفترة الماضية عزّزت من تقليل تأثير تداعيات تأثر حركة التجارة العالمية على إيرادات القناة"، مؤكداً نجاح الهيئة في التعامل بمرونة وحرفية مع التحديات الدولية والمتغيرات الطارئة من خلال انتهاج استراتيجية عمل تعتمد على التطوير المستمر للمجرى الملاحي للقناة، وتطبيق سياسات تسويقية وتسعيرية مرنة لجذب عملاء جدد وخطوط ملاحية، لم تكن تعبر القناة من قبل حيث لا يحقق لها المرور في القناة وفراً كبيراً.
وأشار ربيع إلى أهمية القناة الجديدة ودورها في رفع التصنيف العالمي لقناة السويس، وتعزيز قدرتها على مواكبة التطورات المتلاحقة في صناعة النقل البحري واستيعاب الأجيال الجديدة من السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة، مع توفير كل عوامل السلامة والأمان للسفن العابرة لتظل قناة السويس الخيار الأول لمشغلي السفن على الطرق المرتبطة بها.
وشدد ربيع على حرص الهيئة على تطوير الخدمات الملاحية المقدمة للسفن العابرة، وتفعيل التواصل مع العملاء، بما يسهم في تحقيق المصلحة المشتركة وتعظيم تنافسية القناة، لتكون دوماً الاختيار الأول مقارنة بالطرق البديلة، بما يصب في صالح الاقتصاد المصري.
وأضاف، أن الهيئة بصدد عدد كبير من المشاريع، أهمها إنشاء أسطول مصري للصيد، يضم مئة سفينة صيد، بتكلفة استثمارية 1.8 مليار جنيه (0.115 مليار دولار)، وجرى تقسيم المشروع إلى 3 مراحل، هي 34 سفينة في المرحلة الأولى، و34 سفينة في الثانية و32 سفينة بالثالثة.
وأوضح ربيع أن المرحلة الأولى انتهت بالكامل، مشيراً إلى أنهم الآن في مرحلة التجارب، وجاهزون للعمل فوراً. ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الثانية بـ 34 سفينة بنهاية هذا العام الجاري، على أن يجري الانتهاء من تنفيذ المشروع بالكامل بنهاية العام المقبل.
تسيطر على 8.3 في المئة من حركة التجارية العالمية
وقبل أيام، أعلنت هيئة قناة السويس أن القناة تعد شرياناً رئيساً لحركة التجارة العالمية المنقولة بحراً، حيث يعبر من خلالها 8.3 في المئة من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقرب من 25 في المئة من إجمالي حركة البضائع عالمياً، و100 في المئة من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحراً بين آسيا وأوروبــا، فضلاً عن كونها إحدى أهم حلقات سلاسل الإمداد العالمية، نظراً إلى موقعها الجغرافي الفريد، وما تقدمه من خدمات ملاحية للسفن العابرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تستطيع القناة استيعاب نحو 100 في المئة من الأسطول العالمي لسفن الحاويات، و92.8 في المئة من أسطول سفن الصب الجاف، ونحو 61.9 في المئة من ناقلات البترول ومنتجاته و100 في المئة من باقي أنواع الأسطول الأخرى (بحمولة كاملة) و100 في المئة من كل سفن الأسطول العالمي فارغ أو بحمولة جزئية.
ووفق البيانات الرسمية، فقد شهد العام الماضي تطوراً لافتاً في أعداد وحمولات السفن العابرة للقناة، إذ سجلت حركة الملاحة بالقناة عبور نحو 18880 سفينة، مقابل عبور 18174 سفينة خلال عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 3.9 في المئة، بينما بلغ إجمالي الحمولات الصافية العابرة لقناة السويس 1.2 مليار طن صافي خلال عام 2019 مقابل 1.1 مليار طن خلال عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 5.9 في المئة.
كما زادت كمية البضائع العابرة لقناة السويس من 983 مليون طن خلال عام 2018 إلى 1031 مليون طن خلال 2019 بنسبة قدرها 4.9 في المئة، وزادت حصيلة الإيرادات المحققة بالدولار من 5.7 مليار دولار عام 2018 إلى 5.8 مليار دولار عام 2019 بنسبة زيادة قدرها 1.3 في المئة.
32.4 مليار دولار عائدات 6 سنوات
وخلال الفترة الماضية وفرت قناة السويس إجمالي إيرادات بلغ نحو 32.442 مليار دولار. حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي عائدات القناة بلغت نحو 5.372 مليار دولار خلال العام المالي 2014 - 2015. كما وصلت إلى نحو 5.100 مليار دولار في 2015 - 2016. لكنها هوت إلى 4.900 مليار دولار خلال 2016 - 2017، ثم ارتفعت إلى 5.600 مليار دولار خلال العام المالي 2017 - 2018.
وخلال 2018 - 2019 ارتفعت إيرادات مصر من القناة، لتسجل نحو 5.750 مليار دولار، ثم تراجعت بشكل طفيف إلى نحو 5.720 مليار دولار في 2019 - 2020.
في المقابل، يقول ياسر حنفي الديب، أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر، "سبب تسمية قناة السويس بهذا الاسم يرجع لروايات مختلفة، فهناك رواية تقول بسبب البدء في حفر القناة من الجنوب حيث خليج ومدينة السويس، ثم استكمال الحفر ناحية الشمال، ورواية أخرى ترجع سبب التسمية إلى أن منطقة قناة السويس القديمة كانت تسمى برزخ السويس، ولعل هذا هو أرجح الآراء".
وأوضح الديب، أن قناة السويس ما زالت تعد الممر الأسهل والأقصر بين البحرين المتوسط والأحمر، وتكمن أهميتها في السماح للسفن بالإبحار بين أوروبا وشرق آسيا، ويصل طول القناة إلى 193.30 كيلومتر، وتشرف على القناة هيئة تسمى "هيئة قناة السويس"، وتستخدم في حالة الحرب كما تستخدم في حالات السلم.
وقد سجل التاريخ أن مصر كانت أول بلد حفر قناة عبر أراضيها بهدف تنشيط التجارة العالمية، لأن قناة السويس تعد أقصر الطرق بين الشرق والغرب، ونظراً إلى موقعها الجغرافي الفريد، فهي قناة دولية مهمة، وتعود فكرة ربط البحر المتوسط مع الأحمر عن طريق قناة منذ زمن بعيد. كما تشير إلى ذلك الدراسات التاريخية بدءاً من العصر الفرعوني، ومروراً بالعصر الإسلامي، حتى جرى حفرها للوصول إلى حالتها الراهنة.
ومن حيث أهمية قناة السويس الاقتصادية والتجارية، فهي تسهم في انخفاض الناحية المادية لعملية النقل التجاري بين الدول، كما أنها توفر الوقت والجهد اللذين كانا في السابق قبل حفر القناة، لذلك فهي تمثل نحو 80 في المئة من حركة الشحن التجاري في العالم.