نجحت قوى الحرية والتغيير السودانية في فرض مطالبها في التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي. إذ اتفق الجانبان على لجنة مشتركة لتسوية القضايا العالقة، في حين استمرت المعارضة في التظاهر والاعتصام للضغط على المجلس لتحقيق مكاسب بشأن تشكيل الحكومة المدنية والبرلمان الانتقالي منفردة.
لجنة مشتركة لحل الخلافات
أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير تأجيل إعلان أسماء مرشحيها إلى السلطة المدنية الانتقالية، وذلك للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، سعياً إلى التوصل إلى اتفاق شامل مع المجلس العسكري الانتقالي، "وبناءً على المستجدات، والاتفاق حول الخطوات المقبلة مع المجلس العسكري".
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي اتفاقه مع المعارضة على "الشراكة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان"، بعد اتفاق الطرفين على كثير من القضايا، في حين بقي القليل من نقاط الخلاف. لذلك، أُتفق على تشكيل لجنة مشتركة بين المجلس العسكري والتحالف لمناقشتها وتقديم مقترحات بشأنها.
وجرى التوافق بين الطرفين على معظم جوانب المذكرة التي طرحها تحالف القوى.
وقال أحمد ربيع، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير، إن التحالف استجاب دعوة المجلس العسكري للاجتماع. وأشاد ربيع بالأجواء التي سادت المشاورات، إذ تم التأكيد على المسؤولية المشتركة بين الجانبين وعلى قيادة قوى التغيير للحراك الثوري، وتثمين دور القوات المسلحة في حماية أرواح المواطنين. وأوضح أن اللجنة المشتركة ستنظر في نقاط الخلاف الخاصة بترتيبات الانتقال وصلاحيات الأجهزة والهياكل المختلفة خلال الفترة الانتقالية.
وكشف عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر الوطني وعضو قيادة قوى التغيير، أن المجلس العسكري طلب من التحالف تقديم مرشح لرئاسة الوزارة، مشيراً إلى أن التحالف سيعكف على طرح الأسماء للاتفاق على مرشح. ورجح أن تكون الحكومة حكومة كفاءات لا محاصصات بين قوى التحالف، الذي يضم خمسة تكتلات وأكثر من 60 تنظيماً.
لا عزل إلا لحزب البشير
أعلن الفريق شمس الدين الكباشي، الناطق باسم المجلس العسكري، في تصريح الخميس، أن المجلس يفضل استمرار المجلس العسكري بالقيام بالمهمات السيادية والأمنية، على أن تتولى القوى السياسية تشكيل مجلس الوزراء. وأكد أن المجلس العسكري لن يعزل أي طرف سياسي عن المشاورات بشأن ترتيبات المرحلة الانتقالية سوى حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً.
وتطالب قوى الحرية والتغيير بمجلس رئاسي مدني يضطلع بالمهمات السيادية في الدولة، ومجلس تشريعي مدني يقوم بالمهمات التشريعية الانتقالية، ومجلس وزراء مدني مصغر مؤلف من الكفاءات الوطنية يقوم بالمهمات التنفيذية للفترة الانتقالية.
وقال وسيط سوداني أسهم في تقريب المواقف بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، لـ "اندبندنت عربية"، إن نقطة الخلاف الأساس هي تشكيل مجلس سيادي. إذ يتمسك المجلس العسكري بالاستمرار حتى نهاية الفترة الانتقالية والاحتفاظ بالمهمات السيادية، مقترحاً أن يكون هناك اجتماع مشترك لبت القضايا السيادية والأمنية الكبيرة كي لا يحدث تنازع بين الجانبين.
وتوقع الوسيط أن تناقش اللجنة المشتركة صلاحيات المجلس العسكري ومجلس الوزراء والبرلمان الانتقالي وهياكل هذه المؤسسات. ورأى أن مهمة اللجنة ستكون صعبة و"الشيطان في التفاصيل".
مواكب مستمرة
وصل آلاف السودانيين، الخميس، إلى مقر الاعتصام في العاصمة الخرطوم أمام مقر قيادة الجيش، للمشاركة في "مليونية" السلطة المدنية، التي دعت إليها المعارضة. وانطلقت الحشود باتجاه مقر الاعتصام من مدن شندي في الشمال ومدني والمناقل في الوسط وكوستي في الجنوب.
وداخل الخرطوم، توجهت مواكب الرياضيين والطلاب إلى مقر الاعتصام، في حين سيّر القضاة والصحافيون مواكب مماثلة تطالب باستقلال القضاء وإعادة هيكلته وحرية الصحافة ووسائل الإعلام خلال فترة الانتقالية، وتنقيتها من عناصر "الدولة العميقة" من الموالين لنظام الرئيس السابق عمر البشير.
المهدي يحذر
قال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي، الخميس، إن المجلس العسكري سيسلم السلطة إلى حكومة مدنية، واصفاً الاجتماع الذي أجراه حزبه مع المجلس الانتقالي بـ "الإيجابي والمطمئن".
ورأى المهدي أن "نجاح الفترة الانتقالية رهن باستعداد القوى المعنية واتفاقها على رؤية واضحة"، مشيراً إلى اجتماع ثان ستعقده قوى الحرية والتغيير بكل مكوناتها، غداً الجمعة، لتشكيل لجنة التفاوض مع المجلس العسكري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر من أن السودان قد يواجه انقلاباً مضاداً إذا لم يتوصل المجلس العسكري والمعارضة إلى اتفاق بشأن تسليم السلطة. وعبّر المهدي عن اعتقاده بأن المجلس العسكري سيسلم السلطة إلى المدنيين في حالة الخروج من المأزق الحالي.
ودعا قوى الحرية والتغيير إلى الإسراع في تشكيل مجلس مصغر للتفاوض وتقديم الرؤى إلى المجلس العسكري، ومناقشة تفاصيل تكوين هياكل المرحلة الانتقالية.
استقالات من المجلس العسكري
تقدم ثلاثة من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي باستقالتهم من عضوية المجلس، الذي يضم 10 أعضاء. ووُضعت أمام المجلس استقالة الفريق أول عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية وعضوي اللجنة الفريق جلال الدين الشيخ والفريق شرطة الطيب بابكر. ولم يبت المجلس الاستقالات بعد.
وكان تحالف قوى الحرية والتغيير قد وجه انتقادات عنيفة للثلاثي، واعتبرهم جزءاً من النظام السابق. وأُتهم زين العابدين تحديداً بالسعي إلى إعادة إنتاج النظام القديم.
وعمل الشيخ نائباً لمدير جهاز الأمن والمخابرات منذ فبراير (شباط) 2018، وتتهمه المعارضة بأنه مساهم في قمع التظاهرات التي أطاحت نظام البشير، في حين يشغل بابكر منصب المدير العام للشرطة السودانية، وكذلك تحمّله المعارضة مسؤولية تعامل الشرطة العنيف مع المتظاهرين.
وتأخذ قوى الحرية والتغيير على اللجنة السياسية محاورة قوى كانت شريكة نظام البشير حتى لحظة سقوطه، بغرض إلحاقها بالحكومة الانتقالية، وإصرارها على النظر في مقترحات القوى التي أنتجت الثورة ضمن 120 مقترحاً قدمتها أحزاب كانت "صنيعة للنظام السابق".