تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن انتقادات متزايدة من القادة الجمهوريين بشأن الوضع المتأزم على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مع زيادة تدفق المهاجرين الذين يرغبون في العبور إلى أراضيها. ويلقي المنتقدون باللوم على سياسات بايدن التي تشجع المهاجرين غير الشرعيين، إذ تسعى إدارته إلى التراجع عن بعض السياسات التقييدية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب.
وفي وقت سابق من مارس (آذار) الجاري، أفادت وكالة "رويترز" باحتجاز سلطات الحدود الأميركية قرابة 100 ألف مهاجر على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في فبراير (شباط) الماضي مقارنة بـ87 ألف في يناير (كانون الثاني)، في أعلى حصيلة لشهر فبراير منذ 2006. والأسبوع الجاري، نشرت وسائل إعلام أميركية تقارير تفيد بأزمة متفاقمة على الحدود الجنوبية من البلاد، ونشر موقع "أكسيوس" صوراً من داخل أحد مرافق الاحتجاز المؤقتة، تكشف عن وضع سيّء للمهاجرين مع امتلاء ملاجئ الأطفال ومراكز احتجاز العائلات التابعة للحكومة.
منع التغطية الإعلامية
ونظراً إلى أن إدارة بايدن فرضت قيوداً على التغطية الإعلامية في المرافق التابعة لإدارة الحدود، حصل الموقع الأميركي على الصور من النائب الديمقراطي في ولاية تكساس هنري كويلار، الذي أراد التوعية بشأن الوضع المتفاقم، مشيراً إلى أنه بينما من المفترض أن تستوعب الحجرة داخل منشأة الاحتجاز 260 شخصاً، فإن إحدى الحجرات تضم 400 قاصر غير مصحوبين بذويهم.
ووصف النائب الديمقراطي المكان بأنه يمثّل "ظروفاً رهيبة للأطفال". وقال إنهم بحاجة إلى الانتقال بسرعة أكبر إلى رعاية وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. وأوضح أن العاملين في حرس الحدود "يبذلون قصارى جهدهم في ظل هذه الظروف"، لكنهم "ليسوا مجهزين لرعاية الأطفال" و"يحتاجون إلى مساعدة من الإدارة... علينا أن نمنع الأطفال والعائلات من القيام برحلة خطيرة عبر المكسيك للمجيء إلى الولايات المتحدة. علينا أن نعمل مع المكسيك ودول أميركا الوسطى لجعلهم يتقدمون بطلب للحصول على اللجوء في بلدانهم".
وفي تعليقات لـ"فوكس نيوز"، انتقد السيناتور الجمهوري الرفيع تيد كروز، قرار الإدارة الأميركية منع وسائل الإعلام من زيارة منشآت الاحتجاز على الحدود، واتهم بايدن بإحباط نجاح الإدارة السابقة في ما يتعلّق بهذه القضية. وقال إن هناك مزيداً من الأطفال داخل الأقفاص الحدودية الآن أكثر مما سبق، بينما لا تريد الإدارة لأحد أن يعلم ذلك، معلناً أنه سيزور الحدود الأسبوع المقبل برفقة 17 عضواً من مجلس الشيوخ الأميركي للقاء المسؤولين هناك وتفقّد المنشآت.
وبحسب كروز، فإن واشنطن رفضت السماح لقنوات مثل "إيه بي سي نيوز" و"فوكس نيوز" بمرافقة أعضاء مجلس الشيوخ في زيارتهم إلى الحدود بدعوى الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا المستجد.
انتقادات متزايدة
الأزمة الحدودية مثلت قاعدة لهجوم واسع من الجمهوريين الذين أشاروا إلى فشل سياسات إدارة الرئيس الديمقراطي حيال قضية المهاجرين، التي شكّلت واحدة من أهم القضايا في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2020.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أرسل النائب الجمهوري الرفيع كيفن مكارثي، خطاباً إلى بايدن طلب فيه عقد اجتماع لمناقشة القضية، قائلاً إن لديه "قلقاً كبيراً" من نهج الإدارة تجاه الحدود. وطالبه بالاعتراف بأن هناك أزمة، وضرورة وضع خطط، وأن يتحدث "بعبارات لا لبس فيها، لإثناء الأفراد من المكسيك وأميركا الوسطى عن القيام برحلة خطيرة إلى حدودنا الجنوبية".
ودخل الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، على خط الأزمة ملقياً باللوم على إدارة بايدن. واعتبر أنه شجع المهاجرين على العبور غير الشرعي من الحدود. وقال في مؤتمر صحافي الثلاثاء، "ظهرت توقعات بأنه مع حكومة الرئيس بايدن، ستكون هناك معاملة أفضل للمهاجرين. وقد تسبب هذا في رغبة المهاجرين من أميركا الوسطى، وكذلك من بلدنا، في عبور الحدود، معتقدين أنه من الأسهل القيام بذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، صرح السكرتير الصحافي لبايدن للإعلاميين في البيت الأبيض، بأن "الولايات المتحدة أرسلت مبعوثين إلى المكسيك وغواتيمالا من أجل إيجاد حل لكيفية تقليل عدد المهاجرين الذين يظهرون على الحدود الجنوبية".
ومع تفاقم الأزمة، واجه بايدن وإدارته انتقادات لعدم زيارتهما الحدود، وتزايدت هذه الانتقادات بعدما "ضحكت" نائب الرئيس كامالا هاريس خلال ردّها على أسئلة الصحافيين، الاثنين، عما إذا كانت تخطط لزيارة الحدود، قائلة "ليس اليوم". وأضافت "لقد قمت بذلك من قبل وبالتأكيد سأفعلها مجدداً".
وسرعان ما انتشر فيديو حديث هاريس للصحافيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار غضب الجمهوريين الذين أشاروا إلى أن نائب الرئيس لا تتعامل مع الوضع الحدودي بالخطورة التي يستحقها. وغرد مكارثي على "تويتر": "بينما تضحك هاريس من أزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية، يركز الجمهوريون على تأمين الحدود والاستجابة لحاجات سلطات حرس الحدود الذين يقفون في الخطوط الأمامية".
وغردت النائب ديبي ليسكو، "أولاً، رفضت إدارة بايدن الاعتراف بأن الوضع على الحدود يمثّل أزمة، وتعتقد كامالا هاريس الآن أن هذا أمر مضحك... إنها ليست مسألة مضحكة بالنسبة إلى المجتمعات الحدودية التي يغمرها مهاجرون غير شرعيين".
لوم سياسات ترمب
وذكرت مجلة "نيوزويك" أنها أرسلت طلباً بالتعليق إلى مكتب هاريس، ولم تتلقَّ رداً. لكن الرئيس بايدن، في مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز"، الأسبوع الماضي، حث المهاجرين على عدم السفر شمالاً. وقال الأسبوع الجاري إنه يخطط لزيارة الحدود "في مرحلة ما".
في المقابل، لطالما ألقت إدارة بايدن باللوم على سياسات ترمب الحدودية في تفاقم الوضع الحالي. وقال الرئيس الأميركي إن فريقه يفعل الكثير لمعالجة الأمر، "بما في ذلك التأكد من إعادة ما كان موجوداً من قبل (سياسات) وهو أنه يمكن للمهاجرين البقاء في مكانهم وتقديم طلب من بلدانهم".
وفي دفاعه عن سياسات الإدارة الحالية، قارن وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو مايوركاس، في تعليقات لشبكة "إم إس إن بي سي"، إجراءات الإدارة الحالية بتلك التي اتخذتها إدارة ترمب، قائلاً "نحن لا نطرد الأطفال، الفتيات، من هم في عمر 5 و7 و9 سنوات ونعيدهم إلى صحراء المكسيك وإلى أيدي المتاجرين بالبشر".
وفي افتتاحيتها الأحد، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، "ألغت سياسات ترمب الخاصة بالمهاجرين كثيراً من الإجراءات المرغوبة، وغالباً ما قام الرئيس السابق بشيطنة المهاجرين في خطاباته وخلقت سياساته حواجز لأولئك الذين أرادوا الدخول بشكل قانوني، لكن نظام اللجوء تم كسره قبل تولّي ترمب منصبه بفترة طويلة، وزاد الأمر سوءاً من قبل بايدن".
بموجب القانون الحالي، يمكن للمهاجرين تقديم طلب اللجوء حتى لو عبروا الحدود بشكل غير قانوني. يستغرق الأمر سنوات للفصل في هذه القضية، ولا يمثل كثرٌ منهم أمام المحكمة. وفرضت الحكومة الفيدرالية قيوداً على تأشيرات الدخول للعمال المؤقتين، لكن المهاجرين بإمكانهم تقديم طلب إذن قانوني للعمل في الولايات المتحدة بعد ستة أشهر من تقديمهم طلب اللجوء.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن بروتوكولات حماية المهاجرين الخاصة بترمب سعت إلى تقليل مدة النظر في الطلب من خلال مطالبة طالبي اللجوء بالبقاء في المكسيك، بينما تفصل محاكم الهجرة في قضاياهم، لكن بايدن بدأ يتخلص تدريجاً من هذه السياسة. وتقول إن قرار الإدارة الحالية بشأن إعفاء الأطفال الذين وطأت أقدامهم الولايات المتحدة من الترحيل، دفع الآباء إلى إرسال أطفالهم للدخول ثم البقاء مع الأقارب. وتشير إلى أنه بحسب وزير الأمن الداخلي، فإن أكثر من 80 في المئة من الأطفال غير المصحوبين بذويهم لديهم أحد أفراد عائلاتهم داخل الولايات المتحدة.
وترى الصحيفة أنه يمكن للكونغرس إصلاح جزء كبير من المشكلة من خلال القضاء على الثغرات في نظام اللجوء مع توسيع الفرص للعمال المهاجرين لدخول الولايات المتحدة بشكل قانوني. لكن الديمقراطيين يرفضون النظر في أي تغيير في سياساتهم، لذا من المتوقع المزيد من المشكلات على الحدود، بحسب قول الصحيفة الليبرالية.