قدّم المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا يان كوبيتش، الأربعاء، إحاطته الأولى أمام مجلس الأمن الدولي. واستعرض فيها أهم العوائق في طريق إنجاز خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية، التي قطعت فيها الأطراف الليبية خطوات كبيرة على الصعيدين السياسي والأمني.
وفي الوقت الذي يحشد المبعوث الأممي الدعم الدولي لمساعدة ليبيا في تجاوز أزماتها، واصل المجلس الرئاسي الجديد جولاته الخارجية على بعض العواصم الدولية والإقليمية. وحملت هذه الزيارات رسائل مفادها بأن التعاون مع الجميع متاح من أجل تجنّب عودة التصعيد إلى المشهد الليبي.
إحاطة شاملة لكوبيتش
وقال كوبيتش في إحاطته إن الأطراف الليبية قطعت خطوات ممتازة في جهودها لإيجاد حل دائم للأزمة في بلادهم، مؤكداً أن "القيادة الليبية الجديدة تحتاج إلى دعم مجلس الأمن والمجتمع الدولي، على نحو مستمر وموحد، لتحقيق الأهداف التي حددها ملتقى الحوار السياسي الليبي والحفاظ على الزخم على جميع المسارات المحلية".
وحدد الأولويات التي تعمل البعثة مع الحكومة الليبية الموحدة على إنجازها في المرحلة المقبلة، وهي "إعادة توحيد البلاد ومؤسساتها السيادية، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، وإصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج وتقديم الخدمات الأساسية لليبيين على أساس نظام لا مركزي، والتصدي لجائحة كورونا، وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة القائمة على حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، والنهوض بتمكين المرأة سياسياً واقتصادياً وإجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021".
وأكد كوبيتش على ضرورة سحب المقاتلين الأجانب من ليبيا، معتبراً أن "انسحابهم يمثل خطوة مهمة في إعادة بناء وحدة البلاد وسيادتها، وتضميد الجراح العميقة التي سببتها سنوات عدة من الصراع الداخلي"، مشيراً إلى أن "جميع الليبيين، بمختلف فئاتهم وأطيافهم السياسية، يريدون بشدة مغادرة جميع المرتزقة والقوات الأجنبية، وهي دعوات تدعمها السلطات الليبية الحالية".
وفي هذا الإطار، نقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن مصدر دبلوماسي فرنسي أن "مرتزقة سوريين نشرتهم تركيا في ليبيا بدأوا الانسحاب من البلاد". وقال المصدر الخميس، "هذه واحدة من البوادر المشجعة التي لاحظناها. شوهدت ولوحظت تحركات"، مشيراً إلى أنه لا يزال يتم "توضيح الأمر وتأكيده".
وفد أوروبي رفيع في طرابلس
وفي العاصمة الليبية طرابلس، استقبلت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، وفداً أوروبياً يضم وزراء الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس والإيطالي لويجي دي مايو لبحث مستجدات الشأن المحلي سياسياً وأمنياً.
وأكدت المنقوش خلال مؤتمر صحافي مشترك بعد اللقاء أن "استقرار ليبيا مهم لمحيطها الإقليمي، وينعكس بشكل إيجابي على دول الجوار، بما فيها أوروبا"، لافتةً إلى أن "مبدأ السيادة الوطنية أساس غير قابل للتفاوض في استراتيجية الخارجية الليبية لحكومة الوحدة الوطنية".
وأضافت "تباحثنا مع حلفائنا في ضرورة الإسراع بعودة السفارات والقنصليات إلى البلاد، وتسهيل إجراء التأشيرات لليبيين من الداخل وليس من الخارج، إضافة إلى تفعيل وإعادة بناء الثقة من خلال التعاون الاقتصادي على جميع المستويات الحكومية والخاصة، لدفع عجلة الازدهار والنماء في ليبيا".
في المقابل، أكد وزير الخارجية الإيطالي أن "الاتحاد الأوروبي يساند مسار الاستقرار في ليبيا عن طريق بناء السلام، ويدعم بشكل كامل حكومة الوحدة الوطنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "سنواصل التزامنا بمراقبة وقف إطلاق النار وحظر التسليح في ليبيا، والتعاون مع سلطاتها لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر".
بينما شدد وزير الخارجية الفرنسي على "ضرورة إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد نهاية العام الحالي"، مؤكداً "ضرورة فتح الطريق الساحلية لإتاحة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، لدعم عملية الانتقال السلس للسلطة".
من جانبه، أوضح وزير الخارجية الألماني دوافع الزيارة المفاجئة مع نظيرَيه الإيطالي والفرنسي بقوله "أردنا عبر هذه الزيارة إثبات عزمنا على الوقوف إلى جانب حكومة الوحدة الليبية"، مجدداً تعهد بلاده بـ"مراقبة عملية حظر التسليح على الأطراف في ليبيا".
واتفق ماس مع لودريان على أن "انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد شرط أساسي للإعداد للانتخابات المقبلة"، قائلاً "نحن الآن نجني ثمار مسار برلين، والفضل يعود إلى الليبيين".
القاهرة تستضيف المنفي
وفي إطار جولة خارجية لجمع الدعم السياسي الدولي للسلطات التنفيذية الجديدة، وصل رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى القاهرة، بعد زيارة إلى فرنسا وصفت بـ"الناجحة"، حصل خلالها على تعهدات باريس بالدعم الكامل للعملية الانتقالية، حتى الوصول إلى إجراء الانتخابات العامة.
وبحسب المكتب الإعلامي للمنفي، فإن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل الخميس، المنفي في قصر الاتحادية للتباحث في المستجدات السياسية في ليبيا، والدعم الذي ستقدمه القاهرة للسلطات الانتقالية، حتى تخرج جارتها الغربية من أزمتها بشكل نهائي".
وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي بأن "الرئيس السيسي أكد للرئيس المنفي، في زيارته الأولى إلى مصر عقب تولّيه منصبه، دعم مصر الكامل والمطلق للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا في المجالات كلها، وفي جميع المحافل الثنائية والإقليمية والدولية".
كما أكد السيسي "حرص بلاده على تعزيز التنسيق الوثيق مع ليبيا خلال الفترة الحالية"، معرباً عن "تعويل مصر على قدرة المجلس الرئاسي والحكومة على تحمّل المسؤولية التاريخية لإدارة المرحلة الانتقالية الحالية، وصولاً إلى تنظيم الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد، للانتقال بالبلاد إلى واقع جديد ونظام سياسي مستدام يستند إلى إرادة الشعب".
وشدد على استمرار الموقف المصري الهادف إلى "تحقيق المصلحة العليا للدولة الليبية في المقام الأول، الذي ينبع من مبادئ الحفاظ على وحدة أراضيها واستعادة الأمن والاستقرار وتمتّعها بجيش وطني موحد وإنهاء التدخلات الأجنبية وخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب كافة".
وجدد الرئيس المصري استعداد القاهرة "لتقديم خبراتها للحكومة الليبية في مختلف المجالات، لاستعادة المؤسسات الوطنية للدولة، خصوصاً تلك الأمنية والشرطية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار".
من جانبه، تحدث المنفي عن "أهمية نقل التجربة المصرية التنموية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرة الشركات المصرية العريقة وإمكاناتها في هذا الصدد، ودور القاهرة المهم في تفعيل ودعم جهود تسوية الأزمة الليبية في مختلف المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية، باعتبارها أكثر الدول درايةً بواقع بلاده".
وكشف المنفي عن بوادر تعزيز التعاون بين القاهرة وطرابلس، قائلاً إنه "تم الاتفاق خلال اللقاء على منح شركات الكهرباء المصرية عقوداً للعمل في ليبيا، لتحسين الوضع المتردي لقطاع الكهرباء فيها".