يتعين على الرئيس الأميركي جو بايدن أن يقرر استراتيجيته ضد كوريا الشمالية بعد أن تحدته بيونغ يانغ بإطلاقها صاروخين باليستيين في وقت تواصل فيه برنامجها النووي. فهل يشدد الضغط أم يذهب نحو انفتاح دبلوماسي جديد؟
والحال أن الولايات المتحدة كانت حريصة على التقليل من شأن عملية إطلاق كوريا الشمالية صواريخ كروز، يوم الأحد الماضي، مؤكدة أنها ليست محظورة بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، وأنها تأتي "في أسفل" سلم "الاستفزازات" الكورية الشمالية.
لكن تجربتي الخميس، في 25 مارس (آذار)، مختلفتان إذ أطلقتا صاروخين باليستيين قصيري المدى يخضعان لعقوبات بموجب قرارات الأمم المتحدة.
اختبار لإدارة بايدن
وقال فرانك أوم، مستشار البنتاغون السابق والمتخصص في معهد الولايات المتحدة من أجل السلام "هناك تسلق بطيء لسلم الاستفزازات". وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه "اختبار لإدارة بايدن لمعرفة طريقة الرد لأنه في الماضي لم يكن هناك سوى تصريحات في مواجهة عمليات إطلاق مماثلة".
وبدا أن بايدن أرجأ تحذيره، مهدداً بـ"ردود" في حال "حصول تصعيد" من الجانب الكوري الشمالي.
بالنسبة إلى ماركوس غارلوسكاس، من معهد "أتلانتيك كاونسل"، يعد هذا "تصعيداً كبيراً"، وإذا لم يتبعه رد انتقامي "من المحتمل أن تطلق صواريخ أكبر وأكثر تطوراً، قادرة على حمل رؤوس حربية نووية عدة".
لكن آخرين، على غرار جيني تاون من مركز "ستيمسون سنتر"، يرفضون فكرة الرد بشكل عنيف، معتبرين أنها عمليات إطلاق "روتينية إلى حد ما". وهي قالت لوكالة الصحافة الفرنسية "لو أن كوريا الشمالية أرادت فعلاً تحدي الإدارة الأميركية، لفعلت شيئاً أكبر" من دون أن تستبعد احتمال حدوث ذلك قريباً.
الاستراتيجية الأميركية
وبعيداً عن الرد الفوري، تعمل حكومة جو بايدن على وضع استراتيجيتها ضد كوريا الشمالية بعد أن حاول دونالد ترمب انتهاج سياسة دبلوماسية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون فشلت في إحراز أي تقدم في نزع سلاح بيونغ يانغ النووي.
من غير المرجح العودة إلى المحادثات السداسية التي عقدت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي شاركت فيها أيضاً كوريا الجنوبية وروسيا والصين واليابان. ومن المرجح أن يحاول الرئيس الأميركي الجديد استئناف الحوار الثنائي، وإن كان ذلك بالتنسيق الوثيق مع سيول وطوكيو، مع أمل الحصول على دعم من بكين.
وفي كل الأحوال، من المستحيل إعادة دبلوماسية القمم للملياردير الجمهوري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت تاون: "سترغب هذه الحكومة في العودة إلى عملية تقليدية أكثر وعادية بمفاوضات على مستوى الخبراء"، لكن المشكلة هي أن كيم جونغ أون لا يبدو مستعداً لتفويض سلطته التفاوضية إلى مرؤوسيه. وبالنسبة إليها "يجب أن تكون إدارة بايدن مبدعة لإشراك كيم مباشرة في مفاوضات من دون عقد قمة".
وتؤكد واشنطن أنها حاولت الاتصال ببيونغ يانغ عبر قنوات عدة منذ منتصف فبراير (شباط)، لكن من دون جدوى.
وفي انتظار الكشف عن خططه، قال بايدن إنه "مستعد لإنشاء شكل من أشكال الدبلوماسية" مع كوريا الشمالية، لكن "يجب أن تكون مشروطة بالنتيجة النهائية لنزع السلاح النووي". وتسود حالة من عدم اليقين في شأن نطاق هذا الهدف. ويدعو بعض المسؤولين إلى "النزع الكامل للسلاح النووي لكوريا الشمالية"، وهي عبارة لا تحبذها بيونغ يانغ التي تفضل تعبير "إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية" الأوسع نطاقاً، والتي تشمل، بنظرها، نهاية المظلة النووية الأميركية التي تحمي الجنوب.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أيضاً على أن المراجعة الاستراتيجية الحالية تركز، خصوصاً على إمكان "زيادة الضغط" على بيونغ يانغ.
وقال فرانك أوم: "المشكلة مع الحكومات الأميركية المتعاقبة هي أنها تميل دائماً إلى انتقاء الخيارات الأكثر تقليدية" التي تهدف إلى "إجبار كوريا الشمالية على التفاوض". وأضاف "إذا كان هذا هو الخيار الذي اختارته إدارة بايدن، فلن يؤدي ذلك إلى نتيجة".
ومثل العديد من المتخصصين في هذا الشأن، ينادي فرانك أوم باتباع نهج أكثر إبداعاً وانفتاحاً توافق بموجبه الولايات المتحدة على الحوار "من دون شروط مسبقة" ورفع جزء من العقوبات الدولية مقابل تنازلات كورية شمالية.
كذلك، دعت جيني تاون إلى الحفاظ على روح إعلان ترمب وكيم في قمة سنغافورة 2018 الذي حدد "جدول أعمال أوسع" يشمل إحلال السلام في شبه الجزيرة بعد نحو 70 عاماً من نهاية الحرب الكورية وتطبيع العلاقات بين البلدين.