استيقظ سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط، صباح الخميس في 25 مارس (آذار)، على خبر استيلاء مواطن موريتاني على طائرة رابضة في مدرج المطار. ساعات حبس فيها الموريتانيون أنفاسهم قبل أن تنتهي قصة الطائرة التي كادت أن تتحول إلى كارثة.
إنجليزية سليمة
في ساعات الصباح الأولى، بدا كل شيء عادياً في مطار نواكشوط الدولي. مسافرون ينهون إجراءات سفرهم ويسلكون الممر المؤدي إلى قاعة الانتظار في الطابق العلوي من المطار الذي شيد منتصف عام 2016.
في تلك الأثناء انتشر خبر على إحدى صفحات "فيسبوك"، يُفيد باستيلاء أميركي من أصل أفريقي على طائرة تابعة لشركة "الموريتانية للطيران"، بعدما ظن موظفو البرج أنه أميركي بسبب لغته الإنجليزية السليمة.
تداولت وكالات الأنباء المحلية خبر هوية المقتحم المزيفة، بما فيها "وكالة الأنباء الموريتانية" الرسمية. والحقيقة أن الشخص المتهم باقتحام الطائرة موريتاني في عقده الثالث، يُدعى سليمان سيدي باب. ويعاني من "حالة نفسية أخذت بعداً مرضياً"، وفق بيان وزعته أسرته بعيد توقيفه من قبل عناصر الدرك.
خيوط القصة
بعد وقت قصير على توقيف الشاب الذي اقتحم الطائرة، أصدرت شركة "الموريتانية للطيران" بياناً قالت فيه، إن شخصاً "تظاهر بالارتباط بإحدى شركات الخدمات العاملة في مطار نواكشوط الدولي، تمكن صباح الخميس من التواجد من دون مسوغ مهني داخل إحدى طائرات الشركة المركونة في المدرج، ما استدعى تدخل عناصر الدرك الوطني وتوقيف المعني وإحالته إلى الجهات المختصة".
في تلك الأثناء، سارع ذوو الشاب إلى إصدار بيان نشرته وسائل إعلام محلية أعطى معلومات لم تكن معروفة عن هويته. وقال بيان العائلة إن "سليمان ولد سيد باب شاب مسالم، درس اللغة الإنجليزية في نواكشوط منذ عدة سنوات وملك ناصيتها، فولدت فيه المطالعة بتلك اللغة حب الهجرة إلى الولايات المتحدة، ولم تنجح محاولات أهله بإبعاد تلك الفكرة من ذهنه".
حلم أميركي مع وقف التنفيذ
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان سليمان يحلم بالهجرة إلى الولايات المتحدة، وحين عجز عن تحقيق حلمه قادته خطاه إلى أفريقيا لتحصيل تكاليف الهجرة. ووفق بيان أسرته، فقد "ترك موريتانيا عام 2019 وتنقل بين عدة دول أفريقية بحثاً عن سبيل يوصله إلى وجهته المرغوبة، التي تحول السعي من أجلها إلى حالة نفسية أخذت بعداً مرضياً مع فشل كل محاولة، فلازم التحدث بالإنجليزية دون غيرها".
وأشار البيان إلى أن الشاب افتقدته والدته مساء الأربعاء، وبدأت العائلة البحث عنه "قبل أن تنتشر أخباره صباح الخميس، حيث حاول التسلل إلى الطائرة والاختباء فيها طمعاً في أن يختلط بالمسافرين ويتمكن من الهجرة".
وأكدت العائلة "لم يكن الشاب سليمان، اليوم ولا قبل اليوم، مسلحاً بأي نوع من السلاح، ولا يحمل حتى عود ثقاب، ولم يرتكب قط أي فعل مجرم مهما كانت بساطته".
تحقيق مستقل
ولمحاولة الوقوف على حقيقة الحادثة، أمرت الحكومة الموريتانية بفتح تحقيق مستقل في ملابساتها.
وقال وزير التجهيز والنقل الموريتاني محمدو ولد امحيمد، إن السلطات "اتخذت جميع الإجراءات لتأمين أمن وسلامة الطيران المدني"، مشيراً إلى أن "لجنة عملياتية اجتمعت ودرست وشخصت الحادث".
وعلى الرغم من اكتمال مشاهد قصة محنة الطائرة الموريتانية، إلا أن أسئلة الموريتانيين حول سلامة المطارات لا تزال معلقة، بخاصة أن الحادثة طرحت عديداً من الأسئلة حول كيفية دخول الشاب إلى المطار الذي يبعد عشرات الكيلومترات عن العاصمة، المؤمن بوحدات من القوات الأمنية.