بعد إعلان البيت الأبيض استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وعزمه تقديم مساعدات للفلسطينيين بقيمة 235 مليون دولار، يسعى أعضاء في الكونغرس الأميركي بقيادة السيناتور الجمهوري الرفيع تيد كروز لعرقلة قرار الإدارة الأميركية.
تايلور فورس
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن عدداً من الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب رفضوا استئناف المساعدات للوكالة الأممية، التي تعمل بشكل أساس على جهود الإغاثة والتنمية للاجئين الفلسطينيين، بدعوى أنها تنتهك قانون "تايلور فورس" الذي يحظر وصول المساعدات الأميركية إلى بعض الكيانات الفلسطينية التي تمنح رواتب لعائلات فلسطينيين شنوا هجمات على الإسرائيليين أو قُتلوا فيها، وقانون إيضاح مكافحة الإرهاب، وكلاهما تم تمريرهما بدعم قوي من الحزبين.
وتقول وكالة "أسوشيتد برس إن كبار الجمهوريين رفضوا استئناف المساعدات لأنها "تقوض المصالح الأميركية". وحث كروز، السيناتور من ولاية تكساس، المسؤولين الأميركيين على "وقف هذه النفقات" في مسودة خطاب موجه إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. ودعا إلى تعليق مثل هذه النفقات حتى يتسنى لوزارة الخارجية معالجة أوجه القصور المعروفة في توزيع مثل هذه المساعدة، والتي "شجعت وسهلت لسنوات الإرهاب ضد الأميركيين والإسرائيليين".
وقال النائب من ولاية تكساس والسيناتور جيم ريش من ولاية أيداهو، مايكل ماكول، "سنواصل فحص كل برنامج مقترح للتأكد من أن تصرفات الإدارة متوافقة مع قانون تايلور فورس، وامتثالها لجميع القوانين التي تحكم المساعدة للفلسطينيين، وإضافة إلى ذلك نشعر بخيبة أمل لأن إدارة جو بايدن قررت استئناف تمويل الـ "أونروا" من دون تأمين أية إصلاحات من المنظمة".
وخلال حملته الانتخابية العام الماضي، تعهد بايدن بإعادة المساعدات المالية الأميركية لدعم الفلسطينيين، والعمل على إعادة فتح البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، إلا أنه أكد أنه سيدعم بشكل كامل قانون "تايلور فورس".
وقال في تعليقات سابقة إن الفلسطينيين بحاجة إلى إنهاء "التحريض" في الضفة الغربية والهجمات الصاروخية من غزة، مشيراً إلى أن "ما يدرسونه في مدارسهم لا يزال في الكتب، بغض النظر عن الخلاف المشروع الذي قد يكون لديهم مع إسرائيل، فهذا ليس مبرراً للإرهاب على الإطلاق، ولا ينبغي لأي زعيم أن يفشل في إدانة أولئك الذين يرتكبون هذه "الأعمال الوحشية باعتبارهم إرهابيين". ودعا الفلسطينيين إلى الاعتراف بشكل قاطع بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة.
قرار ترمب
وكانت إدارة ترمب أوقفت المساعدات للفلسطينيين في 2018، بعد إعلان القيادة الفلسطينية مقاطعة مفاوضات السلام احتجاجاً على قرار البيت الأبيض نقل السفارة الأميركية إلى القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى رفضها ما عُرف بـ "صفقة القرن" التي انطوت على بنود وصفتها القيادة الفلسطينية بأنها محاولة لحرمانهم من إقامة دولة قابلة للحياة.
ودافع كبار مسؤولي الإدارة السابقة عن قرار ترمب بإلغاء تمويل وكالة الإغاثة التي أتهمتها إدارته بعدم الكفاءة وبالمبالغة في حصر عدد اللاجئين الفلسطينيين، وبإطالة أمد الصراع المستمر منذ عقود مع إسرائيل.
وبحسب "أسوشيتد برس"، قال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو والسفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إنه على النقيض كان البرنامج مسؤولاً عن إدامة الفقر الفلسطيني، ودفعاً بتساؤلات عما إذا كان ملايين الأشخاص الذين تخدمهم الوكالة هم لاجئون بالفعل.
الهجوم على الـ "أونروا" لم يقتصر على الداخل الأميركي، فبحسب وكالة "رويترز"، انتقد سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، جلعاد إردان، استئناف التمويل للـ "أونروا".
وقال إن الوكالة سمحت بالتحريض ضد إسرائيل وبأنشطة معادية للسامية في منشآتها. وأضاف، "نعتقد أن هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة المختصة بمن يُسمون لاجئين يجب ألا توجد بشكلها الحالي".
إصلاح "أونروا"
ويأتي استئناف المساعدات بعد أسبوع من إصدار مكتب المساءلة الحكومية تقريراً كشف عن أن الحكومة الأميركية في الفترة بين عامي 2015 و2019، لم تفحص بشكل صحيح جميع متلقي التمويل الفلسطينيين وفقاً لمعايير مكافحة الإرهاب كما هو مطلوب بموجب القانون.
وبينما قال المكتب إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية اتبعت القانون في ما يتعلق بالأشخاص والمجموعات التي تمولها مباشرة، فإنها لم تفعل الأمر نفسه مع الكيانات المعروفة باسم الممنوحين من الباطن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال التقرير إنه "إذا استؤنف التمويل فإننا نوصي باتخاذ تدابير لتحسين الامتثال".
وتنسق وزارة الخارجية الأميركية برنامج مساعدات الفلسطينيين مع الكونغرس والوكالة الأميركية للتنمية الدولية والـ "أونروا".
ووفق بيان وزير الخارجية الأميركي، تشمل حزمة المساعدات الأميركية للفلسطينيين 150 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لـ "أونروا" و75 مليون دولار مساعدات اقتصادية وتنموية في قطاع غزة والضفة الغربية و10 ملايين دولار لبرامج دعم السلام عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وأشار بلينكن إلى أن إدارة بايدن ستسعى إلى إصلاحات في "أونروا".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أنه سيتم تخصيص المساعدات بما "يتسق تماماً" مع القانون الأميركي. ورفض المخاوف من إمكان وقوع الأموال في يدي المسلحين، لا سيما في قطاع غزة الذي تحكمه حركة "حماس". وقال إن هناك ضمانات سارية.
كبش فداء
ورحبت "أونروا" بإعلان واشنطن استئناف مساعدتها لها. وعبّر المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، في بيان، عن امتنانه لاستئناف واشنطن دعم الوكالة المتوقف منذ 2018، مؤكداً أن "مساهمة الولايات المتحدة تأتي في لحظة حرجة، في وقت نواصل فيه مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا". وأشار إلى أنه "لا توجد مؤسسة أخرى تقوم بما تفعله أونروا"، مؤكداً التزام الوكالة "بحماية وسلامة ملايين اللاجئين الذين تخدمهم وصحتهم ومستقبلهم".
وفي رد على اتهامات منتقديها، قال لازاريني إن "أونروا كبش فداء سهل. تعرضنا لهجوم شرس يحركه بوضوح هدف سياسي. نحن منظمة إنسانية للتنمية البشرية تعمل في أجواء مسيّسة للغاية".
وقال، "في حين أن استئناف التمويل مهم، فمن الضروري أن تعود الولايات المتحدة كشريك استراتيجي".
ورحبت الأمم المتحدة باستئناف التمويل الأميركي لـ "أونروا". وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحافيين في نيويورك إن "هناك بعض الدول التي قلصت بشدة أو أوقفت مساهماتها للوكالة. نأمل بأن يؤدي القرار الأميركي إلى عودة الآخرين للانضمام كمانحين لـ "أونروا".