تستعد خطة الإنقاذ الأميركية البالغة 1.9 تريليون دولار أميركي لجذب مزيد من الواردات الصينية، ويتوقع المحللون أن تؤدي إلى توسيع العجز التجاري المثير للجدل للولايات المتحدة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وسيضيف التحفيز نحو 30 مليار دولار أميركي سنوياً إلى واردات الولايات المتحدة من الصين، بحسب تقديرات ديريك سيسورز، كبير الاقتصاديين في "تشاينا بيج بوك أنترناشيونال"، وهي منصة لجمع البيانات تتبع السوق الصينية.
ويقدر بنك "سوسيتيه جنرال" أنه في حال تم إنفاق كل الدولارات التحفيزية بدلاً من توفيرها، فسوف يتم جذب ما يصل إلى 40 مليار دولار أميركي من الواردات الصينية الإضافية. وحتى إذا كثفت الصين الشراء بموجب اتفاقية تجارية موقعة مع الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) 2020، فلن يكون هذا كافياً لتعويض قوة الجاذبية للتحفيز.
ويكمن الخطر في أنه مع وجود العلاقات الثنائية بالفعل عند أدنى مستوى لها منذ عقود، فإن العجز التجاري الآخذ في الاتساع يضيف مزيداً من الاحتكاك، بخاصة إذا كانت الصين عاجزة عن تحقيق أهداف الشراء المتفق عليها في اتفاقية التجارة. وقال سيزورز، "إن الانتعاش القوي على سبيل المثال، زيادة بنسبة 9 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، من شأنه أن يدفع عجز السلع الثنائية إلى ما يزيد على 500 مليار دولار أميركي".
60.6 في المئة نمو الشحنات الصينية إلى أميركا خلال شهرين
وتنظر إدارة الرئيس جو بايدن إلى تركيز الرئيس الأسبق دونالد ترمب على العجز التجاري الثنائي مع الصين، الذي ارتفع 7 في المئة إلى 317 مليار دولار العام الماضي، على أنه خطأ استراتيجي. وحتى الآن، كان هناك قليل من التركيز عليها. بدلاً من ذلك، تؤكد الحكومة الجديدة على الحاجة إلى بناء تحالفات مع الدول الغربية الأخرى لمواجهة الممارسات التجارية من قبل الصين التي تعتبرها تجارية، لكن هذا الجهد شهد تقدماً ضئيلاً، حيث أعطت الحكومة الجديدة الأولوية للمعركة ضد جائحة كورونا والقضايا المحلية الأخرى.
في غضون ذلك، ارتفعت الصادرات الصينية، حيث قفزت الشحنات 60.6 في المئة بالدولار في يناير (كانون الثاني) وفبراير(شباط) مقارنة مع العام السابق، مدعومة بالطلب القوي والمقارنات مع قاعدة منخفضة قبل عام بسبب موجة الإغلاق التي تسببت بها جائحة كورونا. وكان المؤشر الفرعي لطلبات التصدير لمؤشر تشاتشين لمديري المشتريات التصنيعي قد ارتفع إلى 51.4 نقطة في مارس (آذار) من 47.6 نقطة في الشهر السابق، ما يشير إلى قوة الطلب العالمي.
630 مليار دولار فائض التجارة العالمية المتوقع للصين في 2021
وتقدر "رابو بنك"، وهي شركة هولندية للخدمات المصرفية والمالية متعددة الجنسيات مقرها هولندا، أن فائض التجارة العالمية للصين سينمو بنسبة 8 في المئة تقريباً في عام 2021 إلى 576 مليار دولار أميركي، بينما يرى بنك "أتش أس بي سي هولدنجز"، أنه سيصل إلى رقم قياسي بلغ 630 مليار دولار أميركي، وهو أكبر من اقتصاد تايلاند.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ديفيد دولار، الزميل البارز في معهد بروكينغز في واشنطن، الذي شغل سابقاً منصب مدير البنك الدولي في الصين لـ"ساوث تشاينا موررنغ بوست"، "السياسة الأميركية ترفع أسعار الفائدة، وسعر الصرف والعجز التجاري". وأضاف، "نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن هذا هو أحد الآثار الجانبية للتحفيز الكبير".
ويتوقف الميزان التجاري الثنائي بين أكبر اقتصادين في العالم هذا العام أيضاً على عوامل تشمل سعر النفط، الذي يمثل نحو 10 في المئة من واردات الصين، ومدى عدوانية شراء الصفقات التجارية الصينية، كما تقول ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية الصينية في بنك "سوسيتيه" في هونغ كونغ.
التعديل أو الإلغاء للاتفاق التجاري الأميركي الصيني
خلال الحرب التجارية بين البلدين فرض ترمب تعريفات جمركية على سلع صينية تبلغ قيمتها نحو 370 مليار دولار، وردت بكين برسوم الاستيراد الخاصة بها، التي تبلغ قيمتها نحو 110 مليارات دولار أميركي على منتجات الولايات المتحدة في العام الماضي، وتراجعت الصين بنحو 40 في المئة عن التزامها شراء ما قيمته 200 مليار دولار أميركي إضافية من السلع الأميركية على مدى عامين. في حين يمثل وباء كورونا جزءاً فقط من السبب وراء هذا التراجع، وفقاً لتقدير معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي في واشنطن. وقال المعهد، إنه في الشهرين الأولين من العام الحالي، تراجعت الصين أكثر عن وتيرة الشراء المطلوبة.
وأكدت الممثلة التجارية الأميركية الجديدة كاثرين تاي، في جلسات استماع، أنها ستنفذ الاتفاق التجاري. وكانت قد قالت الشهر الماضي، "يحتفظ كل مفاوض جيد بنفوذه"، مضيفة أن الولايات المتحدة قد تكون منفتحة على المفاوضات التجارية مع الصين.
ويدعو الاتفاق كاترين تاي، الممثل التجاري الأميركي، إلى لقاء ليو خه نائب رئيس مجلس الدولة الصيني كل ستة أشهر. ويذكر أن موعد الاجتماع المقبل قد تأخر لمدة شهرين تقريباً، ولا يوجد أي مؤشر على جدولة المحادثات. ويقول مايكل إيفر، رئيس أبحاث الأسواق المالية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في "رابو بنك" في هونغ كونغ، "قد يتم تعديل الصفقة خلال العام، أو ربما يتم التخلي عنها تماماً إذا اشتعلت التوترات حقاً".
ويقول تشاد باون، الزميل البارز في "بيترسون"، إنه يجب إلغاء السياسة "المشكوك فيها" المتمثلة في خفض العجز التجاري الثنائي على أي حال، لأن التزامات الشراء أدت إلى عدم الثقة بين الحلفاء التي تريد الولايات المتحدة الآن العمل معها، لمعالجة مخاوفهم بشأن الصين. ونتيجة لذلك، حتى العجز التجاري الأميركي الآخذ في الاتساع بشكل حاد مع الصين، قد ينتج عنه رد فعل خافت من إدارة بايدن التي تعمل على استراتيجية صينية أوسع مما فعل ترمب. ويتوقع ديفيد لوفينجر، المتخصص الأسبق في شؤون الصين في وزارة الخزانة الأميركية والمحلل الآن في شركة "تي سي دبليو غروب" في لوس أنجليس. "أن تكون إدارة بايدن أكثر تركيزاً على الممارسات التجارية الصينية غير العادلة والحواجز الأخرى أمام الصادرات الأميركية".