ظهر أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم "داعش"، في تسجيل مصور نشرته مؤسسة الفرقان التابعة للتنظيم على تطبيق "تليغرام".
وفي الفيديو الذي حمل عنوان "في ضيافة أمير المؤمنين"، ظهر البغدادي بلحية طويلة بيضاء ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم.
وليس واضحاً تاريخ تصوير الفيديو، غير أن كتابة تظهر على الشريط تشير إلى تسجيله في شهر أبريل (نيسان) الحالي.
وذكر البغدادي في بداية الفيديو إن "معركة الباغوز انتهت"، في إشارة إلى طرد التنظيم من آخر جيوبه في شرق سوريا قبل حوالي الشهر ، ثم تحدث عن بعض العمليات الإرهابية التي وقعت مؤخرا في أنحاء مختلفة منها هجمات سريلانكا ومحاولة اقتحام مبنى المباحث العامة في الزلفي شمالي الرياض، التي وقعت الأسبوع الماضي.
وذكر أن تفجيرات سريلانكا جاءت انتقاماً لخسائر "داعش" في الباغوز السورية. وأشار زعيم تنظيم داعش إلى سقوط حكم عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر وعمر البشير في السودان، ما يؤكد أن التسجيل تم قبل أيام معدودة.
وحث البغدادي أنصار التنظيم الإرهابي على مواصلة القتال وتوعد باستمرار الهجمات واصفا القتال الذي يخوضه بأنه "حرب استنزاف وأنه مستمر حتى يوم القيامة."
وأضاف أن "معركة الإسلام وأهله، مع الصليب وأهله، معركة طويلة... وسيكون بعد هذه المعركة ما بعدها".
وذكر أسماء عدد من قتلى التنظيم خلال المعارك الماضية وقال إن التنظيم "سيثأر لقتلاه وأسراه"، مشيراً إلى أن مقاتلي "داعش" نفذوا 92 عملية في ثماني دول "ثأراً لإخوانهم في الشام"
وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها البغدادي، بعد ظهوره العلني الأخير في يوليو (تموز) 2014 أثناء الصلاة في جامع النوري الكبير في غرب الموصل، وذلك بعد إعلان "الخلافة" وتقديمه كـ "أمير المؤمنين".
وبعدما كان البغدادي يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لا يقود اليوم إلا مقاتلين مشتتين عاجزين بأنفسهم عن معرفة مكان وجوده.
الولايات المتحدة ستحاسب قادة "داعش"
تعهدت الولايات المتحدة، الاثنين، بتعقب قادة تنظيم "داعش" الطلقاء وإنزال الهزيمة بهم، وذلك بعد نشر التنظيم تسجيل البغدادي المصور.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، سيقاتل في كل أنحاء العالم لـ "ضمان هزيمة دائمة لهؤلاء الإرهابيين واحضار القادة الذين لا يزالون طلقاء أمام العدالة لينالوا العقاب الذي يستحقونه".
وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إلى البغدادي، البالغ من العمر 47 عاماً، وقد سرت منذ العام 2014 إشاعات كثيرة عن مقتله، لكن لم يتم تأكيدها.
ونجا البغدادي، الذي يعاني من مرض السكري، من هجمات جوية عدة وأصيب مرة واحدة على الأقل.
محاط بثلاثة أشخاص فقط
يقول هشام الهاشمي، الخبير بـ "الحركات الجهادية"، لوكالة "فرانس برس"، إن البغدادي "محاط بثلاثة أشخاص فقط، أخوه جمعة وهو أكبر منه، وسائقه وحارسه الشخصي عبد اللطيف الجبوري الذي يعرفه منذ طفولته، وساعي بريده سعود الكردي". ويوجد هؤلاء جميعهم في منطقة بادية الشام الصحراوية الممتدة من وسط سوريا إلى الحدود العراقية.
وكانت الاستخبارات العراقية أعلنت في مطلع يوليو (تموز) الماضي، مقتل نجل البغدادي حذيفة البدري في سوريا بثلاثة صواريخ روسية موجهة، أصابت المغارة التي كان بداخلها. وقد أكد جهاز دعاية التنظيم مقتله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت تقاتل في شرق سوريا، أكدت في مناسبات عدة عدم وجود أي معلومات عن وجود البغدادي في سوريا.
ومنذ ظهوره في الموصل، لم يتوجه البغدادي إلى أنصاره إلا من خلال تسجيلات صوتية تنشرها وسيلة دعاية التنظيم المتطرف، بعيدة كل البعد عن أشرطة الفيديو التي كان زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن يبثها بانتظام ويصور نفسه فيها في ساحة معركة أو داخل مسجد.
ويعود آخر تسجيل صوتي للبغدادي إلى أغسطس (آب) 2018، بعد ثمانية أشهر من إعلان العراق "النصر" على "داعش".
إبراهيم عواد البدري
تذكر الصحافية صوفيا أمارا، في فيلم وثائقي أعدته عن البغدادي، أن اسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري، مشيرة إلى أنه كان "انطوائياً وغير واثق من نفسه".
ولد البغدادي في العام 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلاً من الثانية. ووصفته إحدى زوجتيه بأنه "رب أسرة طبيعي".
وكان البغدادي مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.
أبدى أيضاً طموحاً للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً في العاصمة العراقية في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
سجن بوكا
دخول البغدادي إلى سجن بوكا، الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، كان نقطة حاسمة في حياته.
فقد أعتقل البغدادي، الذي شكل لدى اجتياح العراق في العام 2003 مجموعة قتالية ذات تأثير محدود، في فبراير (شباط) 2004، وأودع في سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.
وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين ومقاتلين سنة، وتحول في ما بعد إلى "جامعة الجهاد". وقد أدرك الجيش العراقي بعد عشر سنوات أنه يواجه قادته السابقين من حقبة النظام السابق، الذين انتقلوا إلى صفوف تنظيم "داعش".
بعد إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون الأول) 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين السنة تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت "أبو دعاء"، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية "دولة العراق الإسلامية" في مايو (أيار) 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع مجموعته في العراق. وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها، وتحولت في العام 2013 إلى تنظيم "داعش"، بعدما استغلال النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.