للمرة الأولى منذ تأسيس قطاع النفط العراقي مطلع القرن الماضي، تتوجه الدولة العراقية إلى اكتشاف مكامن النفط في محافظة المثنى التي تعد من المحافظات الأكثر فقراً في البلاد، بموجب الإحصاءات الرسمية العراقية.
ويوجد في المحافظة مصفى نفطي تم إنشاؤه منذ سبعينيات القرن الماضي، دُمر في حرب عاصفة الصحراء عام 1991 وأعيد تأهيله على مرحلتين قبل 2003 ليصل إنتاجه حالياً إلى 30 ألف برميل، فضلاً عن وجود جزء من الأنبوب الاستراتيجي لنقل النفط من حقول البصرة إلى وسط البلاد وغربها.
وعلى الرغم من وجود هذه المنشآت، إلا أن المحافظة لم تشهد خلال العقود الماضية جهداً حقيقياً للكشف عن مكامن النفط لتدخل ضمن المحافظات المنتجة له، باستثناء محاولات محدودة للمسح الزلزالي لـ "حقل السلمان" القريب من الحدود السعودية، و"أريدو" المشترك مع محافظة ذي قار، والذي تقدّر إدارة المحافظة احتياطاته بنحو ثمانية مليارات برميل.
الرقعة الاستكشافية 12
وفي خطوة لضم المثنى إلى المحافظات النفطية العراقية، وقّعت وزارة النفط عقداً مع شركة نفط "باشنفت" الروسية لاكتشاف الرقعة 12 النفطية بين المثنى والنجف، بهدف زيادة الاحتياط النفطي العراقي.
وقال وكيل الوزارة لشؤون الإستخراج كريم حطاب في بيان أن "العقد يهدف إلى تقدير الموارد الكربونية والصورة الاستشكافية للرقعة النفطية 12 بهدف زيادة الإنتاج من النفط والغاز وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظتين".
حقل السلمان
من جانبه، قال المدير العام لشركة الاستكشافات النفطية نشوان محمد نوري إن "الشركة الروسية خصصت فرقتين لتنفيذ عملية المسح الزلزالي في محافظتي المثنى والنجف لإعداد الدراسة التفصيلية للبنية الجيولوجية وتحديد الصورة التركيبية لحقل "السلمان"، مشيراً إلى أن "الشركة بإمكاناتها البشرية والفنية وخبراتها ستمضي قُدماً في عمليات المسح الزلزالي لدعم الاقتصاد الوطني وزيادة الاحتياط من النفط والغاز".
خطط استكشافية جديدة
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد إن "لدى الوزارة خططاً ومشاريع استراتيجية لتطوير الرّقع الاستكشافية، ينفذها الجهد الوطني بالتعاون مع الشركات العالمية".
وأضاف أن الوزارة تسعى إلى رفع الطاقات الهيدروكربونية الخزنية والاحتياطات النفطية والغازية إلى معدلات عالية للارتقاء بمكانة العراق عالمياً.
انعكاسات إيجابية
ويشير محافظ المثنى السابق أحمد صلال إلى وجود نتائج جيدة بحجم المكامن النفطية في المحافظة، والتي إن تم استثمارها فستعمل على تحسين الوضع المعيشي لسكانها.
ويضيف أن "النتائج الأولية التي أظهرتها الشركات لحجم المكامن النفطية تبشّر بخير كبير سيطال المحافظة، مما سينعكس إيجاباً على وضع المحافظة الاقتصادي لتكون محافظة نفطية، إضافة إلى دورها في مجال الصناعات الأسمنتية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتصدر محافظة المثنى قائمة الإنتاج العراقي لمادة الأسمنت بمختلف أنواعه، لاحتوائها على المواد الخام المتمثلة بالأحجار الكلسيّة وبكميات كبيرة، وقد نجحت في جذب رؤوس الأموال لإقامة مصانع عملاقة يقدر إنتاجها سنوياً بحوالى 6 ملايين طن.
وتشهد بادية المثنى حالياً سلسة من الاستثمارات في القطاع الزراعي والإنتاج الحيواني، وإنشاء معامل للمنتجات الغذائية معتمدة على مخزون جيد من المياه الجوفية.
ويضيف صلال أن الاكتشافات تتركز في الرقعة "10" و"12"، وهذه الرقع الاستكشافية تقع على حدود محافظتي النجف وذي قار، ولذلك ستعم بالفائدة على هاتين المحافظتين، لافتاً إلى أن "النماذج التي تم اختبارها تشير إلى وجود جدوى عالية في الإنتاج النفطي في المحافظة، ونأمل بأن يكون مردودها سريعاً على الوضع الاقتصادي للأهالي".
كما تحدث عن وجود مميزات أخرى تعزز دور المحافظة كمحافظة منتجة، منها موقعها الجغرافي الذي يقع على تقاطع أنابيب نقل النفط الخام ومشتقاته.
وأهم ما يميز المثنى عن غيرها من محافظات الوسط والجنوب المحاذية للشريط الحدودي مع السعودية، هو منفذ الجميمة الأقرب إلى عاصمتها السماوة، والذي يبعد 250 كيلومتراً عنها، بينما تبعد باقي المدن عن الحدود السعودية مسافات أكبر، ولا تمتلك طريقاً معبداً مباشراً إلى هذه الحدود.
تقصّ لحدود الحقل
ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري إن ما تقوم به وزارة النفط هو تقصّي أبعاد الحقل وكمياته وحدوده، لافتاً إلى أن الشركات الروسية لديها كثير من الأعمال النفطية داخل العراق ومن ضمنها إقليم كردستان.
ويضيف الجواهري أن "هناك شركات نفطية عدة تعمل في العراق في مختلف الأعمال النفطية، فلدينا شركة "لوك أويل" الروسية تعمل بحقل غرب "القرنة 2"، إضافة إلى بعض الأعمال النفطية الأخرى لشركات روسية في إقليم كردستان".
ويشير إلى أن ما تقوم به الشركة الروسية هو تقصّ لحدود الحقل ومقدار امتداده وكميات النفط الخام الموجودة فيه ونوعيتها، وأن قرار تطوير الحقل مرتبط بوزارة النفط العراقية، كاشفاً أن جولات التراخيص زادت عملية إنتاج النفط الخام، فضلاً عن الإنتاج المتحقق نتيجة الجهد الوطني، وأن التركيز سيكون على تطوير حقول الغاز.
ونجحت جولات التراخيص في رفع إنتاج النفط العراقي الذي بلغ أدنى مراحله في العام 2007 بـ 1.5 مليون برميل، ليصل إلى 5 ملايين برميل يومياً بعد قيام هذه الشركات بعملية تطوير شاملة لحقول النفط العراقية بجنوب البلاد في مختلف نواحي هذا القطاع، إنتاجاً وتصديراً واستخراجاً، لكن جوبهت بانتقادات لاذعه لما شكلّته من ارتفاع كلفتها وتأثير هذا الأمر في إيرادات العراق السنوية من النفط.
ووقّع العراق منذ 2009 سلسة من العقود مع شركات النفط العالمية لتطوير حقوله في مناطق جنوب البلاد ووسطها، لتركز على محافظات البصرة وميسان وواسط وذي قار، ثم توسعت للاستكشاف عن احتياطات نفطية جديدة في محافظات المثنى والنجف والأنبار.