تحاول الحكومة الباكستانية تهدئة حركة إسلامية متشددة هددت بمواصلة حملة عنيفة ضد السفير الفرنسي. وفي هذا السياق، ينظر البرلمان الباكستاني في طلب طرده.
وتشهد باكستان حملة مناهضة لباريس، تقودها حركة "لبيك باكستان"، منذ أن دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حق نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصوّر النبي محمد باسم حرية التعبير، خلال تكريم مدرّس قُتل في 16 أكتوبر (تشرين الأول) بعدما عرض رسوماً منشورة في صحيفة "تشارلي إيبدو" الساخرة على تلاميذه.
ويُنظر في باكستان إلى رسم النبي على أنه تجديف، ويعتبر التجديف مسألة حساسة جداً في البلد المحافظ حيث تسمح القوانين بتطبيق عقوبة الإعدام بحق أي شخص يعتقد أنه أساء للإسلام.
مواجهات دامية
وأعلن وزير الداخلية شيخ رشيد أحمد أنه سيتم تقديم عريضة إلى البرلمان للمطالبة بطرد الدبلوماسي، كاشفاً أن حركة "لبيك باكستان" وافقت على إلغاء التظاهرات في جميع أنحاء البلاد.
لكن مسؤولين في الحركة أكدوا لوكالة الصحافة الفرنسية أن الاحتجاجات ستستمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما تُعقد جلسة طارئة للبرلمان، الثلاثاء، لمناقشة نصّ العريضة، لا يعرف إذا ما كان التصويت سيجري الثلاثاء أو في الأيام المقبلة.
وغالباً ما يتم بالإجماع إقرار التوصيات التي تتناول القضايا الحساسة المتعلقة بالعقيدة الإسلامية في البرلمان. لكن هذه التوصيات ليست ملزمة، وقد تجاهلت الحكومات المتعاقبة في الماضي مثل هذه القرارات.
وأكد زعماء الحركة أن المسيرة المقررة في إسلام أباد عند منتصف ليل الثلاثاء ستحصل، ما لم يتم طرد السفير الفرنسي قبل ذلك.
وأشاروا إلى أنهم يتوقعون إطلاق سراح زعيمهم سعد رضوي قريباً.
وأدى اعتقاله في 12 أبريل (نيسان)، بعد ساعات من دعوته إلى المسيرة، إلى قيام تظاهرات تحولت إلى مواجهات دامية مع الشرطة في جميع أنحاء البلاد.
وقُتل العديد من عناصر الشرطة واحتُجز 11 آخرون في مسجد الحركة في لاهور في شرق البلاد. وذكرت الحركة أن العديد من أنصارها قتلوا وأصيبوا.
فرنسا تدعو رعاياها إلى المغادرة
ودعت السفارة الفرنسية، الخميس، رعاياها إلى مغادرة البلاد مؤقتاً، لكن تم تجاهل هذه النصيحة إلى حد كبير في الوقت الحالي. وطلبت الاثنين من أولئك الذين اختاروا البقاء تجنب التجمعات وتوخي "أقصى درجات الحذر".
وأعلنت الحكومة، الأربعاء، حظر الحركة التي وصفتها بأنها جماعة إرهابية، وأوقفت آلاف المتظاهرين خلال الصدامات.
لكن الوزير أشار، الثلاثاء، إلى أنه لن تتم مقاضاتهم ومن ضمنهم أولئك الذين تم اعتقالهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
خان لم يجد التوازن
ودعا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الاثنين الحركة الإسلامية المتشددة إلى وقف أعمال العنف، معتبراً أن طرد السفير الفرنسي ستكون له عواقب سلبية جداً على باكستان، لا سيما بالنسبة إلى علاقاتها الاقتصادية مع أوروبا.
وقال خان في رسالة تلفزيونية مسجلة "إذا واصلنا الاحتجاج طوال حياتنا، فلن نتسبب في إلحاق الضرر ببلدنا فحسب، ولكن لن يكون لذلك أي تأثير" على الغرب.
وشدّد على أنه "لن يحدث أي فرق بالنسبة إلى فرنسا" إذا طُرد سفيرها، بينما قد تواجه باكستان صعوبة في بيع منتجاتها في أوروبا، لا سيما النسيج الذي يعتمد عليه اقتصادها بشدة.
ويرى محللون أن سياسة التهدئة التي ينتهجها خان تجاه الحركة محفوفة بالمخاطر، إذ يمكن أن تشجع الحزب على المضي في العنف لتحقيق غايات سياسية.
ويرى المتخصص في الشؤون الأمنية أمير رنا أن "رئيس الوزراء أدرك أن تهدئة القوى المتشددة ليس بالأمر السهل، لأنك عندما تحاول إرضاءهم يطلبون مزيداً. لقد فشل حتى الآن في إيجاد التوازن".