في خطوة هي الأولى عقب الانتخابات الإسرائيلية، وفوز بنيامين نتنياهو بولاية جديدة لرئاسة الحكومة، أعلن الجانب الإسرائيلي إعادة تقليص مساحة الصيد حتى 6 أميال بحرية، بعدما وسّعها إلى 15 ميلاً، إثر التفاهمات، التي أبرمت بين حركة حماس وإسرائيل برعاية مصريّة. وكانت الذريعة أنّ صاروخاً تجريبياً أطلق من قطاع غزّة، سقط على مدينة أسدود في إسرائيل، مسفراً عن بعض الأضرار.
رفع حالة التأهب
وأعطت القيادة الإسرائيلية تعليماتها للجيش برفع حالة الطوارئ، ونشر بطاريات القبة الحديدية، في جميع أنحاء إسرائيل، على خلفية التخوّفات من اندلاع تصعيد مع قطاع غزّة، وفق ما أعلنت إذاعة جيش الاحتلال. ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنّ الجيش الإسرائيلي، تلقى أوامر بالاستعداد لعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، في حال فشلت جهود التهدئة.
التفاهمات ولم تدخل التفاهمات بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي، بواسطة مصريّة، حيّز التنفيذ رسمياً، على الرغم من أنّ قيادات فصائلية رفيعة المستوى تحدّثت عن وجود جدول زمني يحدد موعد بدء كلّ بند تمّ التوصل إليه، بين الطرفين. كما لم تنفذ إسرائيل من التفاهمات، سوى السماح للصيادين الفلسطينيين بالإبحار حتى مساحة 15 ميلاً بحرياً في بعض المناطق، وإعطاء الإذن لبعض الوفود الدوليّة لزيارة غزّة، لبدء نقاش تنفيذ بعض المشاريع التي لم ترَ النور حتى الأن. وتتلخّص بنود التفاهمات بين الطرفين، بالسماح بإدخال الأموال إلى قطاع غزّة بقيمة 40 مليون دولار أميركي شهرياً، وإدخال الوقود الخاص بشركة الكهرباء وتطويرها، وبدء تنفيذ مشروع 161 الذي يعمل على بقاء الكهرباء فترة 8 ساعات يومياً، وإنشاء أكثر من منطقة تجارية، ومشاريع كبرى، ومحطات مياه، فضلاً عن البنود السابقة الذكر التي بدأ الاحتلال تنفيذ جزء منها.
انهيار
وعلمت "اندبندنت عربيّة" من مصادر فصائلية أنّ التفاهمات مع إسرائيل انهارت، وثمة تهرّب واضحٌ في تنفيذها من الجانب الإسرائيلي، وكانت مجرد فترة لتسيير العملية الانتخابية وعدم تصعيد مليونية العودة التي كانت محددة في 30 مارس (آذار) الماضي. ولم يزوّد الجانب الإسرائيلي الفصائل في غزّة، بأيّ جدول زمني لتنفيذ التفاهمات، علماً أنّ جميع البنود التي تمّ التوصل إليها كانت شفوية ولا يوجد بها نصّ صريح وواضح بين الطرفين. وترى حماس أنّها تملك وسائل ضغط على الإسرائيليين لتنفيذ التفاهمات التي انهارت، من خلال أنشطتها على الحدود، وتهديد الأمن في المنطقة، بحسب ما أفاد رئيس الدائرة السياسية في الحركة محمود الزهار، الذي اتهم إسرائيل بالقيام بألاعيب مكشوفة للتملص من بعض المطالب.
تهرب إسرائيلي
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة والمشارك في حوار التفاهمات إنّ الفصائل أجرت عملية تقييم جديّة لما وعد به الجانب الإسرائيلي لتخفيف الحصار عن قطاع غزّة، ووجدت حالة بطء شديد في عملية التنفيذ. وأضاف: "لم يشعر المواطنون، والشباب الثائر في مسيرات العودة، بأيّ تقدم واضح على أرض الواقع، ما يثير التساؤل عن جديّة الوعود، في ظلّ استمرار تلكؤ الإسرائيلي غير المفهوم". وأكّد أبو ظريفة أنّ إسرائيل تهرّبت من عملية تنفيذ التفاهمات وفق الجداول الزمنية التي وعد بالالتزام بها، ما يجعل الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة توضع على طاولة البحث كلّ الخيارات لإرغان الجانب الإسرائيلي لتنفيذ ما تمّ التوصل إليه.
حالة تقييم وخيارات مفتوحة
وبيّن أبو ظريفة أنّ كلّ خيارات المقاومة الشعبية والأدوات الخشنة متاحة أمام الهيئة، كأحد أساليب الضغط على إسرائيل، موضحاً أنّ جميع الأطراف (المصرية والأممية) على علم بالتباطؤ في تنفيذ ما توصلنا إليه. وأشار إلى أنّ هيئة المسيرة قرأت تقليص مساحة الصيد، وإطلاق الرصاص الحي، والتعرض للصيادين في المياه المسموحة، واستهداف المزارعين، لافتًا إلى أنّهم لن ينتظروا طويلاً أمام التنصل من البنود. وأوضح أبو ظريفة أنّ الجانب الإسرائيلي يوضع التفاهمات موضع تطبيق بحسب وضعه السياسي الداخلي حتى تشكيل الحكومة، ويعمل متى يشاء على تنفيذ أجزاء منها أو عدمه. وأظهر أنّ الطرف المصري يحاول عدم انهيار الوضع في قطاع غزّة، والعمل على تطبيقها، لأنّ الوضع المأساوي في قطاع غزّة لا يتحمله المواطن.
ونفى أنّ يكون قد أطلق صاروخ من القطاع صوب إسرائيل، موضحًا أنّ لا فصيل عسكرياً تبنى ذلك، ولا يوجد قرار وطني باستخدام وسائل المقاومة، وثمة إجماع على المسيرات السلمية. وبيّن عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية أنّ الإسرائيلي يبحث عن ذرائع يحتمي بها، مظهراً أنّ الفصائل تراقب تصرف القيادة الإسرائيلية، واستمرارها في ما تفعله، يعني أنّها تريد إعادة النظر في ما تم التفاهم عليه، ما سيدفع القوى الوطنية في غزّة، إلى إيجاد طرق تجبر إسرائيل على تنفيذ ما وعدت به. وحول خيار الذهاب إلى المواجهة العسكرية، أوضح أنّ الأمر متعلق بتصرف الجيش، وفي حال ذهب إلى التصعيد فإننّا أمام غرفة العمليات الفصائلية المشتركة للدفاع عن المواطنين.