إلى بؤرة ورمز للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تحول أقدم وأشهر بوابات البلدة القديمة للقدس منذ بداية شهر رمضان الحالي، في ظل محاولات منظمة يمينية يهودية السيطرة عليه، بهدف تغيير طابعه العربي الإسلامي.
ويشكل باب العمود أحد أبرز المداخل المؤدية إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، ويعود إنشاؤه إلى القرن الثاني الميلادي على يد الإمبراطور الروماني هادريان وذلك بعد نحو 100 عام على هدم مدينة القدس خلال ثورات داخلية.
وعثر على الباب القديم في حفريات عام 1966 تحت الباب الحالي، الذي بناه السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1538 ضمن عملية إعادة تشييد سور البلدة القديمة بأبوابها الـ11.
عمود من رخام أسود
ومع أن الباب لم يسم رسمياً بهذا الاسم، حيث أطلق عليه باب دمشق أو باب نابلس، لكن الفلسطينيين توارثوا شفوياً اسم باب العمود، نسبة إلى عمود من الرخام الأسود وضع في الساحة الداخلية للباب منذ الفترة الرومانية.
ويقع على رأس العمود تمثال لرأس للإمبراطور الروماني هادريان الذي شيد مدينة جديدة على أنقاض مدينة القدس، وحرم على اليهود دخولها، وذلك بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني تيتوس إثر ثورة يهودية.
"الإسرائيليون في وجدانهم يحقدون على كل ما هو روماني بسبب تاريخهم مع حكمهم لفلسطين"، قال الخبير في شؤون القدس جمال عمرو، مضيفاً أن "القدس مر عليها أكثر من 18 حقبة تاريخية تمسك خلالها العرب الفلسطينيون بوجودهم فيها".
رمضان و"لاهافا"
وبدأت موجة التوتر الحالية منذ بداية شهر رمضان بعد أن نصبت الشرطة الإسرائيلية حواجز معدنية لمنع الجلوس على المدرج المحيط بباب العمود، حيث يتجمّع الفلسطينيون عادة في ليالي الشهر بعد الإفطار.
وتحولت إلى اشتباكات واحتجاجات إثر إعلان منظمة "لاهافا" اليهودية اليمينية المتطرفة نيتها التظاهر قرب باب العمود، وهو ما اعتبره الفلسطينيون "استفزازاً ومحاولة للسيطرة على هذا الموقع".
وتطالب المنظمة "بتهويد القدس وتدمير المسجد الأقصى" وتشن حملات التحرش بالمصلين وهم في طريقهم إلى المسجد، بحسب الناشط الحقوقي في القدس فخري أبو دياب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنتمي المنظمة إلى "الحركة الكاهنانية" التي فازت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة بستة مقاعد في الكنيست، وتعتبر حليفة لزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو.
وقال زعيم المنظمة بن تسيون جوبستين إن "ما نراه في القدس هو أمر روتيني وإرهاب يتكرر مع قدوم كل رمضان"، مضيفاً أنهم يريدون "الخروج بتظاهرة ضد ذلك، والوصول إلى باب العمود بالعلم الإسرائيلي، لنقول لهم إن هذه أرضنا".
وخلال الأيام الماضية، حاول المئات من أنصار المنظمة الوصول إلى منطقة باب العمود هاتفين "الموت للعرب" مهددين بقتلهم، لكن الشرطة الإسرائيلية منعتهم من ذلك في ظل وجود آلاف الفلسطينيين خشية الاشتباكات المباشرة بينهم.
وقالت الشرطة إنها نشرت قواتها عند باب العمود والبوابة الرئيسة للقدس القديمة والأحياء المجاورة من أجل حماية "حرية التعبير وحق التظاهر".
وبعد أيام على إزالة الشرطة الإسرائيلية الحواجز الحديدية من أمام باب العمود في خطوة قالت إنها تهدف إلى "التهدئة"، واعتبرها الفلسطينيون انتصاراً لهم، قمع الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية مئات الفلسطينيين الموجودين قرب الباب.
وقبلها بساعات احتفل آلاف المقدسيين خلال مهرجان بإزالة البوابات والحواجز العسكرية من ساحة باب العمود ومحيطها.