من بين جميع الكوارث التي مرت بتاريخ جوائز الأوسكار - من اختلاط المغلفات التي تحتوي على أسماء الفائزين، إلى الخطأ في نطق بعضها، إلى هفوة يرتكبها شخص انتهازي - هذه هي المرة الأولى التي لا يبدو فيها الخطأ بريئاً. بدلاً من ذلك، أطيح بأكاديمية فنون وعلوم السينما بسبب غطرستها.
كان يجب أن نتذكر حفل هذا العام بسبب الحدود [العقبات] التي تجاوزها، بما في ذلك تحقيق أعلى نسبة مشاركة للمرشحات والحضور الأكثر أهمية للأشخاص الملونين في فئات التمثيل. لقد كان أيضاً حفل توزيع جوائز بحضور فعلي نُظم أثناء جائحة كورونا، حيث اجتمع عدد كبير من الأشخاص في مكان واحد للمرة الأولى بعد عام اقتصر فيه التواصل على اللقاءات الافتراضية عبر تطبيق زوم وساده الانعزال الاجتماعي.
كان من الممكن أن يكون حفل هذا العام أحد أفضل الاحتفالات في الذاكرة الحديثة لو اكتفى منتجوه، برئاسة المخرج ستيفن سودربيرغ، بالتركيز على جوائز الأوسكار لكونها مجرد احتفاء بالسينما - وتحديداً قدرتها على بث الشعور بالراحة فينا وإلهامنا وإرشادنا خلال الأوقات العصيبة. وكان من الممكن أن يكون هذا أحد أفضل الاحتفالات في الذاكرة الحديثة. كانت الأمور تسير بهذا الاتجاه لفترة من الوقت. ثم اتخذت الأكاديمية قراراً مثيراً للسخرية الشديدة، واتضح أنه استغلالي في نهاية المطاف، متمثلاً بتبديل الترتيب الذي تعتمده للإعلان عن الفائزين حتى تتمكن من تهنئة نفسها على كل التقدم الذي تم إحرازه.
لم يتم الإعلان عن أفضل فيلم في نهاية الحفل كما هو معتاد، بل تم تقديمه قبل فئات التمثيل الرئيسية. تم اتخاذ القرار على ما يبدو مع وضع استنتاج واحد في الاعتبار: أن الممثل الراحل الذي يفتقده الجميع كثيراً، شادويك بوزمان، سيفوز عن أدائه في فيلم "رقصة ما ريني" Ma Rainey's Black Bottom، وأن شريكته في البطولة فيولا ديفيس ستصبح ثاني ممثلة سوداء تفوز بجائزة عن دور رئيسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هذا لم يحدث. حصلت فرانسيس مكدورماند على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم "أرض الرّحّل" Nomadland، حيث قفزت على خشبة المسرح لإلقاء خطاب قصير وحلو وغريب الأطوار إلى حد مقبول - فقد خصصت نصفه للقول إن حفل هذه السنة كان يجب أن يشتمل على منصة كاريوكي (إنها على حق). ثم ظهر خواكين فينيكس، الذي فاز العام الماضي بجائزة أفضل ممثل، وهو شخص يكره الاهتمام، ليعلن بأسلوب عادي أن أنتوني هوبكينز قد فاز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم "الأب" The Father. لكن هوبكينز، البالغ من العمر 83 سنة، الذي أصبح الآن الممثل الأكبر سناً الذي يفوز في فئة التمثيل، لم يكن حاضراً. ولأنه غير مقتنع بفوزه، فقد فشل أيضاً في تجهيز أي خطاب رسمي يتوجه به إلى الأكاديمية. قال فينيكس ببساطة شكراً نيابة عنه، ونزل عن المسرح، وهكذا انتهى حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام. لم تكن الأجواء باهتة فحسب - بل بدت وكأن الأكاديمية جُرّدت من طاقتها واستسلمت.
في الأيام التي سبقت الحفل، كتبتُ عن أحد أكبر مخاوفي بشأن أمسية توزيع الجوائز - وهو وجود ميل نحو الإعجاب بالذات والرضا عن النفس. ربما كانت هناك رغبة حقيقية في تكريم بوزمان، لكنها في الغالب تنبثق من الانتهازية الخاطئة. ففي النهاية، تم إطلاق هاشتاغ #OscarsSoWhite (جوائز الأوسكار شديدة البياض) على وجه التحديد استجابة لنقص التنوع في فئات التمثيل. وفي هذا العام، كانت هناك فرصة معقولة، لمرة واحدة، أن يكون الفائزون الأربعة جميعهم ممثلين ملونين (فاز كل من دانييل كالويا ويوه جونغ يون في فئة أفضل ممثل مساعد). أرادت الأكاديمية أن تتاح لها الفرصة لتهنئة نفسها، واحتلال عناوين الأخبار، والإعلان أنه تم حل مشكلة العنصرية.
قدم كل من ماكدورماند وهوبكينز أداءات جميلة - لا شك في ذلك. وكان هناك مجال للاحتفال بهما، بينما يتم الاعتراف بأن الاحتفاء بالممثلين الملونين يتم في إطار الأدوار المساعدة بدلاً من أدوار البطولة. تم ترشيح كل من كالويا وليكيث ستانفيلد لجائزة أفضل ممثل مساعد عن فيلم "يهوذا والمسيح الأسود"، Judas and the Black Messiah، مما أدى إلى مصادقة غريبة على أن الفيلم لا يحتوي على شخصية رئيسية.
كان هناك مجال أيضاً للاعتراف بالإقصاء المؤلم بلا شك لـ بوزمان الذي لا يشمل إرثه فقط ذلك الأداء الدقيق ومتدفق العواطف في فيلم "رقصة ماريني" Ma Rainey's Black Bottom، ولكن القدرة على تجسيد "الفهد الأسود" Black Panther - ذلك البطل الخارق الذي يستمر في نشر الإلهام حول العالم. ولكن خيبة الأمل هذه كلها تفاقمت بسبب قرار الأكاديمية العبث بترتيب الإعلان عن الجوائز الخاص بها. لقد أفسد القرار تلك الليلة التي كانت تبدو للحظة بأنها صادقة وهشة ونقية.
أصبحت كلوي جاو ثاني امرأة تفوز على الإطلاق بجائزة أفضل مخرجة، بينما حصل فيلمها "أرض الرّحّل" على جائزة أفضل فيلم. نعم، كان تصميم الصالة شبه الخاوية وأسلوب التصوير الذي يتمتع بحركة كاميرا أقرب للأفلام الوثائقية - والذي يعني غالباً أن الكاميرا ستهجم على أحد الوجوه المتعرقة والقلقلة لبعض المرشحين الفنيين التعساء - وهذا أمر مستهجن كذلك. لكن هذه الحميمية أسهمت أيضاً في خلق إحساس جماعي حقيقي بين المرشحين - وهو تذكير بأن جوائز الأوسكار يمكن أن تكون أكثر من مجرد حفل براق فارغ، ولكن فرصة للاحتفال بالعمل الجاد والإبداع.
أحببت قيام ستيفن يون بسرده حكاية حول مشاهدته فيلم "المبيد 2: يوم الحساب" Terminator 2: Judgment Day في طفولته، وأحببت كذلك اللحظة التي غمر فيها الامتنان كالويا لدرجة أنه راح يشكر والديه في نهاية المطاف على ممارسة الجنس وجلبه إلى هذا العالم في المقام الأول. أعجبتني كذلك اللحظة التي ذكّرت فيها مكدورماند الجميع بأن هذه الأفلام تستحق المشاهدة في الظلام الرائع لصالات السينما. إضافة إلى ذلك، تحدث بعض الفائزين عن وحشية الشرطة وعنف السلاح والنضال المستمر من أجل الديمقراطية في هونغ كونغ.
لكن أكبر خطأ ارتكبته الأكاديمية هو اعتقادها أن التقدم يمكن أن يكون سريعاً وسهلاً. إلا أن أفضل اللحظات من حفل هذا العام ذكّرتنا بأن طريق التقدم لا يكون من خلال العمل الفردي فحسب، ولكن من خلال المحادثة [تبادل الأفكار والمشاعر]. وقد كان حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام بحاجة إلى ذلك.
© The Independent