خرجت الجاليات الجزائرية في دول عدة في العالم عن صمتها وطالبت صراحة بفتح الحدود المغلقة منذ أكثر من 14 شهراً، واعتبرت أن السلطات بتمسّكها بالإغلاق إنما تعاقب المواطنين المهاجرين.
"من حقي ندخل بلادي"
وأصدرت الجمعيات والمنظمات الممثلة للمغتربين الجزائريين في مختلف دول العالم بياناً حمل عنوان "من حقي ندخل بلادي"، جاء فيه أن "آلاف المواطنين في الخارج يعانون الويلات بعدما أصبحوا عالقين بقرار فجائي، فمنهم مَن غادر الوطن للعلاج وانتهت فترة علاجه، ومنهم الطلبة الذين انتهت فترة دراستهم، ومنهم العمال والموظفون الذين انتهت عقود عملهم أو تم تسريحهم من وظائفهم، ومنهم المقيمون الذين تعطّلت مصالحهم في الجزائر، أما المؤلم أكثر، فيشترك فيه المئات الذين فقدوا والديهم وأحبابهم، إذ لم يتمكّنوا حتى من حضور جنائزهم لتوديعهم". وأشار البيان إلى أنه "أمام هذا التضييق والغلق، تؤكد إحصاءات موثوقة وأخبار متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الأجانب من جنسيات مختلفة يدخلون الجزائر ويخرجون منها بشكل عادي ومستمر منذ إعلان إغلاق الحدود إلى يومنا هذا".
وقال المهاجرون في بيانهم إنه "على الرغم من تفهمنا للوضع الاستثنائي الذي يمر به العالم، إلا أن غالبية البلدان سايرت الوضع واتخذت الإجراءات اللازمة لإبقاء الحدود مفتوحة أمام تنقّل الأفراد ولو بالحد الأدنى، وهذا ما كنا نأمله من سلطات بلدنا في التعامل مع الوباء". وأبرزوا أن "السلطات بممارساتها توحي بأنها لا تبالي بالجالية، بدليل عدم اهتمامها بأوضاع الذين غادروا الوطن للعلاج أو العمل أو السياحة، وأضحوا عالقين ومشردين لأشهر طويلة في أزمة إنسانية عصيبة، على الرغم من أن غالبيتهم كانت تمتلك تذكرة العودة". وختموا البيان بمناشدة الرئيس عبد المجيد تبون والوزير الأول (رئيس الوزراء) عبد العزيز جراد ومختلف الجهات المعنية، التعجيل بفتح الحدود مع التزام التدابير الوقائية المعمول بها دولياً وإنهاء مأساة الجزائريين في الخارج.
لن تجدي نفعاً؟
وتعليقاً على بيان الجالية، قال رئيس جمعية الشباب الجزائري المهاجر في إسبانيا محمد الأمين صندوق لـ"اندبندنت عربية" إنه لن يشارك في هذه الحملة، "ببساطة لأنها لن تجدي نفعاً مع هذه الحكومة التي تصدر قرارات غير منطقية وغير مفهومة وغير إنسانية على الإطلاق"، مضيفاً أن "لا أحد يصغي لأبناء الجالية، ولا يهتم بمشكلاتهم ومشاغلهم، ما يدل على عدم الاهتمام بهذه الفئة من الجزائريين". وتابع ردّاً على سؤال حول السبيل لدفع الحكومة إلى الاستجابة، أن "الضغط يكون على الحكومات الديمقراطية التي تؤمن بالتحاور لحلّ المشكلات وليس بسياسة الأمر الواقع"، موضحاً أن "هذه الحكومة لا يمكن ليّ ذراعها، وإن حاولت فتوصف بأنك أيادٍ خارجية. وختم "لدي القناعة الكاملة بأنهم لن يغيّروا موقفهم ولن يبدّلوا حساباتهم، على الأقل قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الفتح قرار سيادي لكنه مستبعد
في المقابل، رأى رئيس المختبرات المركزية والجمعية الوطنية لعلم المناعة كمال جنوحات أن "الوضعية الوبائية الحالية في البلاد نُحسد عليها، بسبب غلق الحدود، ووصولنا إلى مناعة القطيع الجماعية"، موضحاً أنه "من المحتمل جداً أن نسبة المناعة الجماعية للجزائريين فاقت الـ50 في المئة، ما يفسر تراجع الإصابات بفيروس كورونا". وشدد على أن "الإجراءات المتخذة جنّبت البلاد حدوث الموجة الثالثة للوباء التي يشهدها العالم حالياً، بفضل قرار الغلق الكلي للرحلات والحدود"، مضيفاً "لا أتوقع عودة الرحلات، ومن الممكن أن تفتح الحدود بعد نهاية هذه الموجة في العالم وتواصل الاستقرار داخل البلاد ما دون المئة إصابة يومياً".
وأوضح عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد الأزمة الوبائية في الجزائر الياس أخاموخ أن "مسألة فتح الرحلات الدولية غير واردة حالياً، نظراً إلى الحالة الوبائية التي تعيشها الدول الأخرى"، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في سياق "استمرار الجزائر في العمل بمستوى من الإجراءات الصحية المشددة ومواصلة التدابير الوقائية وعدم التراخي، التي أثبتت نجاعتها حتى الآن".
من جانبه، أعلن وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد في مناسبات عدة أن "قرار فتح الحدود قرار سيادي بيد رئيس الجمهورية"، مقترحاً الإبقاء على الغلق وتأجيل السماح بالرحلات الدولية". واعترف وزير الصحة بأن هذا القرار يواجه اعتراضات كبيرة من قبل الجالية الجزائرية في الخارج.
استمرار الغلق
وفي وقت ترقبت الجاليات الجزائرية فتح الحدود بعد تراجع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد، خرج الرئيس تبون بعد اجتماع لتقييم الحالة الوبائية بقرار تمديد غلق الحدود الجوية والبحرية والبرية إلى أجل غير مسمى، وتشديد الإجراءات الوقائية.
وتواصل الجزائر الإغلاق التام لحدودها إلى جانب 49 دولة حول العالم، منذ 17 مارس (آذار) 2020، إذ عُلّقت الرحلات الجوية والبحرية المنتظمة، إضافة إلى البرية. في المقابل، فتحت 122 دولة حدودها جزئياً، بينما يتوقع أن تعيد خمس دول فتح حدودها قريباً.