مع دخول الاقتتال يومه التاسع، جددت إسرائيل في وقت مبكر، الثلاثاء، غاراتها على مناطق متفرقة في غزة. وبينما تتواصل الضربات الجوية على القطاع تستمر "حماس" في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية، مقتل شخصين بعد إطلاق صواريخ من غزة، ليرتفع عدد القتلى إلى 12 منذ تأجج النزاع.
تواصل القصف
وقالت الشرطة، في بيان، "أصيب موقع يعيش فيه عمال أجانب بشكل مباشر بالصواريخ". موضحة "قتل اثنان وأصيب شخص بجروح خطرة وآخر بجروح متوسطة، إضافة إلى ثلاث إصابات طفيفة".
وأمس الاثنين، قصفت إسرائيل قطاع غزة بضربات جوية، وردت فصائل فلسطينية بإطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية.
وأسفرت هجمات صاروخية إسرائيلية عن مقتل حسام أبو هربيد، القائد بحركة "الجهاد الإسلامي"، وخلفت أضراراً بمبنى إداري من سبعة طوابق قال الجيش الإسرائيلي إن قادة حركة "حماس" كانوا يجتمعون فيه.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي عقب اجتماع بقادة الجيش، "توجيهاتنا هي مواصلة ضرب الأهداف الإرهابية. سنستمر في التحرك كما تقتضي الضرورة لاستعادة السلام والأمن لكل سكان إسرائيل".
وتوعدت حركة "حماس" بالرد بمزيد من الصواريخ. ودفعت القذائف الصاروخية، التي جاء بعضها رداً على مقتل أبو هربيد، الإسرائيليين للمسارعة إلى الاحتماء. وأصاب صاروخ معبداً في عسقلان ومبنى سكنياً في أسدود.
وقدر مسؤولون طبيون في غزة، أن عدد القتلى الفلسطينيين منذ اندلاع القتال الأسبوع الماضي بلغ 212 منهم 61 طفلاً و36 امرأة.
ومن جانبه، قال الجيش الإسرائيلي، إن 3350 صاروخاً أطلقت من غزة، وإن الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية قتلت 130 مقاتلاً فلسطينياً على الأقل.
وأكدت وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) إعادة إغلاق معبر كرم أبو سالم بعد فتحه ساعات محدودة على إثر إطلاق قذائف هاون في اتجاهه ونحو معبر إيريز.
وقالت الوحدة، في بيان، "سقطت أثناء دخول شاحنات تحمل مساعدات مدنية تبرعت بها منظمات الإغاثة الدولية لقطاع غزة، قذيفة هاون على معبر إيريز إلى جانب إطلاق قذائف هاون في اتجاه معبر كرم أبو سالم" المخصص للبضائع. وأكدت الوحدة "وقف دخول باقي الشاحنات".
وقال الجيش الإسرائيلي، إن طائراته قصفت أنفاقاً تمتد لمسافة 15 كيلومتراً، وتستخدمها حركة "حماس". مؤكداً أنه قصف تسعة مساكن لقادة كبار في "حماس".
إضراب عام ومواجهات
وعلى إثر تواصل الاشتباكات، نفذت المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، الثلاثاء، إضراباً عاماً ضد استمرار العدوان الإسرائيلي في القدس وغزة والضفة، بدعوة من حركة "فتح" التي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي رصد وإسقاط "طائرة مسيّرة على الحدود مع الأردن في منطقة وادي العيون في الأغوار". وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن حريقاً اندلع في مبنى وسط مدينة بئر السبع جراء صاروخ أُطلق من قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الثلاثاء، أن أربعة فلسطينيين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في ثلاثة حوادث منفصلة.
وأضافت الوزارة في بيان أن اثنين من القتلى سقطا خلال مواجهات شهدها مدخل مدينة رام الله الشمالي بعد مسيرة انطلقت من وسط المدينة شارك فيها آلاف المواطنين.
وذكرت الوزارة أن القتيل الثالث وصل إلى مجمع فلسطين الطبي مصاباً بالرصاص الحي في الرأس خلال مواجهات شهدتها بلدة بلعين غرب رام الله بين شبان وقوات إسرائيلية.
وأوضحت الوزارة أن القتيل الرابع سقط برصاص الجيش في مدينة الخليل. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت بالرصاص فلسطينياً حاول مهاجمتها ببندقية ومتفجرات بدائية الصنع في الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت وزارة الصحة في بيانات متتالية، الثلاثاء، بأن أكثر من مئة فلسطيني أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وأن عشرة منهم على الأقل حالتهم خطيرة.
وقال شهود عيان إن مسلحين فلسطينيين فتحوا النار على الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يواجهون المتظاهرين عند مدخل مدينة رام الله الشمالي.
ولم يتبنَّ أي تنظيم فلسطيني بعد إطلاق النار الذي استهدف الجيش الإسرائيلي بالقرب من رام الله.
وشوهدت جرافة إسرائيلية بعد عملية إطلاق النار وهي تقيم سواتر ترابية للجنود الذي يتمركزون بجانب مقر قيادة الجيش في مستوطنة بيت إيل بالضفة الغربية.
وأظهرت لقطات مصورة أحد الجنود وهو يحمل جندياً آخر من مكان إطلاق النار وكان مصاباً في ما يبدو.
مناشدة فلسطينية للأمم المتحدة
وأعلن السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، الثلاثاء، أنه طلب من المنظمة "إطلاق نداء عاجل لتقديم مساعدة إنسانية فورية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وقال منصور في مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة "لا يمكننا أن نستمر بالعيش في ظل نظام الفصل العنصري العدواني هذا. هذا الاحتلال يجب أن ينتهي. نحن بحاجة إلى استقلال دولتنا وعاصمتها القدس الشرقية لنعيش فيها بكرامة وحرية".
واعتبر منصور أنه من "المعيب" ألا يكون مجلس الأمن قد أبدى "موقفاً موحداً يدعو إلى وقف هذا العدوان" الذي اعتبر أن إسرائيل ترتكبه.
وأعرب السفير الجزائري لدى المنظمة الدولية سفيان ميموني رئيس المجموعة العربية في الأمم المتحدة، عن "خيبته لعجز مجلس الأمن عن اتّخاذ موقف إزاء الوضع الميداني الخطير والمثير للقلق".
وأشار الدبلوماسيان الفلسطيني والجزائري إلى أن عشرات الوزراء سيشاركون الخميس في الجلسة الخاصة التي ستعقدها الجمعية العامة حضورياً حول النزاع في الشرق الأوسط، وأوضحا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيلقي كلمة في افتتاح الجلسة.
"الأمن الدولي" يجتمع
وبينما لا تزال الولايات المتحدة ترفض المصادقة على بيان حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين يدعو إلى "وقف أعمال العنف"، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً، الثلاثاء، وهو الرابع من نوعه.
غير أن البيت الأبيض أعلن أن الرئيس الأميركي جو بايدن عبّر في اتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، عن دعمه لوقف إطلاق النار. موضحاً في بيان، "عبّر الرئيس عن دعمه لوقف إطلاق النار، وبحث انخراط الولايات المتحدة مع مصر وشركاء آخرين من أجل هذه الغاية".
وذكر البيان الأميركي، أن بايدن "شجّع إسرائيل على بذل كل الجهود الممكنة لضمان حماية المدنيين الأبرياء، وجدد تأكيد دعمه الثابت لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية العشوائية".
وقال البيت الأبيض، إن الطرفين ناقشا أيضاً التقدم في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد "حماس" والفصائل الأخرى في غزة.
وتتعالى أصوات كثيرة داخل المعسكر الديمقراطي من أجل دعوة بايدن للمطالبة بشكل صريح بوقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة.
موقف أميركي
وعندما سُئلت خلال مؤتمرها الصحافي اليومي حول ما يعتقد البعض في المعسكر الديمقراطي أنه "حزم غير كافٍ تجاه إسرائيل"، دافعت جين ساكي، متحدثة البيت الأبيض، عن نهج واشنطن الدبلوماسي "المتحفظ"، لكن "المكثف" في هذه المسألة.
ورفضت الولايات المتحدة، الاثنين، للمرة الثالثة في سبعة أيام، أن يتبنى مجلس الأمن الدولي بياناً حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين يدعو إلى "وقف أعمال العنف"، ما دفع إلى دعوة لعقد جلسة جديدة مغلقة الثلاثاء.
ومسودة البيان التي أعدتها الصين وتونس والنروج سُلمت مساء الأحد لأعضاء المجلس الـ 15، بهدف الموافقة عليها، الاثنين، لكن الولايات المتحدة قالت إنها "لا يمكن أن تدعم في الوقت الراهن موقفاً يعبر عنه" مجلس الأمن، وفق ما صرح به دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية.
حماية المدنيين
وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الطرفين على حماية المدنيين. مؤكداً أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها"، لكنه قال أيضاً إنه لم يشهد أي دليل من إسرائيل يثبت استخدام "حماس" مبنى يضم مكاتب إعلامية، ومنها وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، الذي دُمر في ضربة صاروخية يوم السبت.
وقال بلينكن، إن بلاده تلقت بعض المعلومات المخابراتية الإضافية عن قصف مبنى في غزة يضم مكاتب لوسائل إعلام.
وذكرت "حماس"، الاثنين، أنها ليس لها أي مكتب في المبنى المعروف باسم برج الجلاء. وقال فوزي برهوم، متحدث الحركة، في بيان، إن ما قالته إسرائيل مزاعم زائفة ومحاولة لتبرير جريمة استهداف برج يستخدمه مدنيون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
متى يتوقف القتال؟
وفي وقت سابق، حذّر الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، من خطر زعزعة الاستقرار بشكل أوسع يتجاوز قطاع غزة إذا لم يتم خفض التصعيد في القتال الدائر بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأشار ميلي، بعد أكثر من أسبوع من القتال المستمر، إلى أن أفعال إسرائيل تمثل دفاعاً عن النفس، لكنه حذر أيضاً من أنه في ظل مستويات العنف تلك، فإن "مواصلة القتال ليست من مصلحة أي أحد".
وأضاف في تصريحات للصحافيين قبل الوصول إلى بروكسل لإجراء محادثات مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي، "تقييمي للأمر هو أنكم تخاطرون بزعزعة الاستقرار بشكل أوسع وبسلسلة من التداعيات السلبية إذا استمر القتال. لذا في رأيي، أعتقد أن خفض التصعيد نهج عمل ذكي في هذه المرحلة بالنسبة لكل الأطراف المعنية".
من جانبه، شكك مسؤول إسرائيلي كبير في إمكانية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، وفقاً لوكالة "رويترز". ورداً على سؤال عما إذا كان يجري العمل على التهدئة، قال "لا يوجد شيء من هذا القبيل الآن. لا توجد مفاوضات. لا يوجد اقتراح. لا يوجد شيء على الطاولة".
وقال المسؤول إن مصر كانت على الأرجح الوسيط الأكثر فاعلية بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة. وأضاف، "يبدو أنهم أكثر تواصلاً".
وتوسطت مصر، التي لها حدود مع غزة، للتهدئة بين إسرائيل وحركة "حماس" في الماضي، إلى جانب قطر والأمم المتحدة. وستجتمع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس لمناقشة الوضع.
لكن المسؤول الإسرائيلي أشار إلى احتمال استمرار الصراع لمدة أطول. وقال، "ليس لدينا أي فكرة عن الوقت الذي نحتاج إليه، لأن إطلاق الصواريخ لا يتوقف. لا يمكننا التوقف عندما تستمر الهجمات على هذا المنوال. إسرائيل مستعدة لمواصلة القتال. بنك الأهداف لا ينتهي. يمكن أن يستمر هذا لأشهر".
ووقعت أعمال شغب بين عرب ويهود داخل إسرائيل ذاتها، وهو ما أثار قلق الحكومة الإسرائيلية. ووقعت اشتباكات في بلدات يقطنها مزيج من اليهود والأقلية العربية التي تشكل 21 في المئة من السكان.
وحذر الرئيس الإسرائيلي من أن التوتر بين اليهود والعرب الإسرائيليين قد يتطور إلى "حرب أهلية".