رأت تشيلسي مانينغ، الجندية السابقة في الجيش الأميركي التي سربت وثائق إلى موقع "ويكيليكس" عن مخالفات ارتُكبت في الولايات المتحدة، أن الخروج من الإغلاق الذي تسبب به وباء فيروس كورونا، يشبه مغادرة الحبس الانفرادي، منبهة إلى أن "بعض الأشخاص لا يتعافون أبداً" من مفاعيله.
وتذكيراً، أمضت مانينغ (المحللة السابقة في استخبارات الجيش الأميركي) نحو 7 أعوام في سجن عسكري، بعدما سربت آلاف الوثائق الحكومية السرية الأميركية إلى موقع "ويكيليكس"، قبل أن يقرر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تخفيف عقوبتها في عام 2017.
وتبلغ هذه المرأة التي تبلغ الآن من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً، وقد أُعيدت إلى السجن في عام 2019، بعدما رفضت الإدلاء بشهادتها ضد مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج. وأُطلق سراحها في مارس (آذار) 2020، حينما أجبر وباء "كوفيد" العالمي السلطات الأميركية على تطبيق عمليات إغلاق واسعة النطاق في البلاد.
وفي حديث مع "باد فايث بودكاست" Bad Faith Podcast الذي تستضيفه بريانا جوي غراي، المتحدثة الصحافية السابقة باسم حملة المرشح "الديمقراطي" بيرني ساندرز، وزميلها فيرجيل تكساس، ذكرت تشيلسي مانينغ التي أمضت قرابة 11 شهراً في الحبس الانفرادي، إنها "فوجئت" بالمدى الذي أثر فيه الإغلاق نفسياً على أصدقائها وأسرتها، مشيرةً إلى أنها لاحظت وجود أوجه تشابه كثيرة بين الإغلاق والسجن.
واستطردت، "أعتقد أن خروجنا من الحجر الصحي، يشبه، لا بل يذكرني إلى حد بعيد، بمشاهدة أشخاص عادوا مجدداً إلى الانضمام إلى المجتمع، بعد ما أمضوا أوقاتاً طويلة في السجن قد تصل إلى 6 أو 8 أشهر، وسط أكثر أنواع الحراسات تشدداً. لذا، فإن الأشخاص الذين يقبعون في حبس انفرادي أو يخضعون لقيود شديدة الصرامة، أو يعيشون في ظروف مشابهة، قد يستغرقون وقتاً كي يعودوا إلى مخالطة المجتمع والتفاعل مع الآخرين. لقد تأثرت لدى معاينة الظروف التي مر بها بعض أصدقائي وأفراد أسرتي، ومشاهدة معاناتهم من الآثار نفسها التي يسببها السجن. إنها صادمة حقاً. في الواقع، أعتبر أن الناس يحتاجون إلى وقت في التعافي والتماثل إلى الشفاء والتعلم من جديد كيف يكون في مستطاعهم معاودة الانخراط في المجتمع والتفاعل مع الآخرين، والشعور بإنسانيتهم مرة أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابعت، "بعد ما اختبرت شخصياً هذا المسار الانعزالي مرتين، توصلت في الحقيقة إلى تعلم الآليات التي تساعدني على تجاوز الأمر. وبعد ما أمضيت 11 شهراً في الحبس الانفرادي بشكل متواصل، شعرت للمرة الأولى بخوف شديد من مغادرة زنزانتي، حتى أنني سألت الحراس "هل يسمح لي فعلاً بالمغادرة، وهل سيكون في استطاعتي استخدام الحمام مجدداً، والعودة إلى مشاهدة التلفزيون؟" وبـ"نعم" جاء ردهم آنذاك".
واستكمالاً، أعربت مانينغ عن اعتقادها بأن الآثار التي تخلفها دائرة العزلة هي طويلة الأمد، ومفاعيلها تمتد "سنوات" عدة، وثمة كثيرون لن يستطيعوا التعافي منها. ولاحظت أن "الناس سيستغرقون سنوات طويلة في التخلص منها. لقد رأيت أيضاً أفراداً لم يتمكنوا من تجاوز الأمر والتعافي بشكل كامل، تماماً كما لو أنهم دخلوا السجن وخرجوا منه أشخاصاً مختلفين للغاية".
تجدر الإشارة إلى أن تشيلسي مانينغ اتُهمت عام 2013 بارتكاب جرائم عدة، إثر تسريبها وثائق عسكرية وديبلوماسية أميركية، بما في ذلك مقاطع فيديو عن تفجيرات وقعت في العراق وأفغانستان، وحُكم عليها بالسجن لمدة 35 عاماً بعد إدانتها.
وشغلت مانينغ منصب محللة استخباراتية ذات رتبة منخفضة في الجيش الأميركي، وامتلكت إمكانية الوصول إلى نظام كمبيوتر سري، فأخرجت منه آلاف الوثائق التي تغطي الحربين اللتين خاضتهما الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وكذلك فضحت انتهاكات ارتكبت ضد معتقلين هناك، وهجمات نفذها عسكريون أميركيون. وشملت التسريبات فيديو يصور عملية "قتل جماعي" نفذتها طائرة هليكوبتر أميركية، تضمنت مصرع صحافيين، إضافة إلى تسريب محتوى محادثات حساسة بين مسؤولي أجهزة الاستخبارات.
وعلى نحو مماثل، أدى دورها في فضيحة "كابل غيت" Cablegate، أسهم إلى إخراج آلاف البرقيات الديبلوماسية على مدى عقود عدة (بين عامي 1966 و2010) إلى العلن.
© The Independent