قالت وزارة الخزانة الأميركية، إن الولايات المتحدة فرضت، الخميس، عقوبات على اثنين من المسؤولين العسكريين في حركة الحوثي، وذلك في مواجهة هجوم تشنه الحركة المتحالفة مع إيران للسيطرة على محافظة مأرب اليمنية الغنية بالغاز.
وكان المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ حث جماعة الحوثي على خفض التصعيد والمشاركة بجدية في جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتوصل لوقف إطلاق النار المطلوب لإنهاء الحرب وهو هدف وضعته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أولويات السياسة الخارجية.
كما حث تحالف دعم الشرعية في اليمن على رفع كل القيود المفروضة على الموانئ والمطارات اليمنية لتخفيف وطأة ما تصفه الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وقال ليندركينغ في إفادة صحفية، إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على رئيس الأركان العامة الذي يقود هجوم الحوثيين في مأرب محمد عبد الكريم الغماري وعلى قيادي آخر في الجماعة مكلف أيضاً بعملية مأرب، وهو يوسف المداني.
وقال "لو لم يكن هناك هجوم، لو كان هناك التزام بالسلام، لو كانت كل الأطراف تبدي نية التعامل البناء مع مبعوث الأمم المتحدة.. لما كان هناك حاجة للعقوبات".
وقال "الحوثيون لا يحققون مكاسب في مأرب.. بل يضيفون ضغطاً كبيراً على وضع إنساني بالغ الهشاشة بالفعل، ويعرضون حياة مليون نازح في الداخل... للخطر".
وفي بيان يعلن عن العقوبات، اتهمت الخزانة الأميركية الغماري بتطويل أمد الحرب وتنسيق الهجمات التي أضرت بالمدنيين. كما أدرجت وزارة الخارجية الأميركية المداني في قائمة الإرهابيين العالميين.
استنكار حوثي
واستنكر قيادي في الميليشيات الخطوة الأميركية، مهدداً بتوسيع الهجمات بعدما حثت واشنطن الجماعة على التهدئة والمشاركة الجادة في جهود السلام.
وقال محمد الحوثي، القيادي في الجماعة المسلحة التي تسيطر على العاصمة صنعاء، "العقوبات لا تخيف المجاهدين"، مهدداً بضرب مصالح غير متوقعة رداً على ذلك.
لا طائل من الهجوم على مأرب
وأفرد ليندركينغ مساحة واسعة من إحاطته للحديث عن الوضع في مأرب التي تشهد ضواحيها معارك عنيفة يترتب عليها كثير من محددات الحل السياسي المنتظر.
وقال إن هجوم الحوثيين على مدينة مأرب "لا طائل منه"، مؤكداً أن هجوم الجماعة باتجاه المدينة "لم يتقدم كثيراً وهذا يدل على القدرة الدفاعية للقوات الحكومية".
وتطرق إلى المخاطر التي يسببها اقتراب المعارك العنيفة من النازحين المنتشرة مخيماتهم في عدة مناطق في المدينة الاستراتيجية.
ومنذ فبراير (شباط) الماضي، يواصل الحوثيون هجومهم للسيطرة على مدينة مأرب، الواقعة على بعد 120 كلم شرق العاصمة صنعاء، لكنهم فشلوا في تحقيق أي تقدم كبير نحو المدينة.
وإزاء موجة من النقد الشعبي والدولي لاستمرار هجومهم على المدينة التي تضم بين جنباتها أكثر من مليوني نازح، دافع الحوثيون عن "شرعية معركتهم".
وفي تغريدة له على "تويتر" في مارس (آذار) الماضي، قال القيادي في الجماعة محمد البخيتي، إن "الشعب اليمني يخوض معركة مقدسة ضد كل طواغيت العالم، الذين تكالبوا عليه، وسيترتب عليها مصير الأمة".
الحوثي لا يلتزم
واتهم ليندركينغ الحوثيين "بعدم تقديم أي خطوة إيجابية للتعامل مع الحل"، في إشارة لرفضهم الاستجابة للدعوات الدولية الضاغطة لوقف هجومهم على المدينة التي كان آخرها رفضهم مقابلته في مسقط برفقة المبعوث الأممي مارتن غريفيث. وهي المقابلة التي علق عليها ناطق باسم الجماعة، محمد عبد السلام، ووصفها بـ"الفارغة" كما جاء في تغريدة له على "تويتر".
وأضاف معلقاً على ذلك بقوله إنه "لا يمكن تحقيق السلام في اليمن من دون انخراط الحوثيين في عملية السلام (...) وعدم لقاء الحوثيين بوفد الأمم المتحدة مخيب للآمال". وأكد "الحوثيون تراجعوا عن التزاماتهم".
واقترحت الرياض في مارس (آذار) وقفاً شاملاً لإطلاق النار في كل أنحاء اليمن وإعادة فتح الموانئ الجوية والبحرية لدعم جهود إنهاء الصراع الذي يعتبر على نطاق واسع حرباً بالوكالة بين السعودية وإيران.
لكن الحوثيين أصروا على رفع القيود عن ميناء الحديدة، وهو نقطة الدخول التجارية الرئيسة للبلاد والشريان الأساسي لوصول المساعدات، وعن مطار صنعاء قبل إجراء أي محادثات عن وقف لإطلاق النار.
عدم جدية
وعلى الرغم من إقراره بعدم جدية الحوثيين إزاء الدعوات الشعبية والمبادرات الدولية الرامية لوقف الحرب، فإن مبعوث واشنطن دافع عن قرار بلاده رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب وقال إن "الهدف من رفع العقوبات تلك كان دعم العمل الإنساني في اليمن".
وفي 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أدرجت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، جماعة الحوثي على لائحة الإرهاب، واعتبرتها منظمة إرهابية قبل أن تتراجع الخارجية الأميركية، في عهد الرئيس جو بايدن عن ذلك، وأعلنت في فبراير (شباط) الماضي، إلغاء القرار لدوافع إنسانية مع بقاء قادتها في لائحة العقوبات.
خطوة بناءة
وفي معرض إجاباته، تطرق ليندركينغ إلى المحادثات الجارية بين السعودية وإيران التي تركزت بمعظمها حول اليمن ووصفها بأنها "خطوة بناءة"، لكنه استدرك قائلاً: "لم نرصد أي مشاركة إيرانية إيجابية بشأن إنهاء الصراع في اليمن ونلاحظ الدعم الإيراني للحوثيين من حيث التدريب والتسليح. وأضاف "حان الوقت لتدعم إيران محادثات السلام في اليمن".
وقبل نحو أسبوعين، تمكنت البحرية الأميركية من مصادرة شحنة أسلحة إيرانية كانت محملة على متن سفينة كانت في طريقها للحوثيين على الرغم من القرارات الدولية التي تؤكد منع طهران مواصلة دعمها للجماعة. ونفت إيران مراراً دعم الحوثيين.
الخطة الأممية
عقب أربعة أشهر على تعيينه مبعوثاً في اليمن يبدو أن ليندركينغ لم ينجح بعد في إحراز أي تقدم جوهري بشأن السلام في البلد الذي مزقته الحروب، لكنه اتهم الحوثيين مراراً برفض خطة الأمم المتحدة للسلام.
وفي إيضاح للدور الأميركي الضاغط نحو وقف الحرب ورؤيتها للحل الشامل، أكد ليندركينغ التزام الولايات المتحدة بالخطة الأممية للحل السياسي، وذكر أن "التزام أميركا لا يقتصر على وقف إطلاق النار في اليمن، بل يمتد إلى حل طويل الأجل"، من دون إبداء تفاصيل إضافية عن طبيعة الإجراءات المتخذة في حال استمر الرفض الحوثي إزاء دعوات السلام المتكررة التي تبنتها الولايات المتحدة، أخيراً، على نحو ملحوظ.
وسبق وتقدمت الأمم المتحدة بخطة سلام شامل للحرب في اليمن، تتضمن وقف إطلاق النار وفتح الطرقات بين المدن ورفع القيود عن المطارات والموانئ والدخول في مشاورات سياسية ترعاها إلا أنها قوبلت برفض حوثي.
وأدى استمرار الأعمال القتالية إلى قتل عشرات الآلاف، إذ تشير تقديرات غربية إلى سقوط أكثر من 233 ألف يمني خلال السنوات الست. كما تسبب القتال الدائر في البلاد في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.