يواجه تحالف نداء السودان، الذي يتزعمه الصادق المهدي، وأحد التحالفات السياسية الثلاثة، خطر التصدع بعد تصريحات عدة كشفت تباين وجهات النظر بين مكوناته، وتراشق الاتهامات بينها، خصوصاً الفصائل العسكرية المتمردة. وسرت أنباء تشير إلى رغبة النداء في مغادرة التحالف، لكنه نفى تقارير إعلامية محلية تحدثت عن تجميد عضويته في قوى إعلان الحرية والتغيير.
وأوضح القيادي في التحالف عمر الدقير أن "نداء السودان من المؤسسين لتحالف قوى الحرية والتغيير، وخبر المغادرة لا أساس له من الصحة، ونعمل مع شركائنا كافة على استكمال مطالب ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة وتحقيق غايات الشعب السوداني في السلام والحرية والعدالة".
وتشكل نداء السودان في ديسمبر 2014، بأديس أبابا في إثيوبيا، ويضم حزب المؤتمر السوداني والجبهة الثورية وحزب الأمة وحزب البعث السوداني والتحالف السوداني وحزب الوسط والحزب القومي وحركة حق ومبادرة منظمات المجتمع المدني واللاجئين والنازحين والمحاربين القدامى.
اختلافات مكونات النداء
بدأت الخلافات بين مكونات النداء بعد تنديد الجبهة الثورية في السودان بلقاء شركائها في قوى الحرية والتغيير بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي استولى على السلطة بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، مشددة على ضرورة اتفاق قوى المعارضة في ما بينها قبل الشروع في مثل هذه المحادثات.
وعقدت قوى معارضة حليفة للحركات المسلحة اجتماعاً مع رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، سارعت على إثره الفصائل الحاملة للسلاح إلى إصدار بيان أكدت فيه عدم تمثيلها في الوفد.
وأوضح بيان مشترك لقوى الجبهة الثورية أن البيان الذي صدر عن قوى الحرية والتغيير بشأن الاجتماع مع قادة المجلس العسكري "لا يمثل أطراف الجبهة الثورية وقوى الكفاح المسلح". وأضاف "عليه، يجب أن يكون هنالك لقاء آخر بقوى الكفاح المسلح، ممثلة في أطراف الجبهة الثورة حتى تكون عملية التغيير شاملة وتتبنى قضايا المهمشين، المتمثلة في إنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل والتحول الديمقراطي، ولا يجب أن يتم إقصاء أي طرف".
تصدع واضح
يرى الصحافي والمحلل السياسي عباس محمد إبراهيم، أن "التصدع داخل نداء السودان بدأ فعلياً، وأتوقع أن يصل إلى مرحلة الإعلان في المستقبل القريب"، مشيراً إلى أن "عوامله موجودة منذ لحظة تكوينه".
ويضيف "التباينات والتناقضات الموجودة بين مكونات النداء، لعبت دوراً كبيراً في تأجيل هيكلته الداخلية لسنوات، وأسهمت بصورة قوية في تأخير فعاليته وعمله". ويوضح إبراهيم "بعد سقوط نظام البشير ظهرت تناقضات في الخط السياسي للنداء، نسبة إلى تكوينه. إذ إنه عبارة عن فصائل مدنية وعسكرية من غير ضامن خارجي، يوفر له الثقة للانخراط مع القوى المدنية من قوى الثورة الأخرى".
ويذكر إبراهيم أن ذلك "دفع حركة تحرير السودان والحركة الشعبية، الفصيلين المسلحين المنضويين تحت تحالف نداء السودان، إلى الدخول في اجتماعات خارجية مع دول صديقة". وتجلى تخوف الفصائل المسلحة من القوى السياسية في تصريحات سابقة، أشارت فيها إلى أنها "غير ممثلة في وفد نداء السودان الذي ينخرط في تحالفات مع المجلس الانتقالي لاستيفاء متطلبات المرحلة الانتقالية ونقل السلطة إلى المدنيين". لكن إبراهيم يقلل من مخاوف التصدع، بقوله إن "التحالفات السياسية الموجودة الآن هي تحالفات لإنجاز الثورة وليست تحالفات لبناء الدولة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، يقول المحلل السياسي محمد الفكي سليمان إن "نداء السودان يشهد حالياً مشاحنات في التصريحات، قد لا ترقى إلى مرحلة التصدع". ويرجع التباين في وجهات النظر إلى "تنوع مكوناته، إذ يعتبر التحالف السياسي الوحيد الذي يجمع في تكوينه مدنيين ومتمردين عسكريين. وعلى الرغم من أن ذلك الوجود تسبب في ارتباك في بعض مواقفه لكنه في حد ذاته مهم".
ودعا سليمان "تحالف الحرية والتغيير الذي يضم إلى جانب نداء السودان، التجمع الاتحادي المعارض وتحالف قوى الإجماع، إلى المساهمة في تماسكه، لأن ذلك يضمن اتساق موقف التفاوض مع المجلس العسكري حول متطلبات نقل السلطة للمدنيين وتوحيد رؤية المعارضة لطبيعة الفترة الانتقالية المقبلة".
ويرى المحلل السياسي أن "العسكريين والمدنيين سواء كانوا في المجلس العسكري أو المعارضة، مصلحتهم واحدة، فهم كانوا مهددين من النظام السابق ومتضررين من الانتهاكات... قد يزايد أحدهم على الآخر لكنها تبقى مجرد مزايدات، لأن أحدهم إن أراد أن يستقوي على الآخر لن يجد بديلاً غير الاستعانة بالإسلاميين وجميعهم يعرف خطورة ذلك".
حسن نوايا
في وقت سابق، قررت "الحركة الشعبية" في السودان إرسال وفد "حسن نوايا" إلى العاصمة الخرطوم. وتقاتل الحركة منذ يونيو (حزيران) 2011، القوات الحكومية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وأوردت في بيان، أن إرسال الوفد يهدف إلى "دعم أجندة الثورة، ووضع قضايا الحرب كأولوية في عملية الانتقال، وإجراء حوار مع قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي".
ودعت الحركة إلى "عدم تكرار تجارب الماضي في حل قضية الديمقراطية بمعزل عن السلام، أو السلام بمعزل عن الديمقراطية، وعدم الفصل بين الحقوق المدنية والحقوق الطبيعية، وعلى رأسها حق الحياة والمواطنة بلا تمييز".
وأوضحت الحركة أن وفد حسن النوايا سيقوده نائب رئيس الحركة ياسر عرمان وأمينها العام خميس جلاب، وسيلتقي بالمجلس العسكري لتأكيد ضرورة أن تكون قضايا الحرب في حزمة واحدة، ضمن ترتيبات الفترة الانتقالية.
وأضافت أنها "تقف بالكامل مع تفكيك دولة التمكين، وإشاعة الحريات، وبناء نظام جديد قائم على المواطنة بلا تمييز". وأكدت مساندتها "حق التيار الإسلامي في الوجود بالحياة السياسية، مع الالتزام بالديمقراطية والمحاسبة والتداول السلمي للسلطة".