تقول إحدى الناجيات من العنف الأسري: "لقد حجزت أول موعد مع طبيب الأسنان لإصلاحها... بعد تلقي ضربات عنيفة على الرأس وإلقاء المعلبات علي وأكثر من ذلك، تعد هذه فكرة ممتازة ومهمة."
هذه الضحية هي واحدة من بين العديدات ممن سيساعدهن برنامج جديد يقدم بموجبه أطباء الأسنان العلاج المجاني للاتي عانين من العنف على أيدي شركاء الحياة المسيئين.
يجرى حالياً وضع سجل لمعالجة الأسنان خاص بضحايا العنف الأسري، وسيشمل مجموعة من أطباء الأسنان المستعدين لعلاج النساء اللاتي يعانين من تلف في الأسنان نتيجة الإصابات أو السيطرة القهرية.
تقف ريتشل ويليامز وراء هذه المبادرة، وهي امرأة لديها تجربة شخصية مع الضرر الذي يمكن أن يلحقه العنف الأسري، بسبب معاناتها من إصابات غيرت حياتها بعد ما حاول زوجها المسيء قتلها ببندقية نارية في صالون تصفيف الشعر الذي تعمل فيه.
وعلمت "اندبندنت" من الآنسة ويليامز، التي عاشت علاقة مسيئة لمدة 18 عاماً، أن العشرات من أطباء الأسنان راغبون بالفعل في الانضمام إلى المبادرة على الرغم من أنها ما زالت في مراحلها الأولى.
وتشير ويليامز إلى أن العديد من الناجيات من العنف الأسري غير قادرات على تحمل تكاليف علاج طبيب الأسنان؛ لأن كل ما يأخذنه عند هربهن من المعتدين عليهن "هو الملابس التي كن يرتدينها" فقط.
تضيف ويليامز، وهي الآن ناشطة رائدة في مجال العنف الأسري: "بصفتك ناجية، فقد سُلبت الكثير... عندما تكونين مع شخص مسيء، فإنك تنسين مَن أنت كشخص. فقد تمت قولبتك وتعديلك وفقاً للصورة التي يريدها الشخص المسيء."
وقالت إنها تحدثت إلى الضحايا اللاتي قلن إنهن يعانين من مشكلة طحن الأسنان "بشكل رهيب" أثناء النوم بسبب القلق. كما استشهدت بمثال امرأة اضطرت إلى الانتقال إلى مكان بعيد حقاً كي تتمكن من الفرار من المعتدي عليها، واحتاجت لأن تنتظر ستة أشهر على الأقل كي تحصل على موعد مع طبيب أسنان على حساب هيئة خدمات الصحة الوطنية.
مضيفة: "قد لا تكون أسنان الضحايا في حالة جيدة، إما بسبب الإهمال لأن الجاني لم يسمح لهن بزيارة طبيب الأسنان، وهناك النساء اللاتي يمتلكن أسناناً سيئة بسبب حادث عنيف."
تقول ويليامز، التي لم تعد قادرة على الركض أو ركوب الدراجة الهوائية بسبب الإصابات التي لحقت بها عندما أطلق زوجها المنفصل عنها النار عليها، إن هناك سيلاً من الردود التي تصلها من ضحايا العنف الأسري وتخبرها ما هو حجم الفرق الذي سيحدثه علاج الأسنان المجاني في حياتهن.
وأشارت إلى أن الرئيس التنفيذي لاتحاد أطباء الأسنان البريطاني، مارتن وودرو، قال إنه حريص على المشاركة في المبادرة ، كما أن امرأة تنتمي إلى جمعية تضم 250 طبيبة أسنان تود المشاركة.
تضيف ويليامز: "يبين هذا أن هناك كثيراً من الأشخاص الطيبين الذين يرغبون في مساعدة الناس في رحلتهم نحو الحرية... أتمنى أن أمنح الأمل للناس بأن هناك ضوءاً في نهاية نفق العنف الأسري."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعد ما أطلق زوج الآنسة ويليامز السابق النار عليها، اكتشفت لاحقاً من تقارير القضية أن الرجل كان لديه تاريخ مع العنف الأسري والأذى مع صديقة سابقة. كما عثرت الشرطة على مجموعة من الأسلحة مخبأة في منزله.
وقالت ضحية أخرى من ضحايا العنف الأسري: "تتساقط أسناني بسبب الضغط المستمر الذي عشته على مدى السنوات الست الماضية... أنا لا آكل ولا أنام ولا أعتني بنفسي بشكل جيد. عندما زرت طبيبة الأسنان آخر مرة قالت إنني سأفقد كل أسناني الخلفية. أكره ما فعله العنف بي."
يذكر أن امرأة تقتل على يد شريك حياتها الحالي أو السابق كل أربعة أيام في إنجلترا وويلز.
وتقول ناجية أخرى: "لقد أصبت بكسر في فكي وتلف في الأعصاب وأعاني من ألم في العصب الفكي الصدغي بسبب العنف الأسري، والذي خف كثيراً، والحمد لله، في العامين الماضيين... لكن قيل لي إن أسناني ستتأذى بشدة، وهذا ما حصل فعلاً. في السنوات القليلة الأولى، كنت أطحن أسناني بشكل سيئ للغاية بسبب الإصابة لدرجة أنها تبدو مروعة الآن. لم أكن أمتلك أفضل الأسنان على أي حال. أكره أسناني حقاً. وأواسي نفسي بالقول، حسناً، ما يهم هو ما في داخل المرء."
قالت تارا دوروستي، وهي طبيبة أسنان انضمت إلى البرنامج ، لـ"اندبندنت" إنها ساعدت، أخيراً، إحدى الناجيات من العنف الأسري التي أصيبت أسنانها بأذى بالغ على يد شريكها.
وتضيف الآنسة دوروستي: "لقد تعرضتْ للضرب على وجهها وأسنانها عدة مرات... أثر ذلك على أسنانها. كذلك، كانت تطحن أسنانها وهي نائمة بسبب الإجهاد. يمكن أن يتسبب هذا في تأثير ضار على الأسنان ويؤدي إلى ألم في الفك. كانت قلقة للغاية من أن تفقد أسنانها. يبدو أنها كانت تعتقد أنها إذا فقدتها، فستكون تلك القشة التي قسمت ظهر البعير."
وقالت طبيبة الأسنان، إن رؤية المريضة تزعجها- مضيفة أن نوم ضحايا العنف الأسري يتأثر بالفعل في كثير من الأحيان، وبالتالي يفاقم الألم في أسنانهن الوضع.
تضيف الآنسة دوروستي، التي تمارس مهنة طب الأسنان منذ 14 عاماً: "يتمتع أطباء الأسنان بعمل مناسب للتعرف على العنف الأسري. تشمل الأمور التي يستقصونها قيام المريضات بإلغاء المواعيد، أو إذا كن دائماً برفقة شركاء حياتهن عن زيارة العيادة... يؤذي الكثير من المعتدين الضحايا في أماكن لا يستطيع الآخرون رؤيتها، مثل خلف الأذنين وحول العنق أو على الرأس أو عند منبت الشعر. لا تعد هذه أماكن معتادة لإصابة الأشخاص بجروح وكدمات. نحن كأطباء أسنان، يمكننا رؤية ذلك."
وحثت ضحايا العنف الأسري على أن يتذكرن أنه يمكنهن الوثوق في أطباء الأسنان من دون الكشف عن هويتهن، مما سيمكن الأطباء حينها من تأمين مساعدة لهن من الجمعيات الخيرية أو الشرطة.
© The Independent