بلغت أسعار الحديد في الأسواق المصرية مستويات قياسية متأثرة بارتفاع أسعار الخامات عالمياً على وقع تعافي وعودة الاقتصادات الكبرى بشهية مفتوحة، مع نقص المعروض، إذ ارتفع متوسط سعر الطن محلياً من 9.5 ألف جنيه (نحو 608 دولارات أميركية) في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى ما يقارب 15 ألف جنيه (956 دولاراً) حالياً، ما يعني أن متوسط سعر الطن الواحد ارتفع بمقدار تخطى 5 آلاف جنيه (319 دولاراً) في غضون 7 أشهر.
57 دولاراً زيادة في طن الحديد خلال مايو
وتيرة الارتفاع زادت في القاهرة خلال مايو (أيار) الحالي، عندما زاد متوسط سعر طن الحديد 3 مرات متتالية خلال الشهر بمقدار 900 جنيه (57 دولاراً) وسط توقعات بوصول سعر الطن إلى 1000 جنيه (64 دولاراً) قبل نهاية الشهر، ليقارب الـ16 ألف جنيه (1000 دولار).
ورصدت وزارة الإسكان المصرية الأسبوع الماضي، ارتفاع متوسط سعر طن حديد التسليح خلال 6 أشهر بنحو 4 آلاف جنيه (258 دولاراً)، إذ سجل في نوفمبر 2020 نحو 9.5 ألف جنيه، وارتفع في ديسمبر( كانون الأول) إلى 11.60 ألف جنيه (739 دولاراً) وواصل الارتفاع في يناير (كانون الثاني) مسجلاً 13.8 ألف جنيه (879 دولاراً) وسجل في أبريل (نيسان) الماضي 13.6 ألف جنيه (867 دولاراً).
7.9 مليون طن إنتاج مصر من حديد التسليح
وتنتج مصر نحو 7.9 مليون طن من حديد التسليح، و4.5 مليون طن بليت، بينما تستورد 3.5 مليون طن من الأخير، وأرجع منتجون محليون الزيادات الجديدة في أسعار الحديد في مصر إلى القفزات القياسية غير المسبوقة في أسعار كل من الحديد الخام والخردة في البورصات العالمية، وأكدوا أن الأسواق العالمية في حالة جنونية، بسبب زيادة الطلب من الجانب الصيني، بالتزامن مع الانتعاشة في عديد من الأسواق الكبرى، نتيجة بدء إجراءات فتح الاقتصاد.
وقال رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية المصرية أحمد الزيني، "إن سعر طن الحديد ارتفع بحوالى 4 آلاف جنيه (255.08 دولار) خلال الفترة من نوفمبر وحتى أبريل الماضي". مستدركاً، "لكن كانت الزيادات على فترات متباعدة". وأضاف أن "الشهر الحالي شهد ارتفاع متوسط سعر الطن ثلاث مرات بمقدار 900 جنيه (57.39 دولار) بصورة لم يتوقعها أحد على الإطلاق". وأرجع ذلك إلى "ارتفاع أسعار الخامات عالمياً"، مشيراً إلى أن "تأثير زيادة الأسعار لم يظهر بعد على السوق محلياً حتى الآن"، متوقعاً أن "آثار ذلك ستتضح خلال أيام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن "الزيادة غير المسبوقة تكررت من قبل في عام 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية، إذ ارتفع سعر الطن آنذاك من نحو 2500 جنيه (160 دولاراً) إلى 10 آلاف جنيه (637 دولاراً)"، محذراً من "تكرار هذا السيناريو الآن".
وتابع الزيني أن "الشركات المنتجة للحديد محلياً رفعت أسعارها إلى حدود الـ14.5 ألف جنيه (924 دولاراً)، تسليم أرض المصنع علاوة على 150 جنيهاً ( 9.5 دولار) زيادة على كل طن حديد مقابل تكلفة النقل والتخزين ليصل إجمالي سعر الطن إلى 14750 جنيهاً (940 دولاراً) للمستهلك تقريباً".
متوسط طن الحديد عالمياً وصل إلى 740 دولارا
من جانب آخر، قال المدير العام لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، محمد حنفي، إن "ارتفاع أسعار الحديد حالياً له ما يبرره". وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الخامات العالمية، مشيراً إلى أن "السوق العالمية شهدت قفزات كبيرة في كل المعادن". ولفت حنفي إلى أن "مبيعات شركات الحديد لن تتأثر بهذا الارتفاع"، مؤكداً أن "الطلب يتحكم في الإقبال على الشراء وليس الأسعار". وأوضح أن "المستهلك النهائي هو من سيتحمل العبء"، مضيفاً أن "سعر متوسط طن الحديد عالمياً وصل إلى 740 دولاراً علاوة على 14 في المئة تحمل على الأسعار كضريبة محلية على المبيعات إضافة إلى نحو 400 جنيه (25 دولاراً) تكلفة التخليص الجمركي، إلى جانب تكلفة الشحن والنقل والعمالة، فضلاً عن رسوم حماية إغراق للمنتج المحلى"، ومؤكداً "أن الأزمة تعود إلى ارتفاع سعر الحديد في البورصات العالمية مع عودة مصانع الحديد في العالم بشهية مفتوحة إلى الإنتاج بعد توقف طويل، بسبب الإجراءات الاحترازية المصاحبة لفيروس كورونا، فضلاً عن تصعيد أسعار المواد الخام، ما أسهم في الارتفاع الجنوني للأسعار".
زيادة الطلب العالمي
قالت منظمة الصلب العالمية، في تقرير، "إن الارتفاعات الحادة في أسعار الحديد جاءت على خلفية زيادة الطلب العالمي تزامناً مع عدة تطورات اقتصادية، وعلى رأسها تسارع معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا وأميركا، بعد أن عانت تلك البلدان انكماشاً وتراجعاً خلال أزمة كورونا العام الماضي، أعقاب الإغلاق وتوقف الأنشطة الصناعية والتجارية".
وأضاف التقرير أن "الإنتاج العالمي من الصلب، يبلغ نحو 1.8 مليار طن سنوياً، تنتج الصين وحدها مليار طن، ما يجعلها أكثر دول العالم استهلاكاً للخامات العالمية، خصوصاً مع إلغائها حوافز صادرات الصلب، التي تبلغ 13 في المئة الأسبوع قبل الماضي، تزامناً مع أزمة تجارية بين التنين الصيني وأستراليا (أكبر مورد لخام الحديد للصين)، نتج عن ذلك قلة المعروض من الخام للأسواق الصينية، في ظل ارتفاع وتيرة النمو الصيني إلى معدلات غير مسبوقة بلغت 18.3 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، مقابل 2.9 في المئة عام 2020 بالكامل".
ولفت إلى أن "الصين تصدر ما يقرب من 45 مليون طن من منتجات الصلب سنوياً، باعتبارها لاعباً رئيساً في أسواق التصدير العالمية"، مؤكداً "أنه نتيجة لتلك العوامل مجتمعة ارتفعت أسعار خام الحديد بمعدل 30 في المئة بداية أبريل الماضي، ليصل سعر الطن إلى 261 دولاراً وهو ما انعكس على أسعار الخردة، إذ ارتفعت هي الأخرى بنحو 15 في المئة لتصل إلى 500 دولار للطن الواحد".
ارتفاع أسعار الحديد سيؤثر في سوق العقارات
من جانبه، قال رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين فتح الله فوزي، "إن هناك طلباً عالمياً متنامياً على الحديد، على خلفية التعافي الاقتصادي الذي تشهده المناطق الاقتصادية الكبرى في العالم، وعدم وجود طاقات إنتاجية كافية لتلبية احتياجات الطلب المتنامي". وأكد أن ارتفاع أسعار الحديد عالمياً ومحلياً سيكون له تأثير كبير في قطاع العقارات في مصر، موضحاً أن الحديد أحد عناصر التكلفة المؤثرة في صناعة البناء والتشييد، لافتاً أن المستهلك النهائي سيتأثر بالفعل نتيجة رفع الشركات العقارية لأسعار الوحدات السكنية بمختلف أنواعها خلال الفترة المقبلة. ووفقاً لمؤسسة "فاست ماركتس" العالمية المتخصصة في صناعة الصلب، سجلت أسعار الحديد 261 دولاراً للطن في مايو (أيار) الماضي، مقابل 100 دولار للطن في الفترة ذاتها من العام الماضي، كما تضاعفت أسعار الخردة إلى 500 دولار للطن.
من جهة ثانية، قال عضو شعبة مواد البناء بغرفة الإسكندرية التجارية محمود مخيمر، إن "القفزة غير المسبوقة في أسعار الحديد طالت عناصر الإنتاج الأخرى في قطاع البناء والتشييد، في مقدمها الأسمنت والأخشاب". وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية، "أن متوسط سعر طن الأسمنت تجاوز الـ1000 جنيه (64 دولاراً) من نحو 800 جنيه (51 دولاراً) قبل زيادة أسعار الحديد"، مضيفاً أن "سعر متر الأخشاب ارتفع من 6 آلاف جنيه (382 دولاراً) إلى 8.5 آلاف جنيه (541 دولاراً) للمتر الواحد، وهو ما انعكس على أسعار الدهان والبويات لترتفع بمقدار 30 في المئة تقريباً".