عادت نظرية تسرب فيروس كوفيد–19 من مختبر ووهان الصيني، حيث تجرى أبحاث على فيروسات كورونا في الخفافيش إلى الطاولة مجدداً، على وقع تقارير وكالات الاستخبارات الغربية التي تراجعت عن استبعاد تلك النظرية، في الوقت الذي ترفض فيه بكين مزاعم تسرب الفيروس من أحد مختبراتها.
وبعد أيام من دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن أجهزة الاستخبارات في بلاده، إلى إعداد تقرير خلال فترة لا تتجاوز الـ90 يوماً حول منشأ فيروس كورونا، لم تستبعد وكالات الاستخبارات البريطانية إمكانية تسرب الفيروس من مختبر أبحاث صيني، في تصعيد كبير للتوتر الغربي مع بكين.
وقالت صحيفة "صنداي تايمز البريطانية"، إن أجهزة الاستخبارات الغربية قللت على مدار الـ16 شهراً الماضية، من إمكانية تسرب الفيروس من مختبر ووهان، حيث تجرى أبحاث على فيروسات كورونا في الخفافيش، ويرتبط أحدها ارتباطاً وثيقاً بكوفيد–19، فيما تجري الآن في الولايات المتحدة وبريطانيا عملية إعادة تقييم للمسألة، بافتراض أن تسرب الفيروس من المختبر أمر ممكن.
وتثار المزاعم حول دور الصين مجدداً، وسط تزايد الجدل حول الإسكات المزعوم للعلماء دعوا إلى إجراء تحقيق في نظرية تسرب الفيروس، في حين تصر بكين على أنها ليست مصدر الفيروس الذي تسبب في وفاة أكثر من 3.5 مليون، وما زالت نيرانه مستعرة حول العالم.
ودفع التكتم الصيني نواباً بريطانيين إلى المطالبة بإجراء تحقيق جديد. وقال النائب المحافظ توم توغندهات، إن "الصمت القادم من ووهان مقلق"، مشدداً على الحاجة إلى معرفة الحقيقة لتجنب حدث مماثل، الأمر الذي يتطلب إجراء تحقيق بالتعاون مع شركاء المملكة المتحدة في جميع أنحاء العالم وفي منظمة الصحة العالمية. أما بوب سيلي، النائب عن حزب المحافظين، فانتقد ما وصفه بـ"تكتم كبير" حول أصل فيروس كورونا، مضيفاً أن العلماء الذين روجوا مبكراً لعدم إمكانية تسرب الفيروس من مختبر "سيدفعون ثمناً باهظاً على حساب سمعتهم".
من جانبه، شدد نديم الزهاوي، الوزير المسؤول عن توزيع اللقاحات في بريطانيا، على أن منظمة الصحة العالمية يجب أن تكون قادرة على التحقيق بشكل كامل في أصل الفيروس، بعيد تقارير تفيد بأن الاستخبارات البريطانية تعتقد أنه "من الممكن" ظهور فيروس كورونا إثر تسربه من مختبر.
وفي ظل التوترات المتصاعدة بين الصين والغرب، حذر مايكل راين، مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، يوم الجمعة، من أن الجهود المبذولة لفهم كيفية ظهور الفيروس بشكل أفضل "تسممها السياسة"، في حين تواجه المنظمة الأممية ضغوطاً متزايدة لإجراء تحقيق جديد ومعمق أكثر في شأن منشأ فيروس كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء الماضي، أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة بالتحقيق حول ما إذا كان وباء كورونا ظهر في الصين من مصدر حيواني أم نتيجة حادث مختبر. وتمثل الخطوة مؤشراً على نفاد صبر جهات دولية عديدة بانتظار تحقيق نهائي لمنظمة الصحة العالمية في شأن كيفية انتشار الوباء.
ويأتي ذلك بعد أيام من نقل صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تقرير استخباراتي أميركي، أن 3 باحثين في مختبر ووهان الصيني سعوا للحصول على الرعاية الصحية في مستشفى خلال نوفمبر 2019، أي قبل إقرار بكين بوجود المرض وكشف أول حالة.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد نشرت تقريراً، الخميس، يقول إن علماء الفيروسات البارزين حول العالم، الذين كان العديد منهم متردداً في التحدث علناً عن أصل الوباء، بدأوا يطالبون الآن بشكل صريح بإجراء تحقيق أوسع على خلفية اعتقادهم أن فرضية تسرب الفيروس من المختبر لا تزال ممكنة.
من جانبه، ضغط الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى خلال اجتماع جارٍ للدول الأعضاء في منظمة الصحة من أجل الحصول على توضيحات حيال الخطوات المقبلة التي تنوي الهيئة الأممية اتخاذها لكشف الغموض حول منشأ كورونا، وهو أمر أساسي من أجل تجنب أوبئة مستقبلية.
لكن منظمة الصحة العالمية أعلنت، الجمعة، أنها لا تزال بانتظار توصيات فريق من خبراء منظمة الصحة التقنيين في شأن طريقة المضي قدماً.
وكانت المنظمة التابعة للأمم المتحدة قد أرسلت فريقاً من الخبراء الدوليين إلى ووهان بؤرة الوباء الأولى في الصين في يناير (كانون الثاني)، للمساعدة في التحقيق لكشف مصدر الوباء، إلا أن تقريرها الذي نشر أواخر مارس (آذار) بعد تأخير طويل، لم يتضمن أي استنتاجات ثابتة واكتفى الخبراء الدوليون والصينيون بطرح سلسلة نظريات رتبوها بناءً على مدى احتمال صحتها وفق اعتقادهم.
وجاء في التقرير أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يكون الفيروس انتقل من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان وسيط، بينما صنف نظرية تسرب الفيروس من مختبر بأنها "مستبعدة بدرجة كبيرة".
وكانت وزارة الخارجية الصينية قد نفت أكثر من مرة صحة التقارير التي تتهمها باختلاق الفيروس مخبرياً، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، أن المعهد المتهم لم يسبق له العثور على فيروس من سلالة كورونا ولم يصب أي من العاملين في المختبر به.