يأمل زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في الفوز بثقة البرلمان، بعدما نجح في كسب رهانه بانتزاعه في اللحظة الأخيرة اتفاقاً لتشكيل ائتلاف حكومي، بينما يتجه منافسه بنيامين نتنياهو الذي ظل لفترة طويلة وجهاً مألوفاً لإسرائيل إلى هامش المشهد السياسي.
وكان لدى الوسطي لبيد حتى منتصف ليل الأربعاء، لإبلاغ الرئيس رؤوفين ريفلين بأنه جمع أغلبية 61 نائباً من أصل 120 في البرلمان، والتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة "تغيير".
لكن نتنياهو، الذي يخوض معركة قضائية في مواجهة تهم فساد ينفيها دائماً، سيكون في المرحلة المقبلة، بصفته زعيماً للمعارضة، في وضعية الاستعداد للهجوم على ائتلاف حاكم جديد من أحزاب يمينية ووسطية وعربية لا يجمعها شيء مشترك سوى الرغبة في الإطاحة به.
وفي مؤشر على ما ستحمله الأيام المقبلة، ظهر نتنياهو (71 سنة) عابساً على شاشة التلفزيون ليحذر من تشكيل "حكومة خطيرة من الجناح اليساري"، واصفاً ما حصل بأنه "احتيال القرن" بعد انقلاب رفيقه اليميني نفتالي بينيت عليه يوم الأحد وتحالفه مع لبيد.
الجزء الأصعب
في تعليقها على ما أعلنه لبيد، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" في مقال نشر ليل الأربعاء الخميس، إن "شبح إجراء اقتراع خامس أمر لا يمكن أن يأمل فيه أي إسرائيلي عقلاني"، محذرة من أن "الجزء الأصعب ليس إلا في بدايته" في ضوء "الأيديولوجيات والفلسفات المتباينة" التي يتشكل منها الائتلاف.
ورأت الصحيفة أن "الحكومة الوليدة لديها القدرة على إصلاح غياب الثقة وشفاء الانقسامات بين المجتمعات المختلفة وقيادتنا إلى طريق أقل فوضوية وأكثر استقراراً".
وقد يُعقد اجتماع البرلمان للتصويت على الثقة الأسبوع المقبل في موعد ما زال مجهولاً.
وفي الأيام الأخيرة، قالت وسائل الإعلام الاسرائيلية، إن رئيس الكنيست ياريف ليفين الذي ينتمي إلى حزب "الليكود"، قد يميل إلى تأخير تنظيم التصويت لبضعة أيام أخرى، على أمل أن تحدث في هذا الوقت انشقاقات في المعسكر المناهض لنتنياهو.
وفي الوقت نفسه، يبذل نتنياهو وحزبه ومحاموه جهوداً لمحاولة منع حصول اتفاق من هذا النوع على موافقة البرلمان.
سينهي حصول لبيد على الضوء الأخضر من البرلمان، أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من سنتين في إسرائيل، حيث لم تفض أربع انتخابات حتى الآن إلى تشكيل حكومة مستقرة.
وبموجب اتفاق لتقاسم السلطة أعقب انتخابات 23 مارس (آذار) الماضي، وهي الرابعة في إسرائيل خلال عامين، سيصبح بينيت (وزير الدفاع السابق والمليونير في مجال التكنولوجيا الفائقة) رئيساً للوزراء. وبعد مرور عامين يسلم المنصب إلى لبيد الذي تولى ذات مرة وزارة المالية في حكومة نتنياهو.
الحزب العربي
نشر فريق لبيد صورة لتوقيع اتفاق الائتلاف الذي أبرمه قادة ثمانية أحزاب، ويمكن أن يشكل منعطفاً في التاريخ السياسي لإسرائيل. واثنان من هذه الأحزاب يساريان واثنان وسطيان وثلاثة منها يمينية وحزب عربي.
وتعود آخر مرة دعم فيها حزب عربي إسرائيلي، حكومة (من دون المشاركة فيها) إلى 1992 في عهد "حكومة السلام" برئاسة إسحق رابين. لكن هذه المرة وقعت الاتفاق "الحركة الإسلامية الجنوبية" (القائمة الموحدة) بقيادة منصور عباس من دون أن توضح في هذه المرحلة، ما إذا كانت ستشارك فعلياً في الحكومة.
وأكد لبيد للرئيس الإسرائيلي أن "هذه الحكومة ستكون في خدمة جميع مواطني إسرائيل بمن فيهم الذين ليسوا أعضاء فيها، وستحترم الذين يعارضونها، وستبذل كل ما في وسعها لتوحيد مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورد الرئيس ريفلين "أهنئكم وأهنئ قادة الأحزاب على هذا الاتفاق الحكومي، ونتوقع أن يجتمع البرلمان في أقرب وقت ممكن للتصديق على هذه الحكومة".
في تغريدة على "تويتر"، أشاد بيني غانتس وزير الدفاع والمنافس السابق لنتنياهو على رئاسة الحكومة، وهو في طريقه إلى واشنطن لمناقشة الملف الإيراني، بالاتفاق. وكتب "ليلة أمل كبير".
في المقابل، اعترض الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة على دعم حكومة برئاسة بينيت.
وقال الحزبان العربيان الإسرائيليان، في بيان مشترك، إن "دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لحكومة لا تلتزم وقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة، والانتهاكات والاستفزازات في المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفي الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني".
وأكد الحزبان أن "إسقاط نتنياهو لا يشرعن دعم حكومة برئاسة بينيت"، التي اعتبرا أنها "حكومة يمين بامتياز في تركيبتها وفي خطها السياسي لا تقدم تغييراً جوهرياً حقيقياً عن حكومة نتنياهو".
مصير نتنياهو
التركيبة المتنوعة لتحالف لبيد - بينيت قد تؤدي إلى وضع غير مستقر، لا سيما في بلد تمزقه الانقسامات السياسية إلى درجة أن تكرار الانتخابات بات أمراً طبيعياً فيه.
وهذا يعني أن أحداً في إسرائيل لا يستبعد عودة نتنياهو إلى الحياة السياسية.
وأعادت تصريحاته إلى الأذهان أصداء اللغة التي كان يتحدث بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أقرب حلفائه على الصعيد الدولي، الذي أطيح به كذلك من منصبه، لكنه لا يزال يحظى بولاء مؤيديه.
وبالنسبة إلى الناخبين الموالين لنتنياهو، فإنه يظل زعيماً صاحب موقف قوي في ما يتعلق بالأمن، ودرعاً في مواجهة الضغط حتى من الرئيس الأميركي جو بايدن لأي خطوات جريئة قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.
ومن مقاعد المعارضة، يمكن أن يواصل نتنياهو ترديد رسالة مفادها، أن الائتلاف الجديد سيكبله الأعضاء اليساريون إذا دعت الضرورة لاتخاذ خطوات عسكرية ضد أعداء إسرائيل.
ومن أجل خطف الأضواء بينما كان لبيد يجري مفاوضات مكثفة بشأن تغيير الحكومة، اختار نتنياهو على ما يبدو التشاحن مع بايدن يوم الثلاثاء حول كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، ولمح مجدداً إلى احتمال هجوم إسرائيلي.
وقال نتنياهو في كلمة "إذا كان علينا الاختيار، وآمل ألا يحدث ذلك، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبرى الولايات المتحدة والقضاء على التهديد الوجودي... فإن القضاء على التهديد الوجودي يفوز".