لطالما انقسمت الأوساط الثقافية حول القول بذكورية اللغة العربية لأسباب تاريخية منها رأي متخصصين أن المرأة هُمشت على مر التاريخ باعتبارها "موضوعاً لغوياً" أكثر منها "ذاتاً فاعلة"، لكن اليوم، تتشارك النساء في العالم العربي التأثير والنفوذ مع الرجال، ويتجلّى ذلك في حضورهن بمواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً "تويتر"، حيث تنشط السيدات العربيات، الأمر الذي دفع تطبيق المدونات القصيرة، إلى إطلاق ميزة جديدة تتيح مخاطبة المغردات بالصيغة العربية المؤنثة، ليصبح أول موقع تواصل اجتماعي يجري هذا التعديل.
مبادرة شاملة
تأتي الميزة الجديدة، التي أطلقها موقع "تويتر"، يوم الثلاثاء 15 يونيو (حزيران)، في إطار مشروعات جديدة تتعلق بسبل مخاطبة المغردين، وخطط أخرى لإضافة ضمائر على لغة الملفات الشخصية، يختار من بينها المستخدمون الكيفية التي يرغبون في مخاطبتهم بها.
وقالت رئيسة قسم الاتصالات في شركة "تويتر" بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا رشا فواخيري، "اليوم أطلقنا إعداداً جديداً للغة العربية بالصيغة المؤنثة، أي بالعربية المؤنثة، على تويتر دوت كوم"، مشيرةً إلى أن الإجراء الجديد يهدف إلى أن تعكس خدمات التطبيق جميع الفئات بشكل أفضل، كون "تويتر منصة مفتوحة، هدفها خدمة المحادثة العامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت فواخيري إلى أن شركة "تويتر" بدأت باللغة العربية وربما تمتد المبادرة لتشمل لغات أخرى، مضيفةً، "اللغة العربية من اللغات الرئيسة في خدمتنا، ومثل كل التحديثات التي نطلقها، سنتطلع للحصول على تعليقات المغردين ونواصل تحديث الإعدادات وإطلاع الجميع على المستجدات".
ويهدف "تويتر" من خلال التحديث الجديد إلى إعادة تشكيل الطريقة التي تخاطب بها المرأة العربية، فعلى سبيل المثال، ستظهر كلمة "غرّدي" بدلاً من "غرّد" والموجودة في خيار العربية الافتراضية التي تخاطب الرجال، وسيظهر خيار "استكشفي" بدلاً من "استكشف".
وكانت شركة "أرامكس" للخدمات اللوجيستية ومقرها دبي، أضافت في أبريل (نيسان) الماضي خيار لغة مشابه على موقعها، إلا أن "تويتر"، أصبح أول موقع للتواصل الاجتماعي يقر خيار اللغة العربية بالصيغة المؤنثة.
تأنيث "تويتر" وجدل متجدد
تعيد خطوة "تويتر" الأخيرة الجدل حول تحيز اللغة العربية ضد المرأة إلى الواجهة مجدداً. هل نؤنث تلك المفردة أم لا وهل يجوز تأنيث المناصب أم يجب تذكيرها محل نقاش مستمر، وقد أفرد مؤلفون كتباً ومقالات حول الموضوع، منهم المفكر السعودي عبدالله الغذامي في كتابه "المرأة واللغة"، الذي تطرق إلى التحولات التي مرت بها المرأة العربية، إلى أن تمكنت من توظيف الكتابة وممارستها للخطاب المكتوب بعد عمر مديد من الحكي والاختصار، وهو ما يتضمن، بحسب الكاتب، "نقلة نوعية في مسألة الإفصاح عن الأنثى، إذ لم يعد الرجل هو المتكلم عنها والموضح عن حقيقتها وصفاتها، كما فعل على مدى قرون متوالية".
ويرى الغذامي أن المرأة باتت تشهر عن إفصاحها بواسطة (القلم)، فـ "حيثما يترك المجال لصوت المرأة كي يتكلم ويعبر فإنه بهذا يضاف صوت جديد إلى اللغة، صوتاً مختلفاً، ويفتح باباً للنظر ظل مغلقاً على مدى طويل وفي كل الثقافات. ويتساءل المؤلف في بحثه، بعدما جاء زمن امتلكت فيه المرأة يد الكتابة، "فهل تراها قادرة على تأنيث اللغة أو أنسنتها لتكون للجنسين معاً، أم أن اللغة قد بلغت منها الفحولة مبلغاً لا سبيل إلى مدافعته؟".
وكان الكاتب السعودي أثار في وقت سابق جدلاً حول تأنيث مفردة "تويتر" نفسها، ففي كتابه "ثقافة تويتر" الذي يبحث الظواهر الاجتماعية الموجودة في التطبيق، قال إنه يميل إلى تأنيث "تويتر"، باعتبار أن الثرثرة التي هي "من صفات الأنثى"، سمة أيضاً من سمات "تويتر"، على حد رأيه. مضيفاً أن الثرثرة ليست صفة سلبية أو عيباً توصم به المرأة، كما تروج الثقافة النسقية، ولكنها ميزة لغوية تنضم إلى مهارات ومزايا لدى المرأة مثل الاستقبال والإرسال في وقت واحد وسرعة الكلام والتفاعل، وهذه كلها من خصائص "تويتر" الموقع.