لا يتوقف المسؤولون الفلسطينيون منذ دخول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض عن المطالبة "بخلق مسار سياسي جاد تقوده اللجنة الرباعية الدولية يهدف إلى إنهاء الاحتلال، وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس".
ومنذ أشهر طويلة، يطالب الفلسطينيون بإطلاق مؤتمر للسلام على أساس جديد، وهو "إنهاء الاحتلال وحل الدولتين واحترام القانون الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني"، وذلك بعد 30 سنة على مؤتمر مدريد للسلام.
تعويل على إدارة بايدن
ويرفض الفلسطينيون العودة إلى مفاوضات برعاية أميركية أحادية منفردة، ويصرون على إنهاء احتكارها العملية السياسية، وإطلاق مفاوضات برعاية اللجنة الرباعية للسلام التي تضم موسكو وواشنطن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وتعوّل السلطة الفلسطينية على إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي في ملء "الفراغ السياسي" وإطلاق مفاوضات بجدول زمني محدد، بعد اعتراف إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة التي تضمن حل قضايا الوضع النهائي كافة.
لكن وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في الحكم، منع إطلاق ذلك المسار، بسبب رفضه المشاركة في مفاوضات جدية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بحسب الأوساط الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية تنتظر الموافقة
ومع تسلم نفتالي بينيت رئاسة الوزراء في إسرائيل إلى جانب شريكه في الحكم يائير لبيد، فإن السلطة الفلسطينية تنتظر موافقتهما على تلك المطالب المطروحة.
"الفرصة التي يجب أن تعطى للحكومة الإسرائيلية الجديدة هي أن يثبتوا أنهم مستعدون للسلام وإنهاء الاحتلال، وليس من أجل استمرار سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي والقتل والتدمير"، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية.
وتبدو واشنطن وتل أبيب ليستا في عجلة من أمرهما للتعامل مع القضية الفلسطينية، في ظل شبه اتفاق بينهما على الانتظار لاتضاح الرؤية حتى لا تنفجر الخلافات بين الجانبين.
ونفى مسؤولان فلسطينيان رفيعان تشكيل السلطة الفلسطينية فريقاً للتفاوض مع إسرائيل بطلب أميركي، بحسب ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر فلسطينية، وأضافا أنه من المبكر الحديث عن إطلاق المفاوضات خلال الفترة المقبلة، أو حتى تشكيل وفد للمفاوضات.
وبقي منصب رئيس شؤون المفاوضات الذي كان يشغله الراحل صائب عريقات شاغراً منذ وفاته في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، في حين يتولى القيادي في حركة "فتح" حسين الشيخ، والمقرب بشدة من الرئيس محمود عباس، بعض مهماته.
ولأن الشيخ يتولى بحكم رئاسته هيئة الشؤون المدنية إدارة الاتصالات الأمنية والمدنية مع إسرائيل، فإنه من المرجح أن يرأس فريق المفاوضات في حال تشكيله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل شُكل الوفد؟
ومع أن عضو اللجنة التنفيذية لـ "منظمة التحرير الفلسطينية" عن "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" تيسير خالد، لم يستبعد تشكيل الرئيس عباس فريقاً للمفاوضات مع إسرائيل، لكنه شدد على أن تلك القضية لم تناقشها اللجنة التنفيذية خلال اجتماعاتها الأخيرة.
وفي حين لم يجزم بتشكيل الوفد، أشار إلى أن ذلك في ما لو حصل، فإنه يشكل "خطوة كبرى إلى الخلف لا تخدم سوى المصالح الإسرائيلية، وتوفر غطاء لإسرائيل وهي تمارس كل أشكال البطش بأبناء شعبنا، بما في ذلك الإعدام والقتل العمد على الحواجز".
واعتبر خالد أن "أي تعاون مع إسرائيل في ظل مواصلتها تهويد القدس، ومصادرة الأراضي، يُعد انتهاكاً من قيادة السلطة لقرارات المجلس الوطني، والمجالس المركزية، واللجنة التنفيذية، التي ألزمت السلطة إعادة النظر في العلاقة مع دولة الاحتلال، وتعليق الاعتراف بها، والخروج من اتفاق أوسلو وكل التزاماته".
"إعادة الروح إلى عملية سياسية مع إسرائيل"
وكان الشيخ أعلن في نوفمبر من عام 2020 إعادة العلاقات مع إسرائيل وذلك بعد ستة أشهر من تجميدها، احتجاجاً على عزم تل أبيب ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وقال إن الموقف الفلسطيني جاء بعد تلقي رسالة رسمية من الحكومة الإسرائيلية تعلن فيها التزامها الاتفاقات الموقعة مع "منظمة التحرير" الفلسطينية.
واعتبر الشيخ حينها أن فوز بايدن بالرئاسة الأميركية يشكل بوابة لعودة العلاقة مع إدارته، مضيفاً أن "مجهوداً فلسطينياً ودولياً وإقليمياً سيُبذل مع الإدارة الأميركية الجديدة لإعادة الروح إلى عملية سياسية مع إسرائيل، ترتكز على الاتفاقات الموقعة".
وأواخر الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه الرئيس عباس في رام الله، أن أي "أعمال استفزازية أحادية الجانب تثير مزيداً من العنف وتقوّض احتمالات التوصل إلى حل عادل ودائم للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
إعادة بناء العلاقة
وأشار بلينكن إلى أن واشنطن "مهتمة بإعادة بناء علاقة مع السلطة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، مبنية على الاحترام المتبادل"، مضيفاً أنها ستمضي قدماً في عملية إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس.
لكن وزير الخارجية الأميركي لم يعلن عن خطوات لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بينما شدد على أن "الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون تدابير متساوية من الأمن والحرية والفرص والكرامة"، وأكد بلينكن التزام بلاده العمل مع السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي "لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والتقدم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوفير مزيد من الفرص لتقوية القطاع الخاص، وتوسيع التجارة والاستثمار".