تجاوزت القيمة السوقية لـ "فيسبوك" نحو تريليون دولار للمرة الأولى، حيث تعدّ شركة وسائل التواصل الاجتماعي خامس شركة أميركية تحقق هذا الإنجاز، لتنضم بذلك إلى "أبل" و"مايكروسفت" و"أمازون" و"ألفابت" الشركة الأم لـ "غوغل"، وأغلقت أسهم الشركة على ارتفاع بنسبة 4.2 في المئة عند 355.64 دولاراً أميركياً بحسب "سي إن بي سي"، بعد صدور حكم قانوني مؤيد رفض شكوى ضد الاحتكار قدمتها لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية وائتلاف المدعين العامين.
وتستمد "فيسبوك" كل إيراداتها تقريباً من الإعلانات المُخصصة التي تظهر لمستخدمي الشبكات الاجتماعية "فيسبوك" و"إنستغرام"، وتمتلك الشركة أيضاً نشاطاً تجارياً مزدهراً للأجهزة، وتقوم ببناء منتجات مثل جهاز الاتصال بالفيديو "بورتال" وسماعات الواقع الافتراضي، والنظارات الذكية، والتي من المقرر إطلاقها في وقت ما من 2021.
وعقدت "فيسبوك" طرحها العام الأولي في مايو (أيار) 2012، إذ ظهرت بقيمة سوقية قدرها 104 مليارات دولار، وعانت الشركة انخفاضاً هائلاً بنسبة 19 في المئة في عام 2018 بعد أن سجلت إيرادات مخيبة للآمال وأرقام مستخدمين ضعيفة خلال الربع الثاني من ذلك العام، وسط سلسلة من الفضائح بما فيها تسرب البيانات والأخبار المزيفة، وأبرزها فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، إذ قامت شركة بيانات بالوصول بشكل غير صحيح إلى بيانات 87 مليون مستخدم لـ "فيسبوك" واستخدمتها لاستهداف إعلانات دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
وعلى الرغم من الفضائح، كانت "فيسبوك" قادرة على التعافي وواصلت تنمية قاعدة مستخدميها ورفع متوسط إيراداتها بشكل مطرد لكل مستخدم، ليشهد سهم الشركة ارتفاعاً الآن بأكثر من 90 في المئة منذ 27 يوليو (تموز) 2018 حتى اليوم.
رد شكوى مكافحة الاحتكار
ورفضت محكمة فيدرالية شكوى مكافحة الاحتكار التي قدمتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد "فيسبوك"، إضافة إلى قضية موازية رفعها 48 مدعياً عاماً، ما يمثل انتكاسة كبيرة لشكوى اللجنة، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى سحب الشركة استثمار "واتساب" و"إنستغرام".
وقالت الشركة في بيان، "يسعدنا أن قرارات اليوم تعترف بالعيوب في الشكاوى الحكومية ضد فيسبوك". وأضافت، "نحن نتنافس بشكل عادل كل يوم لكسب وقت الناس واهتمامهم، وسنواصل تقديم منتجات رائعة للأشخاص والشركات التي تستخدم خدماتنا."
وكانت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية رفعت دعوى قضائية ضد الشركة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، جنباً إلى جنب مع المدعين العامين من 48 ولاية أميركية، بحجة أن "فيسبوك" انخرطت في استراتيجية منهجية للقضاء على التهديدات التي تواجه احتكارها، بما في ذلك استحواذات أعوام 2012 و2014 على "واتساب" و"إنستغرام"، على التوالي، والتي برأتها لجنة التجارة الفيدرالية سابقاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك، قضت المحكمة بأن لجنة التجارة الفيدرالية فشلت في إثبات خلافها الرئيس وحجر الزاوية في القضية والقائل إن "فيسبوك" يحتكر السلطة في سوق الشبكات الاجتماعية الشخصية في الولايات المتحدة.
وورد في ملف محكمة مقاطعة كولومبيا الأميركية أنه "على الرغم من أن المحكمة لا توافق على كل ادعاءات فيسبوك هنا، إلا أنها توافق في النهاية على أن شكوى الوكالة غير كافية من الناحية القانونية وبالتالي يجب رفضها"، وفشلت لجنة التجارة الفيدرالية في الدفاع عن حقائق كافية لتأسيس عنصر ضروري بشكل معقول لكل ادعاءاتها على "فيسبوك"، إذ تتهم عملاق التواصل الاجتماعي بكونه أصبح سلطة احتكارية في سوق خدمات الشبكات الاجتماعية الشخصية.
ووجدت المحكمة أن لجنة التجارة الفيدرالية لم تقدم بيانات مفصلة كافية لإثبات أن "فيسبوك" تتمتع بقوة سوقية في السوق غير المحكمة لخدمات الشبكات الاجتماعية الشخصية.
وكتبت المحكمة أن "هذه الادعاءات لا تقدم رقماً حقيقياً أو نطاقاً تقديرياً لحصة فيسبوك في السوق في أي وقت على مدى السنوات الـ 10 الماضية، ولا ترقى في النهاية إلى إثبات أن فيسبوك تتمتع بقوة السوق."
وتفترض شكوى اللجنة أن المحكمة ستوافق على اتهام "فيسبوك" بالاحتكار، وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، "لا تقدم شكوى لجنة التجارة الفيدرالية شيئاً ملموساً حول السؤال الرئيس عن مقدار القوة التي تتمتع بها فيسبوك فعلياً، ولا تزال تتمتع بها، في سوق منتجات مكافحة الاحتكار المحددة بشكل صحيح، ويبدو الأمر كما لو أن الوكالة تتوقع من المحكمة ببساطة إيماءة بأن فيسبوك محتكرة".
الحكم ليس نهاية المواجهة
الحكم ليس بالضرورة نهاية القضية، وأقرت المحكمة بأن لجنة التجارة الفيدرالية قد تكون قادرة على علاج نقاط الضعف في حجتها، لذلك تركت الباب مفتوحاً أمام إمكان تقديم شكوى معدّلة ومواصلة التقاضي، وقال متحدث باسم لجنة التجارة الفيدرالية، "اللجنة بمراجعة قرار المحكمة عن كثب وتقويم أفضل خيار للمستقبل".
والمحكمة اختلفت مع حجة "فيسبوك" بأن اللجنة ليست لديها القدرة على مهاجمة عمليات الاستحواذ على "واتساب" و"إنستغرام"، والتي حدثت في عامي 2012 و2014. وعلى العكس من ذلك، قضت المحكمة بأن لجنة التجارة الفيدرالية لا يزال بإمكانها طلب تجريد هذه المقتنيات، ولكن فقط إذا نجحت في حججها القانونية حول قوة احتكار "فيسبوك".
ومع ذلك، رفضت المحكمة القضية الموازية من المدعي العام قائلة إن التأخير الطويل بين عمليات الاستحواذ وإيداع القضية لعام 2020 كان غير مسبوق على مستوى ولاية نيويورك، وأن حجة الدول حول "فشل فيسبوك في منع التشغيل البيني مع التطبيقات المنافسة لتقديم مطالبة بموجب قانون مكافحة الاحتكار الحالي، إذ لا يوجد شيء غير قانوني في وجود مثل هذه السياسة، وقالت المتحدثة باسم مكتب المدعي العام في نيويورك ليتيتيا جيمس، "نحن نراجع هذا القرار وننظر في خياراتنا القانونية".