من المتوقع أن يشهد الذهب أسوأ أداء شهري في أكثر من 5 سنوات، وسط حالة من القلق والترقب تسيطر على المستثمرين الذين بدأوا رحلة التخارج من أسواق الأصول والملاذات الآمنة تزامناً مع قرب تعافي الأنشطة الاقتصادية وعودة الاقتصادات إلى النمو.
في تعاملات اليوم، واصلت أسعار الذهب تراجعها لتستكمل رحلة هبوط حادة بدأتها خلال الشهر الحالي، مقتربة من أسوأ انخفاض شهري منذ 2016. وسجل المعدن النفيس انخفاضاً 7.8 في المئة منذ بداية الشهر الحالي وحتى تعاملات اليوم الأربعاء. حيث تعرض المعدن الأصفر لضغوط قوية جراء تحول مفاجئ للبنك المركزي الأميركي صوب التشديد النقدي.
وأمس، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند "توماس باركين" إن الاحتياطي الفيدرالي أحرز تطوراً كبيراً تجاه مستهدف التضخم من أجل بدء خفض مشتريات الأصول.
وعلى الرغم من تسجيل ارتفاع ربعي خلال الربع الثاني من العام الحالي بـ2.9 في المئة، فإن الذهب يتجه بقوة نحو أكبر انخفاض شهري منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016. ويعد الذهب ملاذاً آمناً ضد تقلبات الأسواق والتضخم، فيما يزيد رفع سعر الفائدة من تكلفة حيازة المعدن النفيس ويقلل من جاذبيته.
ويؤدي رفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر، مما يقلص جاذبيته، ويدفع المستثمرين إلى هروب جماعي من أسواق الأصول والملاذات الآمنة.
5 أسباب وراء خسائر الذهب
يرى المحلل المالي أحمد رفعت، أن المعطيات القائمة تشير إلى استمرار خسائر الذهب، خصوصاً في ظل بدء الأسواق استعدادها لقرارات جديدة من قبل البنك الأميركي بشأن أسعار الفائدة.
وبينما يواصل الدولار الأميركي مكاسبه وبخاصة مقابل عملات الأسواق الناشئة، فإن ذلك لا يصب في صالح المعدن الأصفر، لكنه يؤكد إمكانية استمرار صعود الدولار الأميركي وعودة المستثمرين إلى سوق العملات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن هناك 5 أسباب رئيسة في موجة الخسائر التي تطارد الذهب خلال الفترة الأخيرة، يتمثل السبب الأول في المكاسب التي حققتها أسواق الأسهم خلال الفترة الماضية، التي عززت من عودة السيولة إلى الأسهم. أما السبب الثاني فيتمثل في المكاسب القوية التي يحققها الدولار الأميركي، وبخاصة مقابل عملات الأسواق الناشئة، وهو ما دفع إلى موجة هروب إلى أسواق العملات وشراء الدولار الذي من المتوقع أن يواصل الصعود في ظل تخلي الإدارة الأميركية الجديدة عن سياسة إضعاف الدولار.
ويتمثل السبب الثالث في المكاسب الضخمة التي حققتها العملات الرقمية المشفرة، ونمو هذه السوق بشكل مرعب خلال الفترة الماضية، وبخاصة بعد ما وصل سعر "بيتكوين" إلى مستوى يقترب من 65 ألف دولار، ما سحب البساط من الذهب الذي يواصل تسجيل خسائر منذ بداية العام الماضي.
ويتعلق السبب الرابع بموقف البنك المركزي الأميركي ووجود مؤشرات على اتجاه السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية إلى رفع أسعار الفائدة، وهو ما يخصم من رصيد الذهب.
فيما يتعلق السبب الخامس بخسائر عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار الأميركي، هذا إضافة إلى أن كل خسارة جديدة في الذهب لن تؤدي إلا إلى المزيد من الخسائر.
أدنى مستوى منذ نوفمبر 2016
في الوقت نفسه، يحوم الذهب حول أدنى مستوى في شهرين، حيث يترقب المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية للحصول على وضوح أكبر بشأن موقف مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي حيال السياسات.
ونزل الذهب في المعاملات الفورية بـ0.2 في المئة إلى 1757.76 دولار للأوقية، بعد أن لامس أدنى مستوياته منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي عند مستوى 1749.20 دولار في تعاملات الثلاثاء. فيما خسرت العقود الأميركية الآجلة للذهب ما نسبته 0.3 في المئة لتصل إلى مستوى 1757.80 دولار.
وفق استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز"، فمن المتوقع أن ترتفع الوظائف في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة 690 ألف وظيفة هذا الشهر، مقارنة مع 559 ألفاً في مايو (أيار) الماضي. وقال كريستوفر والر أحد محافظي مجلس الاحتياطي الاتحادي إنه "شديد التفاؤل" بشأن الاقتصاد، وإن البنك المركزي قد يبدأ رفع أسعار الفائدة في العام المقبل.
وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، فقد ارتفعت الفضة 0.1 في المئة إلى مستوى 25.78 دولار للأوقية. كما صعد البلاديوم 0.4 في المئة إلى مستوى 2688.83 دولار، ويتجه صوب تحقيق مكاسب للفصل الرابع على التوالي. فيما نزل البلاتين 0.4 في المئة إلى مستوى 1063.16، ويتجه بذلك صوب تسجيل أكبر انخفاض شهري وفصلي منذ مارس (آذار) من عام 2020.
وخلال تعاملات أمس، انخفضت العقود الآجلة للذهب تسليم أغسطس (آب) المقبل بنسبة 0.59 في المئة، أي ما يعادل 10.50 دولار عند مستوى 1769.80 دولار للأوقية، وخسر سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بنسبة 0.52 في المئة، أو ما يوازي 9.32 دولار إلى 1769.16 دولار للأوقية. كما انخفضت العقود الآجلة للفضة تسليم سبتمبر (أيلول) المقبل بنسبة 0.82 في المئة عند مستوى 26.07 دولار للأوقية.
الدولار الأميركي يواصل مكاسبه
في سوق العملات، يتجه الدولار إلى تسجيل أفضل مكاسب شهرية منذ مارس (آذار) الماضي، مدعوماً بمخاوف المتعاملين قبل بيانات الوظائف الأميركية التي يصعب توقعها وقلق من أن ترجئ سلالة دلتا لفيروس كورونا التعافي من الجائحة.
وكسب الدولار ما يقرب من 2.5 في المئة أمام سلة من العملات من بداية الشهر الحالي، وكانت معظم المكاسب في أعقاب تحول مفاجئ للنظرة المستقبلية لمجلس الاحتياطي الاتحادي نحو رفع أسعار الفائدة.
ويعتقد متعاملون في سوق الصرف، أن العملة الأميركية قد تسجل تحركاً حاداً في أي من الاتجاهين إذا أتت بيانات العمل بأي دلائل تشير إلى ضغوط على صانعي السياسات.
وأمس، تكبدت العملات المنكشفة على السلع الأولية وعالية المخاطر بأكبر خسارة، وفقد الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي نحو 0.7 في المئة مقابل الدولار الأميركي، بينما خسر الدولار الكندي نحو 0.5 في المئة من قيمته مقابل الورقة الأميركية الخضراء. واستقرت هذه العملات في الجلسة الآسيوية، وكذلك الين الياباني والفرنك السويسري، وهما من عملات الملاذ وكانا متماسكين، أمس.
وفيما سجل اليورو مستوى 1.1900 دولار، فقد بلغت العملة اليابانية مستوى 110.49 ين مقابل الدولار. وسجل الدولار الأسترالي مستوى 0.7518 دولار أميركي، وجميعها قرب أقل مستوياتها أمام العملة الأميركية في الفترة الأخيرة. وفي المقابل، فقد صعد الجنيه الإسترليني 0.1 في المئة إلى مستوى 1.3849 دولار أميركي.
في الوقت نفسه، استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية، عند مستوى 92.041 بعد ما لامس أعلى مستوى في أسبوع عند 92.194 في تعاملات الثلاثاء. وكسب المؤشر 2.5 في المئة خلال تداولات يونيو (حزيران) الحالي.