بات القضاء السعودي على مقربة من طيّ أشهر الخلافات المتعلقة بالديون في السعودية بعد مضي أكثر من 12 عاماً، وفق مقترح "تسوية" قدمته مجموعة أحمد القصيبي المثقلة بديون بلغت نحو 27.5 مليار ريال (7.33 مليار دولار)، وذلك بعد محاكمات ماراثونية طويلة.
القضية التي بدأت أحداثها عام 2009، حين لاحق دائنون مجموعتين سعوديتين هما مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه ومجموعة سعد المملوكة لرجل الأعمال السعودي معن الصانع، بعد أن تعثرتا في سداد ديون تقدر بنحو 22 مليار دولار، قد تشهد الفصل الأخير من الجلسات القضائية الطويلة بعد اقتراح "قدم إلى المحكمة التجارية في مدينة الدمام شرق البلاد هذا الأسبوع"، بحسب سايمون تشارلتون كبير مسؤولي إعادة الهيكلة والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، وهو اقتراح جاء بعد "موافقة من لجنة دائنين".
وأضاف تشارلتون في تصريحات لوكالة "رويترز" أن "الاقتراح يقضي بأن يحصل الدائنون على 7.25 مليار ريال (1.93 مليار دولار) في تسويات، وهو ما يضاهي نحو 26 في المئة من إجمالي مطالبات الديون التي أُقرت والبالغة 27.5 مليار ريال (7.33 مليار دولار)".
ليست النهاية
لكن ذلك لا يعني انتهاء القضية بشكل كامل، إذ من المتوقع أن يحدد قاضٍ للتفليسات خلال 60 يوماً موعداً لتصويت الدائنين، وقد تأتي التوزيعات عقب ذلك بوقت قصير. وتضم لجنة دائني مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه بنوكاً محلية وإقليمية ودولية.
ويقول تشارلتون "من الواضح أن هذا يحقق أفضل فائدة للدائنين، إنه يقدم عائداً أعلى بكثير من تصفية غير ودية، وأنا واثق أن الدائنين سيرون ذلك وسيجرون تصويتاً ناجحاً، وآمل أن نبدأ التوزيعات في وقت لاحق من العام".
وقال تشارلتون إن نحو ثلث الديون جرى تداوله لسنوات من جانب مكاتب تداول تابعة لبنوك وصناديق تحوط، ومن بين التسويات البالغة 7.25 مليار ريال، ستأتي 5.2 مليار ريال من أصول الشركة ونحو مليارين من المالكين.
وكانت مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه التي تستثمر في النفط والعقارات والأغذية والمشروبات قد تقدمت بطلب لإعادة هيكلة مالية عام 2018 في إطار "قانون الإفلاس" في السعودية، الذي صدر في العام السابق لجعل المملكة أكثر جذباً للمستثمرين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول الدكتور إياد رضا، الوكيل الشرعي لمجموعة القصيبي، في تصريحات تلت إعلان المقترح، إن "التسوية ستراعي كل الأمور التشغيلية والاستثمار الأمثل للموارد، مقارنة بتنفيذ جبري أو إفلاس". وبيّن أن هناك خطة للتسوية مع تقديم ضمانات كافية ومرضية للدائنين تحت إشراف المحكمة.
وقبل القانون الجديد، لم يكن هناك تشريع حديث لمسألة الإفلاس في السعودية، مما كان يعني أن الخيارين الأساسيين أمام المتعثرين هما "التصفية أو ضخ أموال".
خلافات ومحاكمات حول العالم
ودب خلاف حاد بين أفراد عائلة القصيبي والصانع، وهو متزوج من العائلة، بشأن من يتحمل مسؤولية انهيار الشركتين عام 2009، وتتهم الأولى الثاني بأنه تسبب في خسارتها مليارات الدولارات بطريقة مخطط لها، لكنه ينفي ذلك.
ولم تكن القضية المليارية والخلاف بين العائلتين داخل المحاكم السعودية فحسب، فثمة محاكم عدة حول العالم، من جزر كايمان مروراً ببريطانيا وسويسرا، تنظر في قضايا ضخمة بين الطرفين.
سلسلة "بونزي"
وكتبت صحيفة "الفايننشال تايمز" تقريراً في يونيو (حزيران) 2008 يقول إن محكمة في جزر كيمان (وهي أراضٍ بريطانية) خلصت إلى أن شركتين سعوديتين متورطتان في قضية احتيال بقيمة 126 مليار دولار، ووصفت بأنها "أكبر عملية احتيال" من نمط سلسلة "بونزي"، التي تعني "أسلوباً للاحتيال والمضاربة يعتمد على الوعد بأرباح كبيرة".
وجاء الحكم بعد دعوى قضائية استمرت نحو عقد رفعتها شركة القصيبي وإخوانه ضد معن الصانع، مؤسس مجموعة كانت تعد إحدى أقوى المجموعات الاستثمارية في السعودية.
وبحسب التقرير، فإن الصانع برز عام 2007 عندما اشترى نسبة 3.1 في المئة من أسهم بنك "أتش أس بي سي"، ومجموعته تضم عدداً كبيراً من الشركات المسجلة في جزر كيمان.
ورفضت المحكمة تهم شركة القصيبي بأن الصانع احتال عليها بمليارات الدولارات من القروض غير المسددة، وقضت بدلاً من ذلك بأن شركة القصيبي قد دخلت عن علم في مضاربة من نوع "سلسلة بونزي" التي جلبت بشكل احتيالي مبلغ 126 مليار دولار من القروض من أكثر من 1000 بنك دولي، وأسفرت عن تدفق من النقد مجموعه 330 مليار دولار على مدى عقد.
وتعود قصة الاحتيال المالي إلى العقد الأول من هذا القرن، عندما طالبت شركة القصيبي بمبلغ أربعة مليارات دولار تعويضات عن أضرار من الصانع.
المحكمة في جزر كايمان التي تتصدر قائمة مخابئ الأموال في العالم قالت في قرار الحكم، الذي جاء في 1348 صفحة، إن "الشركاء في شركة القصيبي كانوا على علم، وأجازوا عملية الاقتراض الاحتيالية من الأسواق المالية عبر المؤسسة المصرفية الدولية ومصرف تي آي بي سي، ومقرهما البحرين".