"الشرق ينهض"، هذا ما اختار القادة الصينيون إعلانه في وقت قريب من تولي الرئيس الأميركي جو بايدن منصبه، ثم أضافوا "والغرب آخذ في الانحدار". قد يسبب الجزء الثاني من هذا الإعلان انزعاجاً أو اعتراضات غاضبة في واشنطن وعواصم الحلفاء. في المقابل، بات الجزء الأول موضع إجماع شبه مطلق مفاده أن الصين الواثقة من نفسها، والمدعومة بسنوات من الأداء الاقتصادي المبهر وقيادة شي جينبينغ القوية، قد احتلت مكانتها كقوة عالمية، ونتيجة لذلك، جرى تقبل فكرة أن منافسة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة أمر لا مفر منه.
في المقابل، إن ما تحقق من أداء لا يضمن أن يؤول الآتي منه مستقبلاً إلى نتائج مماثلة. إذا نظرنا عن كثب، تبدو مثبطة كل تلك العقبات التي تعترض نجاح الصين المستمر. ويدرك الرئيس شي ذلك الأمر جيداً، ما يشكل، وفق رأي جود بلانشيت، تفسيراً واضحاً للإلحاح والجرأة في تنفيذ أجندته. ويكتب بلانشيت، "الطموح والإعدام أمران مختلفان، وقد وضع شي الصين الآن في مسار محفوف بالمخاطر، يهدد الإنجازات التي حققها أسلافه في حقبة ما بعد ماو". وثمة ديناميكية مماثلة تحدث في المجال الاقتصادي. ويشير دانيال روزين إلى أن سجل بكين الأخير في السياسة لا يعكس براعة فائقة وتفوقاً على العالم، بل محاولات تفشل في تحقيق إصلاح باتت الحاجة إليه ماسة تماماً، وتالياً، تأتي بعدها تراجعات مذعورة نحو فرض السيطرة المركزية. في هذه الأثناء، أعيقت جهود الصين الرسمية في التغلب على "عصرها المذهب" [يشير التعبير إلى فترة انفلات نشاط رأسمالي ضخم لكن يكون مشوباً بالفساد والمحسوبيات أيضاً]، بسبب القمع المتزامن الذي فرضه شي على القوى التي من شأنها أن تروض عدم المساواة والفساد في البلاد، وفق ما يكشفه يوين يوين أنغ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلوح مخاطر أخرى في الأفق خارج حدود الصين. إذ ينقل اثنان من أهم الباحثين في البلاد كيف يبدو العالم اليوم من بكين ويوضح يان كزويتونغ (شوتونغ) رغبة الصين المتزايدة في تحدي الهيمنة الأميركية، ويشرح وانغ جيسي لماذا "يعتقد معظم المراقبين الصينيين الآن أن الولايات المتحدة باتت مدفوعة بالخوف والحسد، باتجاه احتواء الصين بكل طريقة ممكنة". بينما تجادل أوريانا سكايلر ماسترو، أنه وسط حال من انعدام الثقة، "حان الوقت للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، كي نأخذ على محمل الجد احتمال أن تستخدم الصين القوة قريباً" ضد تايوان.
وكذلك يكتب أورفيل شيل، أنه في هذه السنة، تحتفل بكين بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني بـ"تبجح قومي" كبير و"سيل من القصص التاريخية الحزبية الرسمية التي تصور الصين على أنها قوة متجانسة". ومع ذلك، من خلال تتبع مسار الصين والحزب طوال القرن الماضي، يوضح شيل أن مثل ذلك الانتصار يحجب ماضياً أكثر تعقيداً وتنوعاً، وربما الأهم من ذلك بعد، يحجب أيضاً حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الصين.
* المحرر الرئيس
مترجم عن فورين آفيرز، يوليو (تموز) / أغسطس (آب) 2021