بعد جلسة وصفت بالتاريخية، وافق مجلس النواب المصري على تغليظ العقوبة المفروضة على مرتكبي جرائم التحرش، ليتغير بذلك توصيف الجريمة من "جنحة" إلى "جناية"، ليصبح الحد الأدنى للعقوبة عامين سجناً بدلاً من عام ونصف. "وقد تتضاعف العقوبة إلى سبع سنوات سجناً كحد أدنى، إذا ما اقترن الجرم بحمل سلاح، أو اشتراك أكثر من شخص في تحرش جماعي، أو إذا كان المتحرش يملك سلطة وظيفية أو غيرها على المرأة". وفقاً لما نصت عليه بعض مواد العقوبة الجديدة.
نصوص التعديل
نص مشروع قانون تعديل المادة القديمة "306 مكرر أ" الخاصة بتغليظ عقوبة التعرض للغير، على "معاقبة الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز أربع سنوات، بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (6367.19 دولار أميركي) ولا تزيد على 200 ألف جنيه (12734.38 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعرض للغير في مكان عام، أو خاص، أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات، أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أي وسيلة تقنية أخرى". ليصبح تعديلاً على ما سبق "أن تكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه (12734.38 دولار)، ولا تزيد على 300 ألف جنيه (19101.56 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى".
كما تضمن مشروع القانون تعديل المادة "30 مكرر ب" ونصت على "أن يُعد تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة (306 مكرر أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية. ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من (المادة 267) من هذا القانون، أو كانت له سلطة وظيفية، أو أسرية، أو دراسية على المجني عليه. أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه، أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهما على الأقل يحمل سلاحاً تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات".
انتصار للمرأة المصرية
يرى إبراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، "أن التحرش يعد انتهاكاً لحرية الشخص ومساحته الآمنة، ويمثل شكلاً من أشكال الهمجية والعنف، سواء كان ذلك التحرش بالقول أو ضمن إيحاءات ضمنية". وأشار إلى "أن تقرير اللجنة التشريعية الذي أوضح أن التعديل جاء في ضوء تدخل المشروع لتجريم تلك الظاهرة التي تؤرق المجتمع بموجب القانون (50) لسنة 2014 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، بهدف تشديد العقوبة لخطورتها الشديدة لتكون رادعاً قوياً لمن تسول له نفسه ارتكابها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال الجلسة، حث أشرف رشاد زعيم الأغلبية في المجلس، النواب على الموافقة على تعديلات مشروع القانون، مؤكداً "أن الأمر ليس مجرد تغليظ العقوبة، بل إعلاء لحقوق نساء مصر من أمهات وزوجات وشقيقات وبنات، حتى تتغير قناعة المجتمع بأن التحرش ليس من الأخطاء اللمم، بل جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بالسجن من سنتين إلى 7 سنوات". وأضاف، "أن القانون القديم لم يكن رادعاً حيث كان ينص على الحبس لمدة عام وغرامة تعادل 10 آلاف جنيه (630 دولاراً) لكل من يتورط في جريمة التحرش، لذا لم يمثل رادعاً حقيقياً لضعفاء النفوس من الخارجين على القانون".
تجفيف منابع التحرش
يقول النائب أحمد خليل، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور بمجلس النواب خلال الجلسة العامة لمناقشة تغليظ عقوبة التحرش، "نحن أمام عرض لمرض جريمة التحرش، وهو مرض ضخم لا يجوز التعامل معه على أنه أمر مستقل، ونشكر مقدم مشروع القانون ونوافق على التعديل من حيث المبدأ، لكن أكبر إشكالية أن نظن بتغليظ العقوبة أن الموضوع قد انتهى، فالتحرش يسكن العقول لدى البعض". وحمّل مسؤولية تجفيف منابع التحرش لمهام بعض الوزارات، في صدارتها تأتي التربية والتعليم، والأوقاف، والثقافة.
ترحيب نسائي بتغليظ العقوبة
تقول هدى سعدي، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة فرع قنا، "إن البرلمان المصري انتصر لصوت المرأة بتغليظ عقوبة التحرش، حتى تصبح رادعاً لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة الآثمة، التي أصبحت جناية مخلة بالشرف كسائر الخطايا الجنائية"، مشيرة إلى "أن هذا التعديل أكسب المرأة والفتاة المصرية الثقة في القانون، وسيعزز تنفيذ سيادة القانون على كل من يحاول التحرش".
وأكدت هدى بدران، رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر، في تصريحات صحافية، "أن القانون وحده لا يكفي لحل قضية العنف ضد المرأة، بل وأي قضية في المجتمع، لكنه أداة مهمة وضرورية لتحقيق الردع الذي يقلل من تكرار الجرم"، مؤكدة "ضرورة تغيير قناعة المجتمع بالتوعية حول خطورة جرائم التحرش على الشارع المصري".
وطالبت مروة عبد الرحيم، محامية في مجال قضايا المرأة، "بضرورة تطبيق سيادة القانون على كل من يتورط في جرائم التحرش سواء في الشارع أو داخل العمل"، لافتة إلى "أن تغليظ العقوبة يؤكد جدية الدولة المصرية في دعم حقوق المرأة، كما أن تغيير تصنيف جريمة التحرش من جنحة إلى جناية يعد مكسباً تاريخياً لنساء مصر".