شهد إقليم الأهواز، جنوب غربي إيران، تظاهرات احتجاجاً على شح المياه في المحافظة. ويعدّ الإقليم المطل على الخليج العربي أبرز مناطق إنتاج النفط في إيران وإحدى أغنى المحافظات الـ31 وكان شهد سابقاً عام 2019 إحتجاجات مناهضة للحكومة، طالت أيضاً مناطق أخرى من البلاد، كما تعرف الأهواز بخصوبة أرضها لكنها تأثرت بفعل التغيّر المناخي وقلة الأمطار وكثرة العواصف الرملية مما جعلها تشهد جفافاً غير مسبوق أدى إلى شح المياه، بالتالي تنامي حركة الاحتجاجات.
ومع بداية تظاهرات شح المياه في 15 يوليو (تموز) الحالي، تصدّر وسما #أنا_عطشان و#الأهواز_تنتفض، باللغة العربية مواقع التواصل الاجتماعي ليكونا ناقلين لحركة الاحتجاجات في المنطقة.
ربع الله تدخل على خط الاحتجاجات
في المقابل، نشرت حركة ربع الله الشبابية في العراق بياناً اليوم (22 -7-2021) عبّرت فيه عن أسفها للأوضاع الحاصلة في جارتها، متهمة أميركا وإسرائيل بتحريك ما وصفتهم بالعملاء لضرب إيران، وأوردت "ببالغ الأسى، نتابع الأوضاع داخل الجمهورية الإسلامية وما يحدث في بعض المناطق من فوضى عارمة واضحة المعالم والدعم الإسرائيلي الأميركي الذي حرّك بعض العملاء لضرب جمهورية إيران الإسلامية بصورة عامة والمذهب بصورة خاصة".
لم يكتفِ البيان بوصم المحتجين بالعمالة بل أكدت الحركة في البيان ذاته استعدادها لإعادة الاستقرار وتهدئة الأوضاع في إيران، معلنة "إننا نحذر بعض الأطراف التي تريد حرف الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال افتعال هذه التظاهرات ونقول لهم إننا جند مجندة للدفاع عن المذهب في أي مكان وزمان ونعلن أننا قادرون على تهدئة الأوضاع ونحن سيوف مشرعة لحماية المذهب سواء في إيران أو أفغانستان أو غيرها من الدول ونحن نعدّ العدة للدخول إلى هذه الأراضي لتصفيتها من أعداء الدين والإسلام والمذهب".
إيران لن تسمح بالتدخل
من جهة ثانية، يرى هادي جلو مرعي، رئيس مركز القرار السياسي للدراسات الاستراتيجية أن إيران لن تسمح بأي ردود فعل خارجية سواء كانت من جهات مؤيدة لها أو معارضة في مواجهة أي تظاهرات تتعلق بالخدمات وظروف العيش "لأنها تمتلك مؤسسات أمنية فاعلة تستطيع التعامل مع أي تطورات، وأي تدخل خارجي مع أو ضد، يربك الساحة الداخلية ويحدث نوعاً من الفوضى وهذا ما لن تسمح به طهران".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي السياق ذاته، يرى الصحافي عثمان المختار أن استعانة إيران بالجماعات المسلحة التابعة لها في العراق لإخماد التظاهرات في الأهواز هو أمر غير وارد، موضحاً أن "من يعرف الوضع داخل تلك المدن والمناطق، يدرك أن هناك قوات كبيرة تتبع النظام وبعضها من تلك المناطق ذاتها يستخدمها للقمع. وعليه، فإن فرضية الاستعانة بقوات أخرى بهدف السيطرة على الأوضاع مستبعدة".
خطوة الدعم الخارجي ربما تصاعد السخط الشعبي
ويضيف المختار أن خطوة قمع الاحتجاجات من قوى خارج إيران، سترتدّ سياسياً على النظام ومن الممكن أن تأتي بنتائج سلبية كبيرة على المستوى الداخلي بفعل التناقضات الموجودة في البلاد والنقمة المتصاعدة داخل مكونات أخرى، أبرزها المناطق الكردية في غربها على الحدود مع العراق والتي تمثل أكثر المناطق سخونة في إيران حالياً.
وتوقّع المختار أن تؤسس هذه الاحتجاجات لحراك مستمر كونها الأوسع منذ أعوام و"أن تؤسس لحراك طويل، بخاصة أن الروح القبلية والقومية العربية كانت حاضرة في شعارات المتظاهرين وهتافاتهم وربما تحفّز قوميات أخرى في إيران مستقبلاً على أمر مماثل".
الحليف الإيراني
في السياق ذاته، لم تصدر الفصائل الأخرى التي تطلق على نفسها "محور المقاومة" في العراق والمؤيدة لطهران أي بيان بخصوص الاحتجاجات في الأهواز، ما اعتبره هادي جلو مرعي أمراً طبيعياً، "فمحور المقاومة حليف طبيعي لكل القوى الفاعلة المناوئة للولايات المتحدة ولا مصلحة في أن تكون في إطار ما يحدث من تظاهرات في الأهواز لاعتبارات سياسية، عدا عن أن دور هذا المحور له مساحته ووجوده الذي لا يتخطاه".
تأكيد التبعية
في المقابل، يرى عثمان المختار أن تجاهل غالبية القوى السياسية والميليشيات المسلحة للحراك الحاصل في الأهواز يؤكد تبعية هذه القوى للنظام في إيران وتأييده، مهما كانت القضايا التي ربما تكون محط جدال "على الرغم من أن العشائر العربية المنتفضة هي نفسها الموجودة في العراق وينتمي إليها زعماء ميليشيات مثل الكعبي والخزعلي والمحمداوي والأسدي. هذا يؤكد بما لا يقبل الشك تبعية تلك القوى للنظام في إيران، كما أنه يُعتبر امتداداً لنهج تلك الجماعات بتأييد مواقف النظام بغض النظر عن طبيعة الملف".
يختم المختار أن دليل تبعية هذه القوى لطهران، سكوتها على قطع النظام أربعة أنهار عن العراق وتسببها بجفاف غير مسبوق في ديالى وكذلك ارتفاع اللسان الملحي في البصرة، عدا عن ملف القصف الإيراني المتكرر لقرى وبلدات حدودية عراقية ضمن إقليم كردستان، في وقت لا تتأخر عن التعليق والتدخل بالقضايا الأخرى.