بصفتي رئيس بلدية لندن، يتمثل جزء رئيس من عملي في تأدية دور المناصر لمدينتنا– الإشادة بها في كل فرصة ودعم لندن باستمرار في مختلف أرجاء البلاد والعالم. وهي مهمة لم أواجه أبداً صعوبات في أدائها لأنني أحب مدينتنا– وأؤمن بصدق بأنها الأعظم على وجه البسيطة.
فلندن منارة مشعة للتنوع والشمول، ومركز عالمي للأعمال والابتكار، وأرض خصبة للإبداع تفيض بالطاقة والخيال. وكما بينت الأشهر الـ18 الأخيرة، هي مكان يتحلى بالقدرة على الصمود، ومصادر لا تنضب من الشجاعة والطاقة والحماسة.
لكن على الرغم من السردية الإيجابية التي أستطيع أن أخبرها وأخبرها بالفعل عن لندن، لا يمكننا إهمال التحديات الكبيرة التي نواجهها؛ أو الصعوبات والضائقات التي يعانيها لندنيون كثر في شكل يومي. فعلى غرار المدن الرئيسة الأخرى كلها، على لندن أن تواجه مجموعة من المسائل– من التكلفة المرتفعة للعيش والأزمة المزمنة للإسكان، إلى آفات الحرمان المترسخ والجريمة العنيفة.
وفي الذكرى العاشرة لأعمال الشغب في لندن، من الواضح أننا، على الرغم من تحقيق بعض التقدم، لا يزال أمامنا مسار أبعد نقطعه لمعالجة المشاكل الاجتماعية الموجودة، والتي أدت دوراً رئيساً في اندلاع الفوضى والاضطراب قبل عقد.
كلندني، كانت مشاهدة أعمال الشغب تتكشف محزنة بكل ما للكلمة من معنى. كانت ألسنة اللهب تجتاح سيارات ومحالاً، ومؤسسات عائلية تُحرق تماماً، ورجال شرطة يخوضون معارك طويلة مع ناهبين في الشوارع. وأنشأت هذه الصور مناخاً من الخوف خيم كسحابة سوداء على عاصمتنا لأسابيع.
كان كثير مما شهدناه إجراماً وقحاً– وأنا واضح في ألا عذر أو تبرير يمكن أن يسوغ أبداً هذه المشاهد المروعة. وعلينا أن نستنكر سلوك أولئك المشاركين، ونال كثر منهم ما يستحقون من ملاحقة أمام قوى إنفاذ القانون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن لو رغبنا في تجنب تكرار أحداث مشابهة في المستقبل، يجب أن نواصل بذل جهد حقيقي ومنسق لكي نتوصل إلى فهم ومعالجة للظروف الأساسية وراء أعمال الشغب– من انهيار الثقة والتواصل بين الشرطة ومجتمعاتنا المحلية، إلى العزلة [الاغتراب] الواسعة النطاق، والفقر، وغياب الفرص، وشعور بانعدام الأمل في صفوف شبابنا.
الأسباب الجذرية للشغب– على غرار الأسباب الجذرية للجريمة العنيفة اليوم– بالغة التعقيد وتتسم بأبعاد اجتماعية واقتصادية راسخة.
ولسوء الحظ، في حين تبين مقدار توق مجتمعاتنا المحلية إلى استثمار مستدام، وتوق شبابنا إلى فرص أكبر، بدأت الحكومة الائتلافية عقداً من التقشف. وأدت اقتطاعاتها العميقة [في الإنفاق]، التي أصابت المجتمعات المحلية للأقليات والطبقة العاملة أكثر من غيرها، إلى إغلاق نوادي الشباب في المدينة، كما أثرت في عمل الشرطة، وبرنامج "السنوات المبكرة" للدعم، وإطلاق السراح المشروط، وخدمات الصحة العقلية، والخدمات الاجتماعية.
في لندن، لا نزال نكابد آثار هذه التخفيضات وتداعياتها. ونحاول ملء الفجوات وأعتقد أننا حققنا تقدماً حقيقياً في تحسين الآفاق والتوقعات الخاصة بشبابنا، لكن لو أردنا أن نكون صادقين، لا يزال كثير من العمل مطلوباً.
ولهذا السبب استثمرنا عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية في برامج التوظيف والفرص الإيجابية التي تساعد أكثر من 100 ألف لندني شاب على تحسين ظروفهم، بمن فيهم الأكثر عرضة إلى خطر الغرق في حياة العصابات والاستغلال والعنف. وأطلقنا أيضاً أكبر صندوق لإعادة تجديد [تنمية اقتصادية واجتماعية] لندن استثمر إلى الآن أكثر من 75 مليون جنيه إسترليني (104 ملايين دولار) في 138 برنامجاً في مدينتنا.
وإضافة إلى ذلك، أسسنا "وحدة التخفيف من العنف" الأولى من نوعها في إنجلترا، وهي تعمل مع الدوائر المجتمعية المحلية وسائر الأطراف المعنية، للحيلولة دون انزلاق الشباب إلى الجريمة العنيفة [جريمة من الدرجة الأولى]. ووضعنا خطة عمل لتحسين الثقة في شرطة العاصمة، بالتشاور مع مجتمعاتنا المحلية من السود والأقليات.
أمامنا طريق طويلة لتحسين الظروف الاجتماعية التي تساعد على فهم المستويات غير المقبولة من الجريمة العنيفة في مدينتنا وحول البلاد اليوم. لكن في لندن، لا نتجنب هذا التحدي، بل نواجهه مباشرة– ونجعل رسالتنا معالجة التفاوتات وحالات الظلم الهيكلية التي شوهت مجتمعنا وخلفت ندوبها في الفرص المتاحة أمام شبابنا لفترة طويلة.
ونحن نولي اللندنيين الشباب صدارة الأولويات للتعافي من هذه الجائحة، ونستثمر في مستقبلهم ونجهد لاحترام قيمنا الخاصة بالمساواة والعدالة والدمج– فهكذا سنحقق في نهاية المطاف المدينة الأكثر إنصافاً وأمناً وازدهاراً التي يرغب فيها اللندنيون جميعاً ويستحقونها.
© The Independent