بعد ارتياح الأسواق لأرقام سوق العمل في الاقتصاد الأكبر في العالم نهاية الأسبوع الماضي، تتطلع الأسواق إلى إعلان أرقام الاقتصاد الكلي التي تؤشر إلى معدلات التضخم الأسبوع المقبل. وعلى الرغم من أن الأسبوع يتسم بالهدوء النسبي، إلا أن صدور مؤشري أسعار المستهلكين والمنتجين سيعطي المستثمرين دلالة مهمة على الخطوة المقبلة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) في شأن أسعار الفائدة وبرنامج التيسير الكمي.
وليست هناك مناسبات كثيرة الأسبوع المقبل لتسمع الأسواق تصريحات من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في شأن السياسة النقدية. لكن ما هو معروف، ويكرره المسؤولون بمن فيهم رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، هو أن السياسة النقدية تعتمد على عاملين رئيسين، معدل التضخم ووضع سوق العمل.
لذا، كان لإعلان إضافة الاقتصاد الأميركي نحو مليون وظيفة، بزيادة 943 ألف وظيفة في يوليو (تموز) الأثر الأكبر على السوق، وقد يمتد للأسبوع المقبل أيضاً. ويعني ذلك تراجع معدلات البطالة من نسبة 5.9 في المئة إلى نسبة 5.4 في المئة، بينما كانت الأسواق تتوقع تراجع معدل البطالة إلى نسبة 5.7 في المئة.
تفاؤل حذر
قالت وزارة العمل في بيانها المصاحب لإعلان الأرقام "كان هناك تحسن واضح في معدلات التوظيف في يوليو في قطاعات الترفيه والضيافة والتعليم والحكومات المحلية وفي خدمات الأعمال والخدمات المهنية. إلا أن التذبذب في وظائف قطاع التعليم نتيجة وباء كورونا الذي أدى إلى تغيير نمط التوظيف والبطالة الموسمية، ربما كان له الأثر الأكبر في زيادة أرقام الوظائف في يوليو.
وربما ذلك ما يجعل الاحتياطي الفيدرالي ينظر إلى أرقام التوظيف، وإن كانت جيدة، إلا أنها ليست مؤشراً على قوة التعافي الاقتصادي من أزمة وباء كورونا واستدامته، خصوصاً أن الشهرين المقبلين سيشهدان ظهور تأثير التباطؤ الناجم من سرعة انتشار متحورة "دلتا" من فيروس كورونا حول العالم وتأثيره السلبي على الاقتصاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ربما كان ذلك سبب التفاؤل الحذر في السوق وبين المستثمرين في شأن النمو الاقتصادي. بالتالي، الخطوة التالية للاحتياطي الفيدرالي. لكن معظم المحللين الذين تحدثوا لشبكات التلفزيون أو كتبوا آراءهم في منافذ الإعلام الاقتصادي يرجحون أن يبدأ الاحتياطي في نهاية سبتمبر (أيلول) بخفض برنامج التيسير الكمي، أي شراء السندات بمعدل 120 مليار دولار شهرياً.
وفور إعلان أرقام الوظائف، الجمعة، ارتفع العائد على سندات الخزانة متوسطة الأجل، لمدة 10 سنوات، إلى نسبة 1.29 في المئة، بعدما كان العائد هبط إلى مستوى 1.13 في المئة. وكان لهذا التغير في سوق السندات أثر على المستثمرين في أسهم التكنولوجيا بالأساس. فهؤلاء هم أكثر المستفيدين من توفر السيولة قليلة الكلفة في السوق نتيجة أسعار الفائدة قرب الصفر، ونتيجة برامج الدعم والتحفيز الاقتصادي.
مخاوف التضخم
على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي اعتبر ارتفاع معدلات التضخم إلى نحو 5 في المئة مسألة مؤقتة، ونتيجة الانكماش الكبير في عام الوباء 2020، إلا أن استمرار ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يوليو الذي تعلن أرقامه الأربعاء المقبل، سيعني أن التضخم المرتفع دائم ومستمر.
وفي استطلاع لـ"داو جونز" جاءت تقديرات الاقتصاديين لارتفاع معدل التضخم لشهر يوليو عند نسبة 0.4 في المئة. ما يعني ارتفاعاً سنوياً بمعدل 4.3 في المئة. وكان مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع في يونيو (حزيران) بنسبة 5.4 في المئة بمعدل سنوي، بينما كان ارتفع في معدل التضخم الأساسي (من دون أسعار الطاقة والغذاء) عند نسبة 4.5 في المئة.
ومع التحسن الواضح في سوق العمل واحتمال استمرار ارتفاع معدلات التضخم، يقدر المتعاملون في الأسواق، أن الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى تشديد السياسة النقدية بأسرع مما حدد سابقاً بنهاية العام بعد المقبل.
وإثر إعلان أرقام الوظائف في الاقتصاد الأميركي، ارتفع مؤشر "داو جونز" للشركات الصناعية بنسبة 0.41 في المئة، بينما ارتفع مؤشر "أس أند بي" للشركات الكبرى بشكل طفيف بنسبة 0.17 في المئة. أما مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا فأغلق تعاملات آخر أيام الأسبوع يوم الجمعة، منخفضاً بنسبة 0.4 في المئة، بسبب ارتفاع العائد على سندات الخزينة بشكل أساسي. وفي المتوسط الأسبوعي، ارتفع مؤشر "داو جونز" بنسبة 0.8 في المئة، وحقق مؤشر "أس أند بي" زيادة بنسبة 0.9 في المئة، بينما أضاف مؤشر "ناسداك" نسبة 1.1 في المئة الأسبوع الماضي.
وفي غياب إفصاحات شركات عن الربع الثاني والنصف الأول من العام عموماً، وقليل من بيانات مؤشرات الاقتصاد الكلي يتوقع أن تواصل الأسواق أداءها الجيد وإن بمعدلات طفيفة، ما لم يحدث ما يؤثر فيها بشدة على مدى الأسبوع المقبل.