طاقم مروحية عسكرية أوكلت إليهم مهمة نقل جثمان الشيخ اليمني البارز علي القبلي، تحولوا إلى مسعفين في حادثة مرورية وقعت وسط الصحراء تحت السماء التي كانوا يطيرون فيها، لتتحول الحادثة بعدها إلى حديث المنصات والمجالس في اليمن.
وليس من المعلوم ما إذا كان رواج القصة مرده إلى ارتباطها بشيخ قبلي بارز وشعبي أم لغرابتها، إلا أن الصدفة التي دفعت المروحية للهبوط في منطقة صحراوية لإنقاذ أسرة تعرضت لحادثة مرورية في طريق العبر الدولي، وجد لفتة شعبية ورسمية واسعة في اليمن.
وأثناء ما كانت المروحية التابعة لسرب المنطقة العسكرية الأولى مارة في طريق عودتها من مطار صافر بمحافظة مأرب لنقل الجثمان إلى مطار سيئون بمحافظة حضرموت شرق اليمن، تعرضت سيارة من نوع باص متوسط تقل أسرة يمنية عائدة من السعودية إلى حادثة مرورية في الخط الدولي الواقع في منطقة "غويربان" الصحراوية، مما دفع طاقم الطائرة إلى الهبوط لإنقاذ الأسرة المكونة من ستة أشخاص بينهم أطفال ونساء، وجعل وزير الدفاع اليمني اللواء محمد المقدشي وقيادة المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت تكرم طاقم الطائرة، فيما أعلن بعض الوجهاء عن مكافأة للطيار ومساعديه.
واجب إنساني
وفي تعليقه قال العقيد طيار عبدالحكيم المعافري قائد الطائرة في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إنه وبعد إقلاعه من مطار صافر باتجاه مدينة سيئون شاهد الحادثة المأساوية في منطقة "غويربان" على طريق العبر الدولي، "فقررنا بدافع إنساني الهبوط لإنقاذ المصابين على الرغم من المخاطر المحتملة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "ما قمنا به واجب إنساني لم نكن نبحث وراءه عن أية مصلحة، كما لم نتوقع أن يحظى بهذا القدر من الإشادات والثناء من جميع فئات المجتمع الشعبية والرسمية التي تغمرنا حتى اللحظة"، ليتحول سلوك غير محسوب إلى حديث الجميع في البلاد.
مغامرة غير محسوبة
من جانبه، أوضح مساعد القائد الرائد طيار عبداللطيف العمري ما حدث بقوله، "من حسن حظنا أننا كنا نطير على ارتفاع منخفض بمحاذاة الطريق الدولي، ولهذا شاهدنا السيارة منقلبة فقررنا إجراء استطلاع جوي كخطوة تسبق الهبوط".
ويتابع، "هبطنا بالمروحية في مكان الحادثة وقام الزملاء المهندسون بإسعاف ستة من المصابين، امرأتان ورجلان وطفلان، وتم نقلهم إلى مستشفى مدينة سيئون بعد أن أجرينا اتصالات لتجهيز سيارات إسعاف".
ويشير العمري إلى أن "القرار المتخذ في لحظة كهذه يعد مغامرة لاعتبارات عدة، كونه مخالفاً لقانون الطيران والقانون العسكري، ومخالف للمهمة التي كلفت بها، وهو ما قد يعرضنا لعقوبات شديدة جداً وخصوصاً في وضع بلدنا".
كما أننا "هبطنا في منطقة غير معروفة وبها مسلحون لا نعرف من هم".
وفي رد فعل القيادة، أوضح أن قرارهم "قوبل بترحيب المسؤولين في المنطقة فضلاً عن الحفاوة والإشادات الكبيرة التي غمرتنا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".
سرب بلا صيانة
قصة حادثة الطائرة قادتنا إلى السؤال عن حال سرب الطيران المروحي التابع للقوات الجوية، الذي أكد العمري أنه حاضر في خدمة المجتمع ومشاركته في إنقاذ المحاصرين من السيول والفيضانات في عدد من المحافظات، إلا أن السرب المكون من مروحيتين يحتاج منذ فترة طويلة إلى أعمال صيانة ضرورية وقطع غيار.
ويتحدث عن "حاجات الطائرتين من النواحي الفنية وأعمال الصيانة، مثل الزيوت وقطع الغيار التي لم تجر عليها أي صيانة منذ سبع سنوات، عدا بعض الجهود التي يقوم بها مهندسو السرب والطيارون والفنيون السابقون والجدد، كوننا نعتبر الطائرتين جزءاً من أجسادنا".