لأول مرة منذ ست سنوات، رأى 77.1 في المئة من المستجوَبين في استطلاع للرأي صدر حديثاً في تونس أن البلاد تسير في "الطريق الصحيح"، بينما يساند نحو 95 في المئة منهم القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو (تموز) الماضي.
وتصدر سعيد نوايا التصويت واحتل المرتبة الأولى بنسبة 91.9 في المئة، وذلك بحسب ما كشف عنه "البارومتر السياسي" لشهر أغسطس (آب) الحالي، الذي أنجزته مؤسسة "سيغما كونساي" ونشرته جريدة "المغرب" التونسية، الثلاثاء 17 أغسطس.
انقلب إلى الضد
وحلت رئيسة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي في المرتبة الثانية بنسبة 2 في المئة من المستطلَعين، بتراجع طفيف مقارنة باستطلاع الرأي السابق، وجاء النائب الصافي سعيد بـ1.4 في المئة، ثم رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي بـ1.3 في المئة، ويليه الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بـ1.2 في المئة.
وبالنسبة إلى نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية، وفق استطلاع الرأي الأهم في تونس، إلى تقدم "الحزب الدستوري الحر" بـ30.8 في المئة، في مقابل 20.1 في المئة من نوايا التصويت لحزب أطلق عليه المستجوَبون اسم "حزب قيس سعيد"، تليه حركة "النهضة" بـ10.9 في المئة، ثم حزب "قلب تونس" بـ7.8 في المئة، والتيار الديمقراطي بـ5.9 في المئة.
وأفاد مدير عام مؤسسة "سيغما كونساي"، حسن الزرقوني بأنه "في الفترات الماضية سُجلت أرقام قياسية في نسب التشاؤم لدى التونسيين وهو ما انقلب إلى الضد في فترة وجيزة جداً"، مشيراً إلى أن "نسبة التشاؤم لدى التونسيين وصلت في أوائل يوليو (تموز) الماضي، أي قبل الإجراءات الاستثنائية التي أقرها سعيد إلى 92 في المئة".
كما بيّن الزرقوني أن "الانتقال من نسبة 92 في المئة تشاؤم إلى نسبة 77 في المئة تفاؤل، دليل على الثقة في قيادة البلاد".
وأكد الزرقوني أنه "لم يتم اقتراح أسماء مرشحين بخصوص نوايا التصويت على المستجوَبين، بل هم مَن اختاروا الأسماء دون توجيههم أو الضغط عليهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صعود صاروخي
في المقابل، شكك النائب السابق عن "التيار الديمقراطي"، هشام العجبوني في عمليات استطلاعات الرأي في تونس عموماً، معللاً ذلك بأن "هذا القطاع غير منظَم ويحاول توجيه الرأي العام خلال كل فترة انتخابات". وأفاد العجبوني بأنهم قدموا سابقاً "مشروع قانون ينظم عمليات استطلاع الرأي من أجل ضمان انتخابات نزيهة وشفافة، إلا أن مجلس النواب لم يوفق في وضع هذا القانون والمصادقة عليه لأسباب سياسية".
وبخصوص ارتفاع ثقة التونسيين برئيس الجمهورية قيس سعيد، اعتبر العجبوني أنه "أمر متوقع جداً، حتى وإن كنت هذه الثقة منخفضة قبل إجراءات 25 يوليو". ويفسر هذا التغيير قائلاً "في لحظة ما، فقد التونسيون الأمل في رئيس الجمهورية من أجل قلب موازين القوى وإيقاف التدمير الممنهَج الذي تعيشه البلاد. وفجأةً خرج سعيد في خطاب وصفه كثيرون بالتاريخي، خرج له الشعب إلى الشوارع فرحاً متفائلاً بمستقبل أفضل من 10 سنوات عجاف حكمت خلالها حركة النهضة". وهذا ما يفسر بحسب العجبوني "الصعود الصاروخي لقيس سعيد في نوايا التصويت للانتخابات المقبلة".
إرادة الشعب
من جهته، عبر الصحافي زهير طابة عن اعتقاده بأن "الاستطلاع الصادر حديثاً جاء ليؤكد أن الإجراءات الاستثنائية لم تكن قرارات سياسية خالصة بقدر ما كانت نابعة عن إرادة شعبية، وأتت أرقام الاستطلاع الأخير لتدعمها. إذاً فإن رضى غالبية التونسيين عما أقدم عليه رئيس الدولة من قرارات، يطرح سؤالاً جوهرياً حول علاقة بين الشعب التونسي والحكومة السابقة من جهة، وعلاقة الشعب بنظام الحكم الحالي برمته، وهو: هل أن الحكومة في خدمة الشعب أم أن الشعب خزان انتخابي لخدمة الحكومة؟".
ورأى طابة، القريب من دوائر الرئاسة التونسية، أن "المرحلة السياسية القريبة المقبلة ستشهد تقديم نظام حكم جديد أمام الاختيار الشعبي عبر تنظيم استفتاء للغرض، يؤسس لجمهورية ثالثة تستمع لمشاغل المواطن وهمومه، وتضع مصالحه وحقه في التنمية والرفاه، في صلب أولوياتها، دون حسابات ومحاصصات ومغالبات سياسية، ومحاولات الاستئثار بالدولة والسيطرة على مفاصلها"، مضيفاً أن "الاستطلاع الأخير أكد أيضاً أن المواطن التونسي يريد قيادة صادقة وناجزة وقوية، تمر مباشرة إلى الفعل وتعلي من شأن القانون وتفرض هيبة الدولة من دون المساس بالحريات".
كما عبر طابة عن اعتقاده بأن "المواطن التونسي الذي تم الزج به في صراعات سياسية وأيديولوجية وعقائدية- بصفة مقصودة- جعلته أحياناً يُبرر ما لا يُبرر، نصرة لهذا الفريق أو ذاك، استفاق من غيبوبته بفعل هول جائحة كورونا واقتصاد منهار ودولة على حافة الإفلاس، استفاق ليعدل بوصلته من جديد ويختار نصرة الدولة لا الحزب أو الطائفة عندما وجد شخصاً مثل رئيس الدولة يقاسمه أحلامه وتطلعاته".