كثف نواب في البرلمان الجزائري، في الساعات الماضية، من تحركاتهم للإطاحة برئيسه، معاذ بوشارب، الذي وصل إلى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عقب حركة انقلابية هوليودية، إنتهت بإغلاق مبنى البرلمان بسلاسل الحديد وعزل الرئيس السابق، السعيد بوحجة، المنتخب لعهدة تمتد حتى عام 2022.
وفي تطور لافت، دعا حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) بوشارب، المنتمي إليه، إلى التنحي من منصبه، استجابة لمطالب الحراك الشعبي الرافض لبقائه في منصبه.
وقال الأمين العام للحزب الحاكم، محمد جميعي، في لقاء جمعه بنواب الحزب على هامش إفطار نُظم في أحد فنادق العاصمة، الخميس 16 مايو (أيار)، "من خلالكم أنادي رئيس المجلس الشعبي الوطني، وهو زميل لنا، ومناضل ومحترم، أن يجعل المصلحة الوطنية، ومصلحة الدولة الجزائرية، فوق الأنا الشخصية، وأن يلتزم بكل شجاعة بمطالب الشعب الجزائري في تغيير رئاسة المجلس".
شغور
ويُدرك النواب أن النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، يمنع سحب الثقة من رئيس البرلمان، وهو ما يجعلهم يستندون إلى المادة 10 التي نص أنه "في حال شغور منصب رئاسة المجلس الشعبي الوطني بسبب الاستقالة أو العجز أو التنافي أو الوفاة يتم انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني بالطرق نفسها في هذا النظام الداخلي في أجل أقصاه 15 يوماً اعتبار من تاريخ إعلان الشغور".
وبحسب المادة نفسها "يتولى مكتب المجلس الذي يجتمع وجوباً لهذا الغرض تحضير ملف حالة الشغور واحالته على اللجنة المكلفة بالشؤون القانونية، وتعد هذه اللجنة تقريراً عن إثبات حالة الشغور، يعرض في جلسة عامة للمصادقة عليه بأغلبية أعضاء المجلس، وفي هذه الحالة يشرف على عملية الانتخاب أكبر نواب الرئيس سناً من غير المرشحين بمساعدة أصغر نائبين في المجلس الشعبي الوطني.
تجاهل
ومنذ تنصيبه رئيساً للغرفة السفلى للبرلمان، يُواجه بوشارب انتقادات حادة من طرف الصحافة ونواب المعارضة الذين يذكرونه في كل مرة بالطريقة غير الشرعية التي تولى فيها رئاسة المؤسسة التشريعية. غير أن موجة الغضب ضده ارتفعت عقب إعلانه ترشيح الرئيس السابق بوتفليقة لولاية خامسة، في التاسع من فبراير (شباط) في تجمع شعبي بالقاعة البيضاوية في العاصمة الجزائر، من منصبه كمنسق لقيادة حزب جبهة التحرير الوطني.
وحتى الساعة يتجاهل بوشارب، دعوات متوالية من نواب حزبه إلى الاستقالة، بعدما حظي بدعمهم في حملة الانقلاب على سلفه بوحجة، الذي أطاحت به كتل الموالاة، بأوامر من شقيق الرئيس السابق، السعيد بوتفليقة، وفق ما جرى تداوله، بدعوى أنه لم يكن (السعيد بوحجة) متحمساً لفكرة دعم الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة. وثمة حديث عن لقاء السعيد بوحجة رئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش، في العاصمة الفرنسية باريس لدعمه في رئاسيات 18 أبريل (نيسان) 2019، قبل تأجيلها عقب حراك 22 فبراير، الذي أسقط مشروع تمديد فترة حكم بوتفليقة وعزله من السلطة التي قضى فيها 20 عاماً.
مقاطعة
وقبل أيام، قاطع نواب حزب الأغلبية البرلمانية وكتل معارضة في البرلمان الجزائري، خطاب رئيس مجلس النواب معاذ بوشارب، في مناسبة احتفالية الجزائر بذكرى مجازر 8 مايو إبان الثورة التحريرية. وأعلنوا رفضهم استمراره في المنصب، إذ اتفق النواب المحتجون على أن ”بوشارب لم يعد يمثل المجلس الشعبي الوطني، ورئاسته باطلة ولم يعد ممكناً السكوت عنها، وأن ذلك يُعد اعتداءً سافراً على مطالب الحراك الشعبي الذي رفع صور بوشارب وطالب برحيله".
وما زال السعيد بوحجة يتمسك بعدم مشروعية مساعي الإطاحة به، ويُوجه اتهامات خطيرة إلى رئيس الوزراء السابق، أحمد أويحيى، والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق جمال ولد عباس، بتدبير "مؤامرة حزبية للنيل منه بواسطة خرق القانون"، لخدمة أجندات معينة رفض الإفصاح عنها.
وندّدت أحزاب معارضة وقتها بما وصفته "السطو على المجلس التشريعي وخطفه وضرب مؤسسات الدولة"، داعيةً رئيس البلاد آنذاك عبد العزيز بوتفليقة إلى التدخل لتوضيح موقفه الرسمي بشأن ما يجري، لكنه لم يتدخل.
دعوى
وقال بوحجة، في تصريح لـ"اندببندنت عربية" إنه لم يستقل من منصبه، ولا وجود لوثيقة رسمية تثبت نزع الثقة منه كرئيس للبرلمان الجزائري. ما يعني أنه ما زال رئيساً شرعياً للبرلمان حتى انتهاء عهدته النيابية. لكنه لم يؤكد إذا ما كان سيعود لرئاسة البرلمان أم لا، فالموضوع يبقى مطروحاً للنقاش على مستوى حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي ينتمي إليه.
وفي الأسابيع الماضية، قرّر رئيس المجلس الشعبي الوطني المُنقلب عليه، بوحجة، بعث الآليات القانونية لاستعادة منصبه من المستولي عليه معاذ بوشارب، من خلال إيداع ملف الإخطار بعدم الدستورية لدى المجلس الدستوري، بموجب المادة 187 من الدستور، التي تنص على أنه "يُخطِر المجلس الــدّستوري. وقبلها رفع بوحجة دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، قصد إبطال إجراءات تنصيب بوشارب رئيساً للبرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، بيد أنه لم يتلق رداً حتى اللحظة.