أدركت ناشطة في مجال الرفق بالحيوان في عمر باكر، أن أحداً لا يستطيع انتزاع لحظات المرح والسعادة التي تجمعها بالحيوانات مطلقاً. حكاية مياسر بندقجي مع الحيوانات بدأت بقطة تستنجد عطفاً من المارة، ووصلت إلى تأسيس جمعية رسمية معترف فيها. كيف فعلت ذلك؟
"كنت في المرحلة المتوسطة، وقررت أنه علي انتشال قطة سوداء صغيرة من زحام المارة، وكان قراراً عفوياً شخصياً. لم أعرف حينها ماذا يعني التبني أو كيف أفعل ذلك، لكنه حدث. وكانت هناك تجارب سابقة شاهدتها منحتني الشغف، من ضمنها إحساس وعاطفة جدتي تجاه قططها، وكيف كنت أرى خالي يستأنس برفقة الحيوانات ويحسن معاملتها".
قيمة العطاء
تقول مياسر "انصرفت فطرياً نحو عالم مليء بالعطاء، فهو يشمل أيضاً منح وقتك أو عواطفك أو وجودك. وأستشهد دوماً بقصص جدتي مع قططها، إذ وجدت فيها العطاء بكل أشكاله، والقدرة على المنح، وأن متعة الشبع المعنوي ثروة أسرع نمواً من جني المال. فكبر نضجي لفهم الحيوان من منطلق خيري شخصي، ثم جرى الأمر من دون ترتيب، فالقطة التي قررت تبنيها في عمر باكر، تعود لجارة أجنبية باعت كل الحيوانات التي تملكها قبل سفرها، وكانت كوفي (الاسم الذي أطلقته على القطة) الوحيدة التي بقيت. تبنيتها لحين بلغت من العمر 18 سنة، وقد توفيت قبل فترة من الوقت".
سر "فيسبوك"
في فترة ما، ضاع كلبا مياسر بعد فتح الباب بطريقة ما، وكان الأمر يبدو مستحيلاً. "كاد ذلك يسبب لي حنقاً، حتى وجهتني صديقة أجنبية للبحث عنهما في موقع فيسبوك، وأحمد الله أنني وجدتهما، لكن الأمر الذي تسبب لي بالذعر وقتها، كان مصدر إلهام، لأنني وجدت في فيسبوك ما لم أكن أدركه، إنه محيط يضم كل ما له علاقة بعالم الحيوانات، ومن خلاله التقيت مجموعة تقوم بتمشيه الكلاب على شواطئ الكورنيش، حتى أقدمت على تأسيس حملة (تعايش معي) للرفق بالحيوان عام 2016، بغرض نشر الوعي وثقافة التبني من دون الكسب التجاري".
فشل أول
صدمت مياسر بفشل أولى تجاربها بنشر ثقافة التبني والوعي بالرفق بالحيوان. وأوضحت، "دخول أعضاء تجار للكسب من وراء الحيوانات أفشل الحملة التي كلفتنا مبلغاً من المال. غادرت المجموعة بلا تردد، باستثناء من يطلب حقه في التدريب، وذهبت إلى تأسيس حملة منفردة حملت عنوان (تعايش معي للرفق بالحيوان)، تضم أشخاصاً عقولهم نيرة ويفهمون قواعد التبني الخيري، ويرتجون الأجر والثواب، ونشر هذه الثقافة".
كيف نكون قدوة؟
خطت الحملة خطوات في طريق نشر الوعي بالرفق بالحيوان، "شاركنا في عديد من الأنشطة، إلا أن (ربيع جدة) كان ذا أثر بارز في مسيرتنا، حيث أتاحت لنا وزارة البيئة والمياه والزراعة المشاركة لمدة ثلاثة أشهر، حققنا خلالها إنجازاً كبيراً في تبني 500 قطة وعشرة كلاب. والجميل في تلك التجربة، تكريم الأمير خالد الفيصل لجهودنا ضمن برنامج (كيف نكون قدوة)، ومنحنا وساماً باسم الحملة، وتوالت الإنجازات حتى جرى تحويلها إلى جمعية خيرية للرفق بالحيوان، ليتحول الحلم إلى واقع".
تمتلك مياسر كلبين وثلاث قطط، "أكبرهم قطتي التي توفيت في عمر 18 سنة، وكلب تم التخلي عنه في عمر 14 سنة، وكان في حالة مؤلمة، مهملاً ومريضاً بالسرطان. وأيضاً أروج لآلاف القطط والكلاب التي تعرض في فيسبوك على مواقعي المعروفة".
وتنفق الحملة على الحيوانات التي ترعاها نحو "135 دولاراً أميركياً شهرياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
7 جهات داعمة
عن الدعم الذي يتلقاه هذا العمل الخيري، قالت "يأتي على عدة أشكال، هي رسوم الانتساب لعضوية الجمعية، كذلك التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف، والزكوات التي تصرف في نشاطات الجمعية المشمولة بمصارف الزكاة. ويضاف إلى ذلك إيرادات الأنشطة ذات العائد المالي والإعانات الحكومية وعائدات استثمارات ممتلكات الجمعية الثابتة والمنقولة وصندوق دعم الجمعيات الذي يقدم دعماً لتنفيذ برامج الجمعية وتطويرها".
وأضافت "نبحث عن تبني الكلاب المحلية، التي تتسم بالقدرة الفائقة على التعايش مع بيئة قاسية، وليس لديها مصادر أكل سوى النفايات، ونهتم بتطعيمها في عمر الشهر والنصف، وحمايتها من الفيروسات والأمراض، ثم الاهتمام بطعامها وتجهيز مكان مظلل وماء لراحتها".
ولفتت مياسر إلى أن "الأنشطة الشهرية للترويج لتبني الكلاب والقطط توقفت مع بدء جائحة كورونا، لكننا استعضنا عن ذلك بالتجمع أونلاين عن طريق حسابات الجمعية أو حضورياً لعدد قليل مع الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد".
"أدوبشن هوب"
إلى ذلك، انطلق أخيراً مركز التبني تحت اسم "أدوبشن هوب"، ليمثل نقطة اللقاء بين الحيوانات المتخلى عنها والراغبين في التبني.
وقالت مياسر "نستقبل الحيوانات التي تم التخلي عنها وتعتمد على البشر كلياً، ونهيئ لها المكان المؤقت. لاحقاً، ترشح اللجنة المتبني المناسب وفق شروط وإجراءات معينة ضمنها التزامه تعهداً خطياً للاهتمام بها وعدم استغلالها في البيع أو التزاوج، كذلك تقديم الرعاية الطبية اللازمة".
وأوضحت أنه "يتم تبني ستة حيوانات يومياً. كما يأتي إلى المركز زوار لقضاء وقت لطيف مع القطط والكلاب والسلاحف، ومن لديهم فوبيا من الحيوانات يحاولون كسر خوفهم".