كشف صندوق النقد الدولي، أن أكبر تخصيص لحقوق السحب الخاصة بحوالى 650 مليار دولار، دخل بالفعل حيز التنفيذ في وقت سابق من الأسبوع الماضي. ويعد هذا التخصيص فرصة مهمة للعالم، إذا تم استخدامه بحكمة، لمكافحة هذه الأزمة غير المسبوقة.
وسيوفر تخصيص حقوق السحب الخاصة سيولة إضافية للنظام الاقتصادي العالمي، مما يكمل احتياطيات البلدان من النقد الأجنبي، ويقلل من اعتمادها على الديون المحلية أو الخارجية الأكثر تكلفة.
ويتم توزيع حقوق السحب الخاصة على البلدان بما يتناسب مع حصصها في صندوق النقد الدولي. وهذا يعني أن حوالى 275 مليار دولار ستذهب إلى البلدان الناشئة والنامية، التي ستتلقى منها البلدان منخفضة الدخل حوالى 21 مليار دولار، أي ما يعادل 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الحالات.
وأوضح الصندوق أن هذا التخصيص يوفر إطاراً لتقييم الآثار الاقتصادية الكلية، مشيراً إلى أنه سيقدم تحديثات منتظمة حول جميع مقتنيات حقوق السحب الخاصة والمعاملات والتداول، بما في ذلك تقرير متابعة عن استخدام حقوق السحب الخاصة في غضون عامين.
ماذا يعني حق السحب الخاص؟
حق السحب الخاص هو أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق عام 1969، ليكون مكملاً للاحتياطيات الرسمية الخاصة ببلدانه الأعضاء. ويبلغ المجموع الكلي للمخصصات الموزعة حتى الآن نحو 660.7 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل 943 مليار دولار). ويتضمن هذا الرقم أكبر توزيع للمخصصات في تاريخ الصندوق بقيمة 456 مليار دولار، الذي تمت الموافقة عليه في أول أغسطس (آب) الحالي ودخل حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي.
وكان هذا التوزيع الأخير للمخصصات يستهدف معالجة حاجة العالم للاحتياطيات على المدى الطويل، ومساعدة البلدان على تجاوز تأثير جائحة "كوفيد-19". وتتحدد قيمة حق السحب الخاص وفقاً لسلة من خمس عملات، هي الدولار الأميركي واليورو واليوان الصيني والين الياباني والجنيه الاسترليني.
وأنشئت حقوق السحب الخاصة لتكون أصلاً احتياطياً دولياً مكملاً، في سياق نظام "بريتون وودز" لأسعار الصرف الثابتة. ومع انهيار هذا النظام عام 1973، وتحوُّل العملات الرئيسة إلى نظم أسعار الصرف المعومة، قل الاعتماد على حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي عالمي. ومع ذلك، يمكن لتوزيعات حقوق السحب الخاصة أن تسهم في توفير السيولة وإكمال الاحتياطيات الرسمية للبلدان الأعضاء، كما حدث في سياق الأزمة المالية العالمية. ويُستخدم حق السحب الخاص كوحدة حساب في الصندوق والمنظمات الدولية الأخرى.
وحق السحب الخاص ليس عملة ولا استحقاقاً على الصندوق، بل هو استحقاق محتمل على عملات البلدان الأعضاء القابلة للاستخدام الحر. ويمكن مبادلة حقوق السحب الخاصة بهذه العملات. وتتحدد قيمة حق السحب الخاص مقابل الدولار الأميركي يومياً على أساس أسعار الصرف الفورية التي تعلن حوالى ظهر كل يوم بتوقيت لندن، وتُنشر في موقع الصندوق على شبكة الإنترنت.
كيف توزع حقوق السحب الخاصة؟
يجوز لصندوق النقد الدولي، بمقتضى اتفاقية تأسيسه، وعند استيفاء شروط محددة، أن يوزع مخصصات من حقوق السحب الخاصة على البلدان الأعضاء المشاركة في إدارة حقوق السحب الخاصة. في وقت يتعين أن يتسق أي توزيع مع هدف تلبية الاحتياج العالمي طويل الأجل لأصول احتياطية مكملة للأصول الاحتياطية القائمة. ويجب أن يحظى بتأييد واسع من البلدان الأعضاء في الصندوق، حيث إن عملية توزيع المخصصات تتطلب موافقة مجلس المحافظين بأغلبية 85 في المئة من مجموع القوة التصويتية للبلدان الأعضاء. وبمجرد الموافقة، يتم توزيع المخصصات على البلدان الأعضاء بالتناسب مع حصص عضويتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد وافق مجلس محافظي الصندوق في 2 أغسطس 2021 على إجراء توزيع عام لمخصصات من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار، وهي تعادل نحو 456 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة.
وتشير بيانات الصندوق إلى أن التوزيع الخاص الاستثنائي لحقوق السحب الخاصة الذي أجري في عام 2009 كان قد أتاح للبلدان التي انضمت إلى عضوية الصندوق بعد عام 1981 المشاركة في نظام حقوق السحب الخاصة على قدم المساواة مع البلدان الأخرى.
وينبغي استيفاء معيارين لإدراج العملات في سلة حقوق السحب الخاصة، الأول يتمثل في التصدير، والثاني في قابلية الاستخدام الحر. وتكون العملة مستوفية لمعيار التصدير إذا كان مُصْدِرها بلداً عضواً في الصندوق أو في اتحاد نقدي يضم أعضاء في الصندوق، وأن يكون من أكبر خمسة بلدان مصدرة في العالم. وحتى يقرر الصندوق أن العملة "قابلة للاستخدام الحر"، يجب أن تكون عملة مستخدمة على نطاق واسع في أداء المدفوعات لأغراض المعاملات الدولية، ومتداولة على نطاق واسع في أسواق الصرف الرئيسة. ويمكن استخدام العملات القابلة للاستخدام الحر في معاملات الصندوق المالية.
مراجعة المكونات
تتم مراجعة مكونات سلة حقوق السحب الخاصة كل خمس سنوات أو أقل إذا كان هناك ما يدعو لذلك، للتأكد من كونها انعكاساً صحيحاً للأهمية النسبية للعملات في النظامين التجاري والمالي العالميين. وتغطي المراجعات العناصر الأساسية في طريقة تقييم حقوق السحب الخاصة، بما في ذلك المعايير والمؤشرات المستخدمة في اختيار عملات سلة حقوق السحب الخاصة وأوزان العملات المبدئية المستخدمة في تحديد مقادير (عدد وحدات) كل عملة في السلة.
وتظل مقادير العملات هذه ثابتة على مدار فترة تقييم حقوق السحب الخاصة البالغة نحو خمس سنوات، لكن الأوزان الفعلية للعملات التي تتضمنها السلة تتذبذب مع حركة أسعار الصرف المشتقة بين عملات السلة. وتُستخدم المراجعات أيضاً في تقييم مدى ملاءمة الأدوات المالية التي تتألف منها سلة سعر الفائدة على حقوق السحب الخاصة.
وفي آخر مراجعة أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، قرر المجلس التنفيذي للصندوق استيفاء اليوان الصيني لمعايير الانضمام إلى سلة حقوق السحب الخاصة. وعقب هذا القرار، انضم اليوان إلى الدولار الأميركي واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني في سلة عملات حقوق السحب الخاصة، اعتباراً من أول أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وأُدرج العائد المعياري لسندات الخزانة الصينية لثلاثة أشهر ضمن سلة حقوق السحب الخاصة. وأثناء المراجعة التي أجريت في عام 2015، وافق المجلس أيضاً على صيغة جديدة لتحديد الأوزان الترجيحية للعملات في سلة حقوق السحب الخاصة، وذلك بوضع أنصبة متساوية لصادرات مُصْدِر العملة ومؤشر مالي مُجمَّع.
ويمكن للأعضاء المشاركين والحائزين المعتمدين أن يقوموا بعمليات بيع وشراء في سوق حقوق السحب الخاصة على أساس طوعي. ويمكن للصندوق أيضاً تحديد بلدان أعضاء لشراء حقوق السحب الخاصة من مشاركين آخرين، إذا اقتضى الأمر ذلك. كما يجوز استخدام حقوق السحب الخاصة من جانب أعضاء الصندوق ومن جانب الصندوق نفسه، طبقاً لاتفاقية تأسيسه والقرارات المعتمدة من المجلس التنفيذي ومجلس المحافظين.
وللصندوق سلطة تحديد حائزين آخرين لحقوق السحب الخاصة، سواء من غير الأعضاء، أو من البلدان الأعضاء غير المشاركة في إدارة حقوق السحب الخاصة، أو المؤسسات التي تمارس وظائف البنوك المركزية لأكثر من بلد عضو، وغيرها من الكيانات الرسمية. واعتباراً من نهاية يناير (كانون الثاني) 2021، تمت الموافقة على 15 منظمة كجهات معتمدة. ولا يجوز للحائزين المعتمدين الحصول على مخصصات من حقوق السحب الخاصة، كما لا يجوز للكيانات الخاصة أو الأفراد حيازتها.