احتضنت العاصمة العراقية بغداد مؤتمراً جمع 9 دول، عربية وإقليمية ودولية. وكانت القاهرة استعدت منذ فترة لتكون صاحبة نصيب كبير في إعادة إعمار العراق بحزمة من الخطط أبرزها توفير الطاقة الكهربائية وتوليد نظيرتها النظيفة ومد شبكة خطوط لسد حاجة بلاد الرافدين منها.
وكانت اللجنة العليا المصرية – العراقية المشتركة عقدت اجتماعاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 في العاصمة بغداد، وخلاله وقّعت الحكومة المصرية ما يزيد على 15 اتفاقاً وبروتوكول تعاون بينها وبين نظيرتها العراقية، تمهيداً لتنفيذ مشاريع في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنية والإسكان والنقل والتجارة والصناعة والاستثمار.
وتمثل السوق العراقية منفذاً حيوياً لتصدير المنتجات والعمالة المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي، خصوصاً في ظل الحرب العراقية - الإيرانية، التي استمرت قرابة 8 سنوات منذ سبتمبر (أيلول) 1980، وانتهت في أغسطس (آب) 1988، كما اعتمدت بغداد بعد انتهاء الحرب أيضاً على العمالة المصرية في إعادة إعمار المدن التي دمرت، قبل أن يدخل العراق في صراعات أخرى مستمرة منذ عام 1990.
وقبل مؤتمر بغداد بنحو 30 يوماً زارت وزيرة التجارة والصناعة المصرية، نيفين جامع، العراق، واتفقت خلال الزيارة على تنفيذ خطة شاملة لتعزيز التعاون الصناعي المشترك بين البلدين، وأكدت المساهمة المصرية الفعالة في إعادة تأهيل المصانع العراقية، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا الصناعية المتطورة إلى نظيرتها في بغداد. واستعرضت خلال المباحثات أيضاً إمكانات التعاون بين مصر والعراق في مجال تطوير مصانع الأخيرة، التي تطرحها حكومتها لإعادة التأهيل بنظام المشاركة، مشيرة إلى أن هناك فرصة كبيرة للتعاون المشترك بين القطاع الخاص في البلدين، خصوصاً في ظل الخبرات الكبيرة التي تمتلكها الأولى في عدد كبير من القطاعات الصناعية والإنتاجية.
4 ملايين عامل مصري لإعادة إعمار بغداد
من جانبه، قال رئيس شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج في الاتحاد العام للغرف التجارية، عبدالرحمن المرسي، إن "العراق دولة مناسبة للعمالة المصرية، وكانت قبلةً لهم على فترات منذ 40 عاماً تقريباً". ورحَّب بالتقارب بين البلدين، خصوصاً بعد "قمة بغداد"، مشيراً إلى أن "أهم ما يميز العراق عن غيره بالنسبة إلى العمالة المصرية هو أنه يفتح المجال للجميع حتى صغار الحرفيين، كما يسمح أيضاً بالعمل في المخابز والمطاعم والمحال التجارية، علاوة على قطاعات ومهن أخرى". وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، أن "حجم العمالة المصرية الجاهزة للعمل بالعراق يصل إلى نحو 4 ملايين عامل في المهن والقطاعات المختلفة"، مؤكداً أن "هذا ما يدفع إلى نمو تحويلات العاملين المصريين بالخارج باعتباره أحد أهم شرايين الدخل القومي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تعول القاهرة على بغداد في تحمّل عبء العمالة الزائدة لديها فقط، بل تعتبر السوق العراقية مهمة لتصدير منتجاتها، علاوة على إقامة مشاريع مقاولات وإسكان، ومدّها بما يلزمها من مواد البناء، بعد أن أصبح لدى الأولى فائض في إنتاج الأسمنت وحديد التسليح، خصوصاً بعد تراجع الصادرات إلى السوق الليبية خلال السنوات الأخيرة بسبب الصراعات الدائرة هناك إلى جانب هدوء وتيرة البناء في مصر بعد قرارات رسمية حددت اشتراطات جديدة للبناء.
شركات الدولة مستعدة بخبرات متراكمة
من جانبه، قال رئيس الشركة القابضة للتشييد والبناء المملوكة للدولة، هشام أبو العطا، إن "الشركة تتبعها أكثر من 15 أخرى تعمل في القطاعات المختلفة في مجال التشييد والتعمير، وأغلبها أسهمت في بناء العراق على فترات طويلة منذ الحرب (العراقية - الإيرانية)، وحتى الغزو العراقي للكويت وما تلاها من أحداث سياسية وعسكرية"، مشيراً إلى أن "جميع الشركات التابعة للقابضة جاهزة للمشاركة في إعادة إعمار بغداد بما تملكه من خبرات متراكمة وعمالة مدربة بينها وبين الشعب العراقي الشقيق علاقة مودة وحب، مما يسهل معه التعامل".
فائض الأسمنت والحديد والسيراميك جاهز للتصدير
وذكر رئيس شعبة مواد البناء التابعة للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أحمد الزيني، أن "قطاع البناء المصري مستعد وجاهز للمشاركة في إعادة إعمار العراق". وأوضح أن "عدد العمالة في قطاع التشييد والتعمير يصل إلى 5 ملايين عامل تقريباً متعطل منهم عن العمل ما يزيد على مليوني عامل تقريباً".
وحول وفرة مواد البناء قال إن "السوق المحلية بها فوائض تصلح للتصدير إلى العراق، وأن قطاع الأسمنت به فائض يصل إلى 10 ملايين طن سنوياً وأسواق حديد التسليح يصل إلى 30 في المئة من حجم الإنتاج، وكذلك السيراميك به فائض يصل إلى 40 في المئة من حجم الإنتاج تقريباً".