بعد ساعات من الهجوم الدامي الذي استهدف قاعدة العند، وأسقط عدداً من الضحايا، قال الناطق باسم الجيش اليمني العميد الركن عبده مجلي، إن "التحقيقات الأولية بينت أن شظايا الصاروخ تتطابق مع شظايا الصاروخ الذي استهدفت به المليشيات الحوثية مطار عدن الدولي نهاية العام الماضي".
وتعرض مطار عدن في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2020 لهجمات متتالية بصواريخ باليستية، لحظة وصول أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة إليه، أسفر عن سقوط 26 قتيلاً على الأقل، من بينهم ثلاثة موظفين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وصحافي.
وفي بيان رسمي، توعد الجيش بالرد على الهجوم الحوثي، وقال مجلي إن الهجوم الصاروخي للميليشيات على قاعدة العند الجوية في محافظة لحج "عمل إرهابي وسيتم الرد عليه في جبهات القتال".
ونقل موقع "سبتمبر نت"، الناطق باسم الجيش عن مجلي قوله إن "العملية الإجرامية بحق منتسبي اللواء الثالث عمالقة، تأكيد على مضي المليشيا في مسلسل إجرامها، وإن كبح جماحها لن يكون إلا بهزيمتها ورد عدوانها في ميادين القتال".
وأظهرت مقاطع مصورة مشاهد لعشرات الجثث المتفحمة وعشرات الجرحى، بعضهم بأطراف ممزقة في القاعدة العسكرية، عقب الاستهداف الحوثي الذي جاء خلال تدريبات عسكرية.
إدانات واسعة
وتوالت البيانات المنددة بالهجوم الحوثي الصادرة عن مسؤولي الحكومة اليمنية، إذ قال نائب الرئيس اليمني، علي محسن صالح، إن "المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران تثبت لجميع أبناء الشعب اليمني مضيها في إراقة الدماء واستمرار التصعيد ورفض كل فرص السلام"، مؤكداً على ضرورة التكاتف والتلاحم في مواجهة هذه الميليشيات الإجرامية وإفشال مخططاتها الإرهابية حتى تحقيق النصر واستعادة الدولة اليمنية.
وحذر رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك سعيد، من أن هذه العملية الحوثية الغادرة تشير إلى الخطر الوجودي لهذه المليشيات ومشروعها الذي يستهدف اليمن من أقصاه إلى أقصاه، وأهمية تكاتف الجهود من أجل استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
وفي إشارة للتباينات الحكومية الحاصلة مع "المجلس الانتقالي"، في المحافظات الجنوبية، قال إن الجميع أمام منعطف تاريخي في مواجهة هذا الخطر، وتجاوز كل الخلافات والتباينات والتسريع باستكمال تنفيذ اتفاق الرياض بجميع جوانبه، بما من شأنه توحيد الصف الوطني لاستكمال المعركة المصيرية والوجودية ضد المشروع الإيراني عبر وكلائه من مليشيا الحوثي الانقلابية. بالإضافة إلى إدانات من عواصم عربية وغربية ومنظمات إقليمية وصفت الهجوم بالمروع.
هجوم صاروخي
ارتفعت حصيلة ضحايا الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج جنوب اليمن، إلى أكثر من 90 شخصاً بين قتيل وجريح في حادثة متكررة، دفعت الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى تحذير الجميع من "مشروع الموت الذي تقوده ميليشيا الحوثي بدعم إيراني".
ووفقاً لبيان صحافي بثه الناطق باسم المنطقة العسكرية الرابعة (التي تتبعها قاعدة العند) المقدم محمد النقيب، ارتفع عدد ضحايا الهجوم الصاروخي الذي استهدف القاعدة إلى 30 قتيلاً، فيما جُرح 60 آخرون.
وأوضح أن المعسكر "تعرّض في الثامنة والنصف من صباح اليوم لقصف صاروخي حوثي".
وحمّل الناطق باسم المنطقة الرابعة "الحوثيين مخالب إيران في المنطقة" المسؤولية عن الهجوم، من دون ذكر تفاصيل عن طريقة الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية الجوية الأكبر في البلاد والواقعة إلى الشمال من مدينة عدن.
سيدفعون الثمن
من جانبه، توعّد هادي، الحوثيين "بدفع ثمن عملياتهم الإجرامية بحق الشعب اليمني" وقال إن "تضحيات الشعب لن تذهب سدى".
وأضاف في برقية عزاء بعثها إلى ذوي ضحايا الهجوم، أن "ميليشيا الحوثي الإرهابية ستدفع الثمن غالياً وستحاسب على كل جريمة ترتكبها بحق اليمنيين وأن معركة الشعب اليمني ضد بقايا الإمامة والمشروع الفارسي في اليمن، مستمرة وستُكلل بالنصر عما قريب".
ودعا هادي وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، الجميع إلى التكاتف والتلاحم في "مواجهة هذه الميليشيا الإرهابية"، في إشارة إلى التباينات السياسية الحاصلة التي يشهدها معسكر الشرعية، خصوصاً في المحافظات الجنوبية حيث المجلس الانتقالي الذي يتبنّى خيار فصل جنوب اليمن عن شماله ويعلن اصطدامه بالقوات الحكومية بين حين وآخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولهذا قال إن "من يتخيل أنه سيكون بمنأى عن مشروع الموت الذي تقوده ميليشيا الحوثي بدعم إيراني، فهو واهم، وعلينا جميعاً في الصف الجمهوري أن نعي ذلك جيداً وأن نوجّه سهامنا نحو هذا العدو" .
وفي وقت سابق، أفادت مصادر عسكرية خلال تصريحات إعلامية متطابقة بأن ثلاثة صواريخ باليستية استهدفت، صباح اليوم، قاعدة العند أثناء عمليات التدريب للواء الثالث عمالقة وألوية أخرى داخل القاعدة.
فيما ذكر مراقبون أن الحوثيين أطلقوا الصواريخ من مطار تعز، في منطقة الحوبان بمحافظة تعز المجاورة، وسمع سكان المحافظة والمناطق القريبة لحظة إطلاق هذه الصواريخ.
وتشير المعلومات إلى أن الحوثيين استهدفوا القاعدة لحظة وجود قيادات عسكرية فيها، ولم يُعرف إذا كانت تلك القيادات فعلياً موجودة هناك.
ويُعدّ هذا الهجوم من أكثر الهجمات دموية منذ استهداف مطار عدن في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2020 بصواريخ باليستية، عند وصول أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة إليه، والذي أسفر عن سقوط 26 قتيلاً على الأقل، من بينهم ثلاثة موظفين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر وصحافي.
فشل استخباراتي
في تعليقه على الاستهداف الحوثي المتكرر للتجمعات العسكرية اليمنية، يرى المحلل العسكري عبد العزيز الهداشي أن هجوم العند دليل على وجود فشل استخباراتي بالنسبة إلى الشرعية والانتقالي وربما لجماعة طارق محمد عبدالله (نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي تتمركز قواته في السواحل الغربية ولا تدين بالولاء للحكومة اليمنية) وفشل الجميع في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية.
وأضاف "ما أودّ أن أؤكده أن هناك معلومات استخباراتية تم إبلاغ القيادات التابعة لكل من الانتقالي والشرعية بها عن وجود مخطط حوثي على وشك مهاجمة هدف عسكري في المحافظات الجنوبية بصواريخ باليستية تم نقلها إلى مطار تعز ولم يؤخذ بالتحذيرات كما يجب".
ويوضح الهداشي أن هناك خللاً اعتبره فادحاً وهو السبب لتكرار هذه الاستهدافات، يتمثل في عدم وجود جهاز استخباراتي فاعل لدى الشرعية اليمنية حتى تقوم مع التحالف العربي بعملية مضادة ضد الحوثي أو أخذ الحيطة في أحسن الأحوال.
ويتوقع أن عدد الصواريخ التي أطلقها الحوثي ثلاثة من نوع "بدر3" ومن المؤكد أن التجمع لم يكن كبيراً وإلا لسقط ضحايا أضعاف ما سقط اليوم.
انتقادات متزايدة
كما تطرق الهداشي إلى ما يعتبره "عجز الشرعية والانتقالي وطارق صالح الذين باتوا ينتظرون متى يقصفهم الحوثي، ولهذا حتى الرد يعجزون عنه ولا يعرفون ماذا يفعلون".
ويضيف "لا يمكن التصدّي للصواريخ الباليستية إلا بالدفاعات الحوية (الباتريوت) وهي غير موجودة إلا في عدن لحماية قوات التحالف فقط".
ولهذا، "ليس هناك حل إلا أن تتوحد التشكيلات العسكرية كافة أي الانتقالي والشرعية وطارق في كيان عسكري واحد ومركز قرار وعمليات موحد يتبع وزارة الدفاع فقط"، بحسب تعبير الهداشي.
ولم يعلن الحوثيون حتى الآن مسؤوليتهم عن الهجوم، إلا أن الميليشيا سبق وشنّت هجمات مماثلة ضد القاعدة ذاتها، إضافة إلى مواقع ومناطق عسكرية ومدنية في المحافظات الأخرى، إلى جانب استهدافها المتكرر للأعيان المدنية في الجارة السعودية.
ومنذ انقلابها المسلح وسيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، كان القصف الصاروخي والطيران الحربي عاملين استراتيجيين لميليشيا الحوثي في تضييق الخناق على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، في المناطق التي تسيطر عليها.
ففي 10 يناير (كانون الثاني) 2019، تعرّضت القاعدة ذاتها لقصف صاروخي استهدف عرضاً عسكرياً، مما تسبب في مقتل رئيس الاستخبارات العسكرية في القوات اليمنية ومقتل وإصابة 20 عسكرياً، بينهم نائب رئيس هيئة الأركان اليمنية اللواء صالح الزنداني، ورئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع اللواء محمد صالح طماح وعدد من الجنود.
وسيطر الحوثيون على هذه القاعدة خلال تقدمهم في المحافظات الجنوبية عام 2015، لكن القوات الموالية للحكومة اليمنية بغطاء جوي للتحالف العربي، استعادت السيطرة عليها في العام ذاته.
ويرفض الحوثيون عادة التهم الموجهة إليهم من جانب الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، معتبرين أنفسهم سلطة الأمر الواقع في صنعاء.
وتُعدّ قاعدة العند أكبر قاعدة جوية عسكرية في اليمن، بناها الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية السابقة عام 1976 وتقع في منطقة العند بمحافظة لحج الجنوبية، على بعد 60 كيلومتراً شمال عدن.
وكانت القاعدة شاهدة على أعنف وأهم المعارك والاشتباكات خلال حرب 1994 الأهلية. وبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أصبحت مركزاً رئيساً لقيادة الحرب على تنظيم "القاعدة" في اليمن. وعام 2015، كانت من أهم الجبهات المستعرة بعيد الانقلاب الحوثي واستطاع الجيش الوطني الموالي للرئيس هادي بمساندة برية وجوية وبحرية من التحالف العربي استعادة السيطرة على القاعدة في 3 أغسطس (آب) 2015.