وجهت مجالس محلية في بريطانيا انتقادات لخطة وزارة الداخلية المتعلقة بإعادة توطين اللاجئين الأفغان في المملكة المتحدة، قائلة إنها تركت وحدها "تتخبط" في السعي إلى تلبية الاحتياجات العاجلة للوافدين الجدد، وذلك بسبب "عدم الوضوح" في موقف الحكومة المركزية من هذه المسألة.
ووجه وزراء في حكومة الظل "العمالية" إلى وزيري الداخلية والإسكان، رسالة تمكنت "اندبندنت" من الاطلاع عليها، نبهوا فيها الحكومة إلى ضرورة أن "تكثف جهودها وتضطلع بدورها في القيام بتنسيق وطني، وفي إظهار دور قيادي، لجهة دعم" السلطات المحلية التي تستقبل وافدين من أفغانستان، محذرين من "تحديات جوهرية" تواجه هؤلاء اللاجئين، إذا ما أخفقت الحكومة في القيام بذلك.
ويقول أعضاء في تلك المجالس، إنه في بعض الحالات بقيت منازل جرى شراؤها للأسر الأفغانية التي تم إجلاؤها، شاغرة لأكثر من أسبوع، على الرغم من تأكيد وزارة الداخلية أن المسألة ستستغرق يوماً واحداً.
وترى مؤسسات خيرية أن الوقت الذي يمضيه مواطنون أفغان في الفنادق، يجب أن يكون "قصيراً ما أمكن"، لأن العيش في تلك الأمكنة قد يكون له تأثير سلبي على صحتهم النفسية.
معلوم أن المملكة المتحدة عملت على إجلاء نحو 15 ألف شخص من العاصمة الأفغانية كابل خلال الأسبوعين الأخيرين - بمن فيهم 5 آلاف مواطن بريطاني وأكثر من 8 آلاف أفغاني كانوا قد عملوا لمصلحة المملكة المتحدة، إضافة إلى عائلاتهم وعدد من الأشخاص المعرضين لخطر شديد هناك. وكان مئات من الأفراد قد سبق أن أعيد توطينهم بموجب "سياسة إعادة التوطين والمساعدة في أفغانستان" Afghan Relocations and Assistance Policy، التي بدأ العمل فيها في يونيو (حزيران) من هذه السنة.
ووفقاً لهذه الخطة يتم الطلب من جميع الوافدين الأفغان إلى المملكة المتحدة أن يمضوا 10 أيام في الحجر الصحي في أحد الفنادق، ليجرى عادةً نقلهم بعد ذلك إلى ما تسمى "فنادق محجوزة"، حيث يمكثون فيها إلى حين تأمين السلطات المحلية مقر سكن دائم لهم.
وتتحدث الرسالة التي عمل على تنسيق محتواها وزير الداخلية في حكومة الظل "العمالية" نيك توماس سيموندس، عن مخاوف في شأن "العدد الكبير من اللاجئين" الذين أودعتهم وزارة الداخلية أماكن إقامة فندقية، "في بعض الأحيان لأشهر عدة في كل مرة، وذلك من دون إعطاء إشعار مسبق للمجالس المحلية أو التواصل معها".
وتعتبر الرسالة أن من "الحيوي" تقديم توضيحات للمجالس المحلية "في أقرب وقت ممكن" في شأن الدعم المالي الذي تنوي الحكومة تقديمه لها لتأمين سكن دائم للمواطنين الأفغان الذين وصلوا، أخيراً، إلى البلاد.
وترى أن "عدم عمل (الحكومة) بشراكة مع السلطات المحلية لضمان وضع الأشخاص في أماكن إقامة مناسبة، سيفرض تحديات كبيرة على أولئك الذين يسعون إلى بناء حياة جديدة، كما على السلطات المحلية".
وأكد بيتر بارنيت المسؤول الرئيس عن إعادة توطين اللاجئين في المجلس المحلي لدائرة كوفنتري، أن فريقه واجه صعوبات في شراء منازل- لكن حتى بعد التمكن من تأمينها ظلت شاغرة. وأوضح أن هناك خمسة عقارات جاهزة لانتقال أسر أفغانية إليها، بقيت فارغة لأكثر من أسبوع.
وأضاف بارنيت "قيل لنا إنه ما أن نقوم بتأمين العقارات، حتى يرسلون عائلات إليها في اليوم التالي. لقد مر أكثر من أسبوع حتى الآن منذ أن قدمنا تفاصيل كاملة عن المساكن، إلا أنه لم يردنا بعد أن أي أسرة انتقلت إليها. إنني على يقين بأنه يوجد عدد من المجالس الأخرى في هذا الموقف". واعتبر أن ما يحصل "من شأنه أن يقوض الثقة في خطة الحكومة".
وأردف بالقول "إنه لأمر محبط ويدعو إلى اليأس، لأن آخر ما أريد القيام به هو شراء ممتلكات وإبقاؤها فارغة، فذلك يشكل خطراً على مستويات عدة، إذ لا يجوز أن تبقى شاغرةً لفترات طويلة، وأن نبدد رسوم الإيجار سدى".
وتعتبر المجالس البلدية أن افتقار وزارة الداخلية إلى اليقين والوضوح في شأن التزامها خطة إعادة توطين اللاجئين خلال العام الماضي، جعل من الصعب عليها حشد الجهود بالسرعة اللازمة لاستقبال الوافدين الأفغان الجدد. وكانت وزيرة الداخلية بريتي باتيل قد ألغت في مارس (آذار) من هذه السنة، الهدف الكمي في برنامجها العالمي لإعادة توطين اللاجئين في المملكة المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيفن بونافيا، العضو في المجلس المحلي لمقاطعة لويشام المسؤول عن شؤون اللاجئين الديمقراطية والمساءلة، أوضح أن المجلس أبلغ وزارة الداخلية عن استعداده لاستقبال اللاجئين الأفغان، لكنه يحتاج إلى أن يكون هناك "وضوح أكبر" في ما يتعلق بشروط برنامج إعادة التوطين.
وقال إنه "كان من الممكن تجنب كثير من التأخير وحال عدم اليقين، لو تمكنت الحكومة من أن تضمن لنا أن المملكة المتحدة تمتلك استراتيجيةً فاعلة لإعادة توطين اللاجئين بشكل عام، وهو ما كانت المجالس المحلية والجمعيات الخيرية تطالب به منذ العام الماضي".
وتابع قائلا: "رفضت الحكومة تحديد أرقام سنوية مستهدفة، أو ضمان مدة أي برنامج لإعادة التوطين، ما حال دون قدرة المجالس على التخطيط للمستقبل، إن لجهة تأمين مساكن أو لجهة غيرها من أشكال الدعم الأساسي. إننا الآن، نسعى جاهدين إلى تلبية الحاجات الملحة قدر المستطاع. ونحن في حاجة إلى ما هو أفضل بكثير من هذه الاستجابة المتأرجحة وغير المحسوبة".
لويز كالفي رئيسة الخدمات في منظمة "ريفوجي أكشن" Refugee Action (مؤسسة خيرية مستقلة تقدم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتحدة)، نبهت إلى أنه "ما لم تتمكن الحكومة من البدء في إعادة التوطين، والتنسيق على نحو ملائم مع السلطات المحلية، فإن اللاجئين الأفغان سيواجهون خطر البقاء في "منازل غير صالحة، ومن دون الحصول على رعاية صحية وتعليم، بشكل ثابت ومستقر".
وأضافت كالفي: "قضى الوزراء الأشهر الثمانية عشر الأخيرة وهم يحاولون طرح إضافات إلى برامج إعادة توطين اللاجئين ومطابقتها. وقد أدى ذلك إلى إنشاء نظام هزيل وغير جاهز للاستجابة بسرعة لحالة الطوارئ الناشئة في أفغانستان، الأمر الذي فرض ضغوطاً على المجالس البلدية في محاولتها اللحاق بالركب للعثور على منازل للأشخاص الفارين من حركة طالبان".
أما جون فيتونبي مدير سياسات اللجوء واللاجئين في منظمة "الصليب الأحمر البريطاني" British Red Cross، فأشار إلى أن الإقامة في فنادق لفترات طويلة كان لها "تأثير سلبي" على اللاجئين. وأعرب عن اعتقاده أن "أوضاع اللاجئين قد تكون بالتأكيد أفضل حالاً عندما يتمكنون من الحصول على وضع "الإقامة طويلة الأمد" في بريطانيا.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية: "لقد قمنا بإجلاء أكثر من 16 ألف شخص من أفغانستان، ونحن ندرك أن هناك حاجةً للقيام بالمزيد في هذا الصدد. ولهذا السبب، إننا نعمل على وضع خطة مفصلة وشاملة لتأمين الحماية للمواطنين الأفغان الذين تم تحديدهم ضمن فئة "الأكثر عرضة للخطر". ونحن مصرون على مواصلة العمل لتوفير ممر آمن لأولئك الذين يريدون مغادرة أفغانستان.
وختم قائلاً "إننا نعمل مع الحكومات المحلية على تطوير هذا المخطط وتمويله، بالارتكاز على تجربة النظام العالمي الناجح لإعادة توطين الأشخاص المعرضين للخطر واعتماده أساساً لنا. وكانت وزيرة الداخلية قد تحادثت الأسبوع الماضي مع عمدة مدينة لندن، في وقت عقد فيه مسؤولون حكوميون اجتماعاً مع ممثلي السلطات المحلية، لإجراء مزيد من المناقشات حول الموضوع".
© The Independent