لجأت بريطانيا للمرة الأولى منذ شهر مارس (آذار) الماضي إلى تشغيل محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم، لتعزيز قدرات شبكة الكهرباء البريطانية في ظل ارتفاع أسعار الطاقة. ومنذ يوم الاثنين 6 سبتمبر (أيلول)، بدأت شركة "إي دي أف" التي تورد الطاقة إلى الشبكة البريطانية في تشغيل وحدتين في واحدة من آخر محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في بريطانيا.
عادت محطة كهرباء "ويست بيرتون أي" في لينكولنشير للعمل، لتزود شبكة الكهرباء البريطانية بنحو 1.5 غيغاوات تمثل خمسة في المئة من استهلاك بريطانيا من الكهرباء. وتعادل هذه الكمية إنتاج 546 من توربينات توليد الطاقة من الرياح. وتوقفت معظم توربينات الرياح مع موجة الضغط المرتفع التي غطت أوروبا، ووصلت الآن إلى بريطانيا، مسببة ارتفاع درجات الحرارة وهدوء الرياح ما أوقف التوربينات.
وعلى الرغم من أن بريطانيا تحاول تقليل تشغيل المحطات التي تعمل بالفحم، إذ تصدر عنها أكبر انبعاثات من غاز ثاني أوكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى تغير المناخ، فإن هناك محطتين تعملان بالفحم في وضع استعداد للطوارئ.
ومن المقرر أن تخرج محطة "ويست بيرتون" من الخدمة بعد عام، وهناك محطة أخرى ستخرج من الخدمة في عام 2024. وتظل المحطتان مرتبطتين بالشبكة البريطانية للتشغيل في حالة الضغط على الشبكة وعدم توافر الكهرباء من مصادر أخرى.
وتجد بريطانيا تشغيل محطات الفحم أقل كلفة من شراء الكهرباء للشبكة من أوروبا، أو استخدام محطات تعمل بالغاز الطبيعي، في ظل ارتفاع أسعار الغاز نتيجة الطلب الهائل عليه. وينتظر البريطانيون ارتفاع أسعار الكهرباء بما يزيد على 230 دولاراً (170 جنيهاً استرلينياً) لفواتير المنازل في المتوسط سنوياً، بدءاً من أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
أوروبا والفحم
وصلت كلفة إنتاج الكهرباء في أوروبا وبريطانيا هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى لها مع هدوء الرياح وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي. ووصل سعر الكهرباء بالجملة في العقود الآجلة تسليم العام المقبل في ألمانيا إلى أكثر من 106 دولارات (90 يورو) للميغاوات/ساعة. وهو سعر أعلى مما وصلت إليه عام 2008 حين ارتفعت أسعار النفط ليصل سعر البرميل إلى 150 دولاراً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولجأت بعض الدول إلى تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لتعويض النقص في قدرات شبكات الكهرباء، نتيجة توقف توربينات توليد الطاقة من الرياح من ناحية، والارتفاع الهائل في أسعار الغاز الطبيعي من ناحية أخرى. ووصل سعر الغاز الطبيعي إلى أكثر من 1.8 دولار (1.31 جنيه استرليني) للوحدة الحرارية بالمعايير البريطانية.
ومع التعافي الاقتصادي العالمي، زاد الطلب على الغاز الطبيعي بشدة، في الوقت الذي توقف جزء معقول من إنتاجه في عام الوباء. وعلى الرغم من التحذيرات الدولية من مخاطر الاستمرار في انبعاثات الكربون، فإن دول أوروبا اضطرت إلى تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم من ألمانيا إلى بريطانيا. فقد أدى انخفاض الإنتاج الروسي من الغاز الطبيعي إلى تراجع كبير في مخزونات الغاز الطبيعي لدى دول أوروبا. وأسهم ذلك في ارتفاع أسعار الغاز بشدة مع زيادة الطلب ونقص العرض.
نقص الطاقة
وفي الوقت نفسه، زاد الطلب على الكهرباء ما شكل ضغطاً على الشبكات في بريطانيا وأوروبا، وجعل إمكانية تعويض النقص في شبكة أي بلد عن طريق الشراء من بلد آخر أمراً صعباً وأعلى كلفة. واضطرت بعض الدول إلى زيادة ما تدفعه للحصول على الكهرباء بالجملة لشبكاتها من الشركات التي تشغل محطات توليد الطاقة. ووصلت الكلفة في بريطانيا إلى أكثر من 5500 دولار (4000 جنيه استرليني) للميغاوات/ساعة.
وتستضيف بريطانيا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل قمة المناخ العالمية. وتكرر حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون التعهد بخفض انبعاثات الكربون بشدة بحلول عام 2030، لتصل إلى مستوى أقرب إلى الصفر بحلول عام 2050 الذي حددته الأمم المتحدة موعداً نهائياً لخفض انبعاثات الكربون.
ويشكل اللجوء إلى تشغيل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم حرجاً للدولة المستضيفة قمة المناخ، التي تتعهد بزيادة الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي. كما أن استخدام ألمانيا وغيرها محطات طاقة تعمل بالفحم يجعل من الصعب على الدول الأوروبية انتقاد الصين بشدة لاستخدامها الفحم في بعض محطات توليد الطاقة.