شهد اليوم الوطني المكثف للتلقيح، الذي نظم في تونس، خطأً طبياً حيّر أهالي محافظة قبلي جنوب البلاد، حيث لُقّح 78 تلميذاً وتلميذة بجرعات مكثفة من لقاح "فايزر". وتتمثل العملية في عدم إضافة محلول للتخفيف من الجرعات الموجهة للأطفال، ما دفع بعدد من الأولياء في محافظة قبلي إلى تقديم شكوى إلى مندوب حماية الطفولة، والقضاء.
الأولياء يتهمون وزارة الصحة بالتعتيم
وصرح عبد الجليل بوعزة، وليّ تلميذة تلقت جرعة مكثفة من التلقيح، أنه سيتقدم بشكوى قضائية مع عدد من الأولياء الآخرين، متّهِماً وزارة الصحة، والهياكل الصحية الجهوية، بالتهاون والتعتيم على الحادثة، لافتاً إلى أن السلطات لم تعلن صراحة منذ البداية عن هذا الخطأ الطبي، قبل أن تُنشر تفاصيل ما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحمَّل بوعزّة وزارة الصحة مسؤولية ما قد يلحق بابنته من ضرر، جرّاء هذا الخطأ، على المديين القريب والبعيد، مشيراً إلى تعكّر حالتها الصحية خلال الأيام الثلاثة الأولى التي تلت يوم التلقيح، وأنه تولى متابعة صحتها لدى الأطباء، من دون مساعدة الجهات المعنية.
ونفى بوعزّة أن تكون وزارة الصحة تتابع وضعية الأطفال الذين تلقوا جرعات مكثفة من التلقيح، داعياً إياها إلى الاعتذار، ومتابعة وضعية الأطفال مستقبلاً.
من جهته، أكد أبو بكر بن حامد، ولي تلميذة تبلغ 15 سنة، أن ابنته عانت ارتفاعاً طفيفاً في حرارة جسمها، وينوي تقديم شكوى، يطلب من خلالها التأمين الصحي لابنته، متوجهاً باللوم إلى وزارة الصحة، على محاولتها التعتيم على الحادثة، نافياً أن تكون هناك متابعة صحية لوضعية هؤلاء الأطفال.
تحديد المسؤوليات وجبر الضرر
في المقابل، أكد معز الشريف، رئيس الجمعية التونسية لحقوق الطفل، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن الجمعية تتابع حالة الأطفال، وتتواصل مع أوليائهم، مؤكداً أن الجمعية مُمثلة في اللجنة الوطنية للتلقيح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف الشريف الخطأ بـ"الحادثة المؤسفة"، مشدداً على أنه لا وجود لخطورة على صحة الأطفال الآن وفي المستقبل. وأضاف رئيس الجمعية أن المتابعة الصحية للأطفال ستتواصل مع هياكل الصحة المدرسية، لافتاً إلى أن اللجنة العلمية المكلفة بمجابهة فيروس كورونا تدرس إمكانية تلقي الأطفال الجرعة الثانية من اللقاح من عدمه.
وحول مقاضاة وزارة الصحة على هذا الخطأ من قبل أولياء الأطفال، أكد الشريف ضرورة تحديد المسؤوليات، داعياً وزارة الصحة إلى جبر الضرر لهؤلاء الأطفال في حال حدوثه.
لا خطر على صحة الأطفال
وكانت وزارة الصحة أصدرت بياناً، أكدت فيه أن تلقي مجموعة الأطفال جرعات مركزة من لقاح "فايزر" لن يشكل أي خطر على حياتهم، وأن الوزارة تتابع الأمر عن كثب على المستويين المحلي والجهوي. ولفت بيان وزارة الصحة إلى أنه "بعد أسبوع من المتابعة للحالة الصحية للأطفال، لم تُسجل أي أعراض خطيرة، وأن الأعراض الجانبية التي ظهرت على الأطفال تعتبر أعراضاً جانبية عادية، ومتعارفاً عليها، غالباً ما تصاحب التلقيح المضاد لفيروس كورونا".
وأكدت الوزارة أنه "تم وضع الأطفال تحت الرقابة الطبية المكثفة، في كنف احترام السر الطبي، بما يحفظ كرامتهم، باعتبارهم قُصّراً ودون السن القانونية"، مشددةً على أنه قد اتُّخذت الإجراءات اللازمة طبقاً للتدابير الجاري العمل بها، وذلك حرصاً على تفادي تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.
الأعراض الجانبية عادية
من جهته، أكد عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، مدير عام المركز الوطني لليقظة الدوائية، الدكتور رياض دغفوس، في تصريح صحافي، أن تلقي هؤلاء الأطفال جرعات مركزة من لقاح "فايزر" لن يشكل أي خطر على صحتهم.
ووقعت الحادثة، بحسب عضو اللجنة العلمية، على وجه الخطأ إذ تم تطعيم الأطفال بجرعات مركزة من اللقاح المذكور، من دون تخفيفها بمحلول، كما هو متعارف عليه. وأضاف دغفوس أن التلقيح يتألف من مكوّن أساسي، يضاف إليه محلول، إذ إن مضاعفة كمية المحلول قد تتسبب في بعض الحالات في حساسية تتمثل بطفح جلدي أو الإصابة بالإغماء، أما مضاعفة المكون الأساسي للتلقيح فلا ضرر منه مطلقاً، بخاصة أن العديد من البلدان حول العالم وقعت في هذا الخطأ، من دون حدوث أخطار.
وحول الأعراض الجانبية التي ظهرت على الأطفال المتضررين من هذا الخطأ، والمتمثلة في الحمى، والإرهاق، وآلام في المفاصل، وفي القفص الصدري، أكد دغفوس أنها أعراض جانبية عادية، ومتعارف عليها وغالباً ما تصاحب التلقيح المضاد لفيروس كورونا.
ولفت إلى أنه قد وقعت مراسلة مخابر "فايزر" لاستشارتها حول تطعيم الأطفال المعنيين بجرعة ثانية، أو الاكتفاء بالجرعات المركزة التي حصلوا عليها.