حين تحيي الولايات المتحدة، السبت، ذكرى نحو ثلاثة آلاف شخص قُتلوا في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول)، سيخيم على المراسم ظل خالد شيخ محمد، العقل المدبر للاعتداءات الذي لم يحاكم ولم يصدر حكم بحقه بعد مرور 20 عاماً على الهجمات.
الشخص البغيض
وتباهى خالد شيخ محمد أمام المحققين بأنه تصور ودبر الاعتداءات الأكثر دمويةً في التاريخ، فيما يقبع منذ 15 عاماً في زنزانة في معتقل غوانتانامو الخاضع لأشد التدابير الأمنية.
وينتظر المتهم في هذه القاعدة البحرية الأميركية في كوبا لمعرفة ما إذا كانت المحكمة العسكرية التي يفترض أن يمثل أمامها تقبل باعترافاته، أو أن التعذيب الذي خضع له على أيدي عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" أثناء سجنه يجعل هذه الاعترافات غير مقبولة من القضاء.
ويبقى شيخ محمد أبغض شخص على ارتباط باعتداءات 11 سبتمبر بالنسبة للأميركيين بعد أسامة بن لادن.
وهو "قاتل" تميّز عن سائر أعضاء تنظيم "القاعدة" بمشاريعه "المجنونة"، وفق ما أوضح العميل السابق في مكتب التحقيقيات الفيدرالي "أف بي آي" علي صوفان.
"إرهابي مبادر"
والرجل البالغ من العمر 56 عاماً معروف لدى العامة من خلال الصورة التي التقطت له ليلة القبض عليه عام 2003، ويظهر فيها مشعث الشعر، يرتدي قميصاً داخلياً أبيض.
وبدا هذا الأسبوع هزيلاً حين مثُل بلحية طويلة يطغى عليها الشيب وعمامة زرقاء أمام المحكمة العسكرية في غوانتانامو للمرة الأولى منذ 18 شهراً.
ويعتقد أن شيخ محمد، الباكستاني الذي نشأ في الكويت، هو الذي طرح فكرة شن هجمات صدماً بطائرات على زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن عام 1996.
وكان شيخ محمد، خريج جامعة أميركية، يعمل لحساب الحكومة في قطر في مطلع التسعينيات حين بدأ يخطط لهجمات بمساعدة ابن شقيقته رمزي يوسف الذي فجر قنبلة في مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يلتحق في البداية بتنظيم "القاعدة"، بل وصفه التقرير الرسمي حول اعتداءات سبتمبر بأنه "إرهابي مبادر" كان يمتلك الدوافع والأفكار للتخطيط لاعتداءات، لكنه يفتقر إلى التمويل والتنظيم الضروريين لتنفيذها.
وأورد التقرير أن "خالد شيخ محمد ذا المستوى التعليمي العالي الذي يمكن أن يشعر بالارتياح في مكتب موظف حكومي كما في مخبأ للإرهابيين، استخدم مخيّلته وكفاءاته الفنية ومهارته في إقامة علاقات، ليبتكر ويدبر مجموعة هائلة من المخططات الإرهابية".
مسيرة الاعتقال
اعتقل في مارس (آذار) 2003 في روالبندي بباكستان، ونقلته "سي آي أي" إلى سجون سرية في بولندا، حيث تم استجوابه، فخضع لعمليات إيهام بالغرق 183 مرة خلال أربعة أسابيع.
وهو المعتقل الذي ركزت عليه وكالة الاستخبارات المركزية أكبر قدر من الاهتمام، فخضع بالتالي لأكبر قدر من التعذيب، ما بين الضرب والدفع نحو الجدار والحرمان من النوم والتغذية الشرجية واتخاذ وضعيات مؤلمة، وغيرها.
غير أن تقرير مجلس الشيوخ الأميركي أفاد بأن كمية كبيرة من المعلومات التي تم جمعها تحت التعذيب كانت خاطئة.
لكن، بعد نقله إلى غوانتانامو في سبتمبر 2006، أعلن شيخ محمد مفاخراً أمام المحكمة العسكرية، "كنت مسؤولاً عن عملية سبتمبر من الألف إلى الياء".
كما أنه يقف خلف 30 عملية أخرى، بينها اعتداءات على ارتباط بتنظيم "القاعدة" في بالي وكينيا، وقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل.
المحاكمة
ويصفه محاميه ديفيد نيفين بأنه رجل بارع لديه استراتيجيات جيدة للدفاع عن نفسه في المحكمة.
وخاض محاموه عام 2017 مفاوضات سعياً لإبرام اتفاق لإقرار موكلهم بذنبه لقاء عقوبة بالسجن مدى الحياة، على ما علم لدى المحكمة بعد عام، غير أن هذا الاتفاق لم يتحقق.
وبدا هذا الأسبوع في المحكمة واثقاً من نفسه وهادئاً، فتبادل أطراف الحديث مع محاميه، وحيّا صحافيين في الرواق المحمي بزجاج في مؤخرة القاعة.
ويقول محاموه إنه على علم على الأرجح باستعادة "طالبان" السيطرة على أفغانستان، وهو ما اعتبره تنظيم "القاعدة" انتصاراً كبيراً.