في ظل دعم أميركي غير محدود، تسعى إسرائيل بكل قوة إلى فرض واقع جديد في الضفة الغربية والقدس الشرقية لتعزيز الاستيطان في الضفة وتحويل المدن الفلسطينية إلى جزر معزولة وضرب حل الدولتين، مستغلة فرصة وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض.
ويدرك المسؤولون الإسرائيليون أن ترمب يشكل "لحظة استثنائية" في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأميركية، وينجز لإسرائيل ما لم ينجزه رئيسٌ أميركيٌ سابق وربما لاحق. وقد زادت الحكومة الإسرائيلية إنفاقها على المستوطنات في الضفة الغربية بحوالي 40 في المئة مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض في العام 2017، وفق بيانات حكومية إسرائيلية.
وعلى النقيض من ذلك، كان أدنى إنفاق على الاستيطان الإسرائيلي في العام 2009، وهو العام الذي وصل فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض.
وللمرة الأولى منذ 15 عاماً ارتفع الإنفاق الإسرائيلي في الضفة الغربية من 426 مليون دولار في العام 2016 إلى 459.8 مليون دولار في العام 2017.
وتشمل هذه الأرقام الإنفاق الحكومي على شقّ الطرق وبناء المدارس وإقامة البنية التحتية لبناء المستوطنات. أي أنها لا تتضمن عمليات البناء وشراء المنازل التي يقوم بها أفراد أو شركات أو جمعيات استيطانية. كما لا تشمل الإنفاق على الشرطة والتعليم والصحة والإنفاق العسكري ولا الإنفاق في القدس الشرقية المحتلة.
رئاسة ترمب
منذ وصول بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في العام 2009 وحتى نهاية 2018، أقامت إسرائيل حوالي 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة. كما انتقل 120 ألف مستوطن للإقامة في الضفة الغربية، وفق منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.
ووفق هذه المنظمة، المناهضة للاستيطان، فإن سياسات ترمب وضعت الأساس لحدوث "طفرة في عمليات الاستيطان في المستقبل القريب".
ووفق إحصاء غير رسمي، يوجد في الضفة الغربية والقدس الشرقية أكثر من 800 ألف مستوطن يقيمون في حوالي 200 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية.
وقالت هاغيت أوفران، الناشطة في "السلام الآن"، إن وصول ترمب إلى السلطة شجع الحكومة الإسرائيلية على التوسع في الاستيطان، مضيفة أنهم "لم يعودوا يخجلون مما يفعلون، ويشعرون بحرية أكبر في فعل ما يريدون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعمل الحكومة الإسرائيلية على ربط المستوطنات الصغيرة المنتشرة في الضفة الغربية والقدس بالتجمعات الاستيطانية عبر شبكة طرق، تمهيداً لفرض القانون الإسرائيلي عليها وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على أجزاء واسعة منها في ظل ضوء أخضر أميركي.
ودعا رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات يوحاي دماري نتنياهو إلى الإعلان فوراً، بعد تشكيل الحكومة، عن أنه سيقوم بتوسيع نطاق القانون الإسرائيلي ليشمل جميع المستوطنات اليهودية للاستفادة من فرصة تولي ترمب الرئاسة الأميركية، خصوصاً بعد نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
وقال رئيس المجلس الإقليمي يسرائيل غانتس، إن الحكومة الإسرائيلية لا يمكنها تفويت هذه الفرصة التاريخية، أي وجود ترمب في البيت الأبيض، كونه من غير المؤكد أن "تحدث مرة أخرى" في حال انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة.
السلام العادل
في المقابل، قال أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات إن تكثيف الاستيطان وفرض الحقائق الاحتلالية على الأرض، والاستيلاء على الأراضي وهدم البيوت "لن يخلق حقاً ولن ينشئ التزاماً".
وشدد عريقات على أن "السلام الشامل والعادل والدائم لن يتم عبر محاولات إيجاد معادلات للتعايش بين الضحية والجلاد، بين قوة الاحتلال والشعب تحت الاحتلال"، مضيفاً أن محاولات تغيير مرجعيات عملية السلام المتمثلة بالقانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة مصيرها الفشل.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن تعميق الاستيطان يشكك في قدرة المجتمع الدولي على إنقاذ حل الدولتين.
وشددت الوزارة على أن اليمين الحاكم في إسرائيل برئاسة نتنياهو ماض في تدمير ما تبقى من فرصة لتحقيق حل الدولتين، ويستعد بدعم أميركي غير محدود للإعلان عن "فشل حل الدولتين وفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات، ويؤسس علناً لنظام فصل عنصري بغيض في فلسطين المحتلة".
وأوضحت وزارة الخارجية الفلسطينية أن زيادة وتيرة التوسع الاستيطاني يضع المجتمع الدولي أمام اختبار جدي يتعلق بصدقية الدول، التي تدعي الحرص على تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وعلى الشرعية الدولية وقراراتها ومرتكزات النظام الدولي برمته.