نفذت جماعة الحوثي، صباح اليوم السبت، حكم الإعدام في تسعة أشخاص، اتهموا سابقاً بالضلوع في مقتل القيادي في الجماعة صالح الصماد في أبريل (نيسان) عام 2018 بغارة جوية نفذها التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن.
وقالت ميليشيات المتمردين في بيان لها، إن "النيابة العامة أعدمت المدانين رمياً بالرصاص في حضور حشد كبير من الأشخاص، منهم مسؤولون (حوثيون) وأقارب القتيل في العاصمة صنعاء، بعد أن دِينوا بالتورط في قتل الصماد، وتشمل التهم الموجهة لهم التجسس ونقل معلومات حساسة" إلى التحالف.
وكان الصماد الذي لقي حتفه مع ستة آخرين، أبرز مسؤول سياسي لدى الجماعة، ويشغل منصب الرئيس السابق لـ"المجلس السياسي الأعلى"، وهي هيئة شكلت من قبل جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام.
أحكام إعدام أخرى غيابية
ودان الجهاز القضائي في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي العديد من الأشخاص بتهمة "التورط" في الضربة الجوية، وأصدر أحكاماً بإعدام 16 شخصاً بينهم سبعة غيابياً، من ضمنهم قادة سياسيون يمنيون وآخرون أجانب، مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
جريمة قتل عمد
وفي سياق متصل، اعتبر وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن "أوامر القتل التي أصدرتها ميليشيات الحوثي بحق المدنيين التسعة جريمة قتل عمد مكتملة الأركان"، محذراً في تغريدات نشرها على موقع "تويتر" من إقدام ميليشيات الحوثي على تنفيذ مزيد من أعمال القتل الجماعية ضد المدنيين المناهضين لمشروعها الانقلابي.
وقال، "إن الجماعة ستقوم بـإعدام تسعة من أبناء محافظة الحديدة بينهم طفل، بعد إخضاعه لمحاكمة صورية بتهم ملفقة في أحد المحاكم غير القانونية الخاضعة لسيطرتها، ونحملها المسؤولية الكاملة عن حياتهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالب وزير الإعلام المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي والأميركي بالضغط على الحوثي لوقف تنفيذ "هذه الجريمة التي تفتح باباً خطيراً لتصفية مناهضي الانقلاب، وتمثل انتهاكاً لقوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، لكن مناشدات المسؤول اليمني لم تفلح في إيقاف عمليات الإعدام.
منظمات حقوقية
من جانبها، أصدرت منظمات حقوقية مثل "سام للحقوق والحريات"، و"التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان"، و"رايتس رادار لحقوق الإنسان"، ومؤسسة "دفاع للحقوق والحريات"، و"المركز الأميركي للعدالة"، و"رابطة أمهات المختطفين"، بياناً مشتركاً أعربت فيه عن إدانتها واستنكارها الشديدين لتنفيذ جماعة الحوثي حكم الإعدام في حق تسعة متهمين في قضية قتل رئيس المجلس السياسي الأعلى السابق "صالح الصماد" ومرافقيه، مشددة على أن الجماعة تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة أولئك الأشخاص لخرقها مجموعة من الاتفاقات الدولية أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية جنيف الرابعة وغيرها من المواثيق التي جرمت أي اعتداء أو تهديد لحياة الأفراد، إضافة تجريمها الإعدامات خارج إطار القانون.
خروقات واضحة
وبيّنت المنظمات في بيان صدر عنها، الجمعة، أن إجراءات نظر القضية أمام محاكم الحوثي التي سارت بمراحلها المختلفة، صاحبها خروقات واختلالات متعمدة وواضحة بحقوق وحريات المتهمين المحكوم عليهم، وهم "محمد قوزي، ومحمد نوح، وإبراهيم عاقل، وعلي القوزي، وعبدالملك حميد، ومعاذ عباس، وعبدالعزيز الأسود، ومحمد المشخري"، بدءاً من اعتقالهم، وحجز حرياتهم وإخفائهم قسراً في أماكن غير معلومة لأشهر عديدة دون معرفة أحد بما في ذلك أقربائهم وذويهم بمصيرهم، ولا أماكن احتجازهم المخفية حتى اللحظة مع المنع والحرمان من أي زيارة لهم أو تمكينهم من الاتصال وإبلاغ أي من أقربائهم أو من يرونه بما تعرضوا له، طيلة تلك الشهور الطويلة لمعاملة غير إنسانية وإيذاء مادي ومعنوي، وبما يجعل ما نتج عنها فاقداً أي مشروعية وغير صالح للاعتضاد به قضائياً، إضافة إلى حرمانهم من حقهم في توفير محامٍ للدفاع.
وأكدت المنظمات الحقوقية أن مرحلة المحاكمة شهدت تضييقاً مستمراً وغير مبرر على المتهمين وممثلي دفاعهم، ولم يمكنوا من حقهم في الدفاع، بل فاجأتهم المحكمة الابتدائية بأن أمامهم ثلاث جلسات متتالية فقط خلال أسبوعين فقط، وعندما طالب المتهمون برد القاضي جراء ذلك الإخلال المتعمد بحق الدفاع وجراء قيامه بإصدار قرار بتغيير الدعوى والادعاء بوقائع وأفعال خلافاً لقرار الاتهام، قام بحجز القضية للحكم قبل أن يتقدم المتهمون وممثلو دفاعهم أي مذكرة دفاع يتمكنوا من تقديم أدلة دفاعهم.
رفض الاستئناف
وعلى الرغم مما قدمه المتهمون الثمانية ومحاميهم من عرائض أمام محكمة الاستئناف وما أثاره من أوجه دفاع جوهرية ومطالبة المحكمة الاستئنافية بتمكينهم من تقديم أدلتهم التي تؤكد براءتهم وتلفيق التهمة إليهم، وكذا تقديم أوجه دفاعهم وتفنيد أدلة الادعاء مع طرحهم طلبات جوهرية تصب في كشف الحقيقة، فإن تلك المحكمة رفضت الطلبات وتسرعت في إيصاد باب العدالة في وجه المتهمين وممثلي دفاعهم وامتنعت عن سماع أدلتهم وأوجه دفاعهم وحجزت القضية للحكم دون أن تكفل حقهم في الدفاع ودون أن توفر لهم محاكمة عادلة.
وفي سياق متصل، قال عبدالمجيد صبرة، محامي المتهمين، عبر صفحته على "فيسبوك"، "لم أتمكن من استيعاب إعدام الضحايا كمحامي دفاع في هذه القضية يعلم كثيراً من تفاصيلها ويعلم يقيناً براءة هؤلاء المتهمين من أي مشاركه في اغتيال صالح الصماد ومرافقيه".
وهزت صورة سوق المتهمين إلى ساحة الإعدام بثيابهم الزرقاء اليمن والعالم، خصوصاً وجود طفل بينهم لا يكاد يستطيع الوقوف أمام هول الموت الماثل أمامه، مما أثار سخطاً في المشهد اليمني لا يزال في تصاعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام كافة.